أزمة غاز تخنق التحول الأخضر.. سنوات الخطر
عطل نقص الوقود العالمي الذي شل الأسواق من بريطانيا إلى الصين أجندة "بايدن" المناخية التي تواجه بالفعل تحديات، لتبدأ فعليا سنوات الخطر.
ويبدو أن أزمة الطلب المتزايد على الطاقة في أوروبا وآسيا، وبالتحديد الغاز الطبيعي، ستشكل تحديا لخطط الدول الكبرى إزاء المناخ، بعد خطوات بدأت بتنفيذها لخفض الانبعاثات الكربونية.
خلال الأسبوعين الماضيين، ارتفع الطلب الأوروبي على الغاز الطبيعي، لمستويات غير مسبوقة، لترتفع أسعاره كذلك لمستويات تاريخية، بالتزامن مع زيادة إمدادات دون التوقعات من جانب روسيا، التي تزود أوروبا بثلث احتياجاتها من الغاز.
واضطرت بعض المصانع لغلق أبوابها أمام العاملين، لعدم قدرتها على تلبية احتياجاتها من الغاز اللازم لتوليد الطاقة الكهربائية، فيما لا يتوفر كهرباء لدى بعض المقاطعات الصينية لمدة 24 ساعة.
هذا الشبح الذي يهدد أوروبا اليوم، يعني أن الدول الأعضاء فيها، ستكون أمام مفترق طرق خلال العامين الجاري والمقبل، الأول يتمثل في الالتزام باتفاقية المناخ وخفض استهلاك الطاقة، والثاني إعادة توليد الطاقة من مصادر أخرى كالفحم الحجري والنفط، ما يعني مزيدا من الانبعاثات الكربونية.
أوروبا والصين
هذه الأزمة تأثرت بها حتى اليوم بشكل خاص دول أوروبا والصين، بينما ما تزال بعيدة بعض الشيء عن السوق الأمريكية "أكبر منتج ومستهلك للنفط الخام في العالم بمتوسط يومي 17 مليون برميل".
ويمثل نقص الوقود العالمي الذي عطل الأسواق من المملكة المتحدة إلى الصين مزيدًا من المتاعب لأجندة بايدن المناخية التي تواجه بالفعل تحديات.
وفي مواجهة معارضة الديمقراطيين المعتدلين، يتفاوض البيت الأبيض الآن حول كيفية تقليص فاتورة الإنفاق الاجتماعي الرئيسية التي كان من المقرر أن تتضمن مجموعة من الأحكام المتعلقة بالمناخ، بما في ذلك مئات المليارات من الدولارات في شكل حوافز ضريبية للطاقة المتجددة وبرنامج مرافق للطاقة النظيفة.
حتى اليوم، لم تنجح الطاقة المتجددة في تلبية الاحتياجات الكاملة لعديد الاقتصادات الرئيسة حول العالم، مثل ألمانيا على سبيل المثال، والتي قد تتجه خلال وقت لاحق من هذا العام إلى الطاقة النووية لتوليد الكهرباء.
جدل متجدد
ويجادل مؤيدو الطاقة المتجددة بأن مشاكل الطاقة الأوروبية تظهر أهمية تسريع الانتقال بعيدا عن الوقود الأحفوري، حيث أدى اعتماد أوروبا على الغاز الطبيعي -بما في ذلك بعد إغلاق المحطات النووية في ألمانيا- إلى تفاقم أزمة إمداداتها.
ومرد هذه الدعوات للتحرك نحو الطاقة المتجددة، أنه لا يوجد نقص في أشعة الشمس ولا الرياح، حيث يمكن تسخير وتخزين تلك الطاقة النظيفة لاستخدامها في أي وقت، ليلا أو نهارا.
إلا أن الدول الأوروبية على وجه الخصوص، أمام تحدي توفير السيولة النقدية اللازمة لبناء مشاريع ضخمة لتوليد الطاقة الكهربائية من المصادر المتجددة، كالشمس والرياح والطاقة الكهرومائية.
لكن أصواتا أخرى، خصوصا داخل الولايات المتحدة، بدأت تتحدث عن أهمية تعزيز استثمارات نفطية جديدة في السوق الأمريكية، لتلبية الاحتياج العالمي للطاقة خلال الفترة المقبلة، وفتح مناقصات للتنقيب والحفر.
تحذيرات بشأن النمو
أمس الأربعاء، حذرت جمعية التعدين الوطنية الأمريكية من أن ارتفاع أسعار الكهرباء والطاقة في أوروبا يهدد الانتعاش الاقتصادي العالمي، ويمكن أن ينتشر عبر المحيط الأطلسي، حيث يتم تصدير المزيد من الغاز الطبيعي الأمريكي إلى الأسواق الأوروبية والآسيوية المتعطشة للوقود.
قالت المجموعة في مدونة على موقعها على الإنترنت: "الاعتماد على الفحم.. هذه هي الأزمة نفسها والسيناريو الذي يجب على الولايات المتحدة تجنبه بأي ثمن".