"الغاز والأمن" يشعلان حكومة ألمانيا.. هل ينهار الائتلاف؟
٣ أحزاب تشكل حكومة واحدة؛ حدث فارق في تاريخ ألمانيا، لكنه عبء من نوع خاص على الدولاب الحكومي وبرامج الأحزاب المشاركة بالائتلاف.
هذا هو تشخيص "داء" حكومة المستشار أولاف شولتز الحالية التي تضم الحزب الاشتراكي الديمقراطي "يسار وسط"، والخضر "يسار تقدمي"، والحزب الديمقراطي الحر "ليبرالي". وتقود البلاد منذ ديسمبر/كانون الأول 2021.
أحدث أزمة بين الأحزاب الثلاثة، كان بطلها نائب المستشار ووزير الطاقة والمناخ، روبرت هابيك "الخضر"، الذي ألقى حجرا ثقيلا في مياه الحكومة الراكدة، وأعلن عن مقترح لحظر استخدام الغاز والنفط في التدفئة، في مسعى لفرض أجندة حزب الخضر في مكافحة المناخ على الحكومة.
وفي اجتماع لحزب الخضر، تذمر هابيك من موقف الأحزاب الأخرى من مقترحه، وقال: "من غير المقبول أن يكون شريك واحد فقط في الائتلاف مسؤولاً عن التقدم والآخرون عن منع التقدم".
واشتكى هابيك من "النسيان السياسي" و"الارتكان إلى الأساليب القديمة" في الاشتراكي الديمقراطي والديمقراطي الحر.
وفي حالة غضب، كشف هابيك عن خطته لحظر استخدام الغاز والنفط في التدفئة في مقابلة مع صحيفة بيلد الألمانية، وشكك في إذا ما كان الحزب الاشتراكي الديمقراطي "حزب المستشار" والحزب الديمقراطي الحر "لا يزالان يرغبان في التوصل إلى اتفاق" حول هذا المقترح بحلول نهاية الأسبوع الجاري.
لكن خطة هابيك وطريقته في عرضها تثير كثيرا من الانتقادات، إذ قال السياسي بالحزب الاشتراكي الديمقراطي إيريك وايز، إن هابيك يتحرك تحت ضغوط داخلية في حزبه، لأن نائب المستشار يتنافس مع وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك، على قيادة حزب الخضر في الانتخابات المقبلة.
وتابع مخاطبا هابيك: "من يطالب بالتقدم، عليه أن يقدمه بنفسه".
ووفق صحيفة بيلد، فإن مشكلة هابيك الرئيسية تتمثل في أن خطته للتدفئة لا تحظى بشعبية لدى الناخبين، إذ يحصد حزب الخضر حاليًا 15 في المئة فقط من معدلات التأييد، وهو المركز الرابع خلف البديل من أجل ألمانيا "يمين متطرف".
لكن خلاف هابيك وباقي أحزاب الائتلاف الحاكم ليس أول مشكلة تضرب الائتلاف بهذا الشكل، إذ كانت زميلته في نفس الحزب، بيربوك، بطلة خلاف مدو مع المستشار شولتز الشهر الماضي، حول استراتيجية الأمن القومي.
خلاف الأمن
إذ تسببت خلافات بين بيربوك وشولتز حول بنود معينة في إعاقة إعلان استراتيجية الأمن القومي في ألمانيا، رغم عقد اجتماعات عاصفة لمحاولة التوفيق بين الطرفين.
هذا الفشل في التوصل لتوافق بين الطرفين، ضرب خطط بيربوك لإعلان استراتيجية الأمن القومي الجديدة، في كلمتها أمام مؤتمر ميونخ الشهير للأمن، الذي عقد في الأسبوع الثالث من فبراير/شباط الماضي.
وفيما يتعلق بطبيعة الخلاف بين شولتز وبيربوك حول استراتيجية الأمن القومي، فالأمر يتركز في نقطة رئيسية متعلقة باستحداث "مجلس الأمن القومي" على غرار التجربة الأمريكية، وطريقة عمله.
ويتمسك شولتز بأن يكون مجلس الأمن القومي الجديد تابعا للمستشارية، لكن بيربوك لا تريد التنازل عن المزيد من صلاحيات وزارتها للمستشارية، وتتمسك بأن يكون المجلس المستحدث تابعا لها مباشرة.
وفكرة إنشاء مجلس أمن قومي في ألمانيا ليست جديدة، بل إنها طرحت من قبل كثيرا، وكان دائما هناك خلاف بين المستشارية ووزارة الخارجية حول تبعية المجلس، لذلك تعطل إنجازه، وفق مجلة دير شبيغل الألمانية.
وطوال السنوات الماضية، لم تكن وزارة الخارجية تؤيد إنشاء هذا المجلس حتى لا تخسر المزيد من السلطات التنفيذية لصالح المستشارية، إذ كانت دائما قلقة من الاستمرار في فقدان نفوذها، خاصة أن المستشارية تولت بالفعل منذ فترة قضايا مهمة مثل السياسة الأوروبية أو إدارة أزمة أوكرانيا منذ اندلاعها في 2014.
لكن بيربوك وضعت فكرة إنشاء المجلس في قلب حملتها للانتخابات التشريعية في الصيف الماضي، وبعد توليها وزارة الخارجية، دفعت باتجاه تنفيذ الفكرة والدخول في تفاوض مع المستشارية لوضعه تحت إشراف وزارة الخارجية، لكنها لم تنجح في ذلك.
ووفق مراقبين، فإن عدم توصل أطراف الائتلاف الحاكم إلى خطوط توافقية واضحة في الملفات الخلافية، يمكن أن يعجل بانهيار الائتلاف الحاكم قبل الانتخابات التشريعية المقررة خريف 2025.
aXA6IDMuMjIuNDIuMTg5IA== جزيرة ام اند امز