"كابوس" عائدات الغاز يهدد استضافة قطر لـ"مونديال 2022 "
ستكون قطر أكبر الخاسرين من تغيير خريطة الطلب العالمي وتراجع أسعار الغاز، ما يعرض الدوحة لمخاطر تحول دون استضافة مونديال 2022.
خلال العامين المقبلين ومع دخول اكتشافات جديدة لإنتاج الغاز في السوق العالمية، خصوصاً من أفريقيا ستتغير خريطة إنتاج الغاز العالمية كلياً، وستكون قطر أكبر الخاسرين من هذا الوضع الجديد، الذي يعرضها لعدم الوفاء بميزانية ضخمة رصدتها سلفاً لتمويل استضافة مونديال 2022.
وتعول قطر في إنفاقها بسخاء على مونديال 2022 على عائداتها من الغاز، خاصة أن الغاز يعد المصدر الرئيس لميزانية الدوحة، وبالنظر إلى خريطة الطلب على الغاز، نجد أن قطر ستكون أكبر المتضررين، حيث بات لأمريكا نصيب الأسد من صادرات الغاز العالمية ما يعني تراجع الطلب عليه من قطر، ما سيؤدي عملياً إلى انهيار الأسعار وتراجع عائدات قطر من الغاز ومن ثم تعرض تمويل بنيتها التحتية لتحديات كبيرة.
ومن شأن الضغوط التي ستشهدها عائدات الغاز القطرية أن يرفع من المخاطر المحيطة باستضافة قطر كأس العالم 2022، حيث إن الدوحة مطالبة بإنفاق ما يزيد على 200 مليار دولار بشكل مبدئي على البنية التحتية لاستضافة مونديال 2022، فضلاً عن تعرض اقتصادها لضغوط رهيبة تجعل صندوق قطر السيادي يفقد 25 مليار دولار منذ مقاطعة الرباعي العربي للدوحة، حيث كانت أصول الصندوق نحو 345 مليار دولار قبل المقاطعة في حين بلغت في مايو/أيار الماضي نحو 320 مليار دولار.
وبالنظر إلى التضخم العالمي، نجد أن أصول صندوق قطر السيادي معرضة للتبخر حال اضطرت الدوحة للسحب منه لتمويل استضافة مونديال 2022، فضلاً عن تعرض عائدات الغاز للضرر البالغ نتيجة تغيرات خريطة الطلب وتراجع الأسعار العالمية.
ليس هذا فحسب، بل إنه من المتوقع ومع دخول دول أخرى مجال إنتاج الغاز الصخري بفضل التقنيات الجديدة، والتي أدت وتؤدي بصورة مستمرة إلى تخفيض تكاليف الإنتاج، ما ينعكس سلبا على قطر، فزيادة الإنتاج ستؤدي إلى انخفاض الأسعار والعائدات، ما يعرض قطر لانخفاض حاد في إيرادات الغاز، وبالتالي يعرضها لعدم الوفاء بمتطلبات التنمية والإنشاءات العقارية اللازمة لاحتضان مونديال 2022.
وتواصل قطر التي يقاطعها الرباعي العربي الداعي لمكافحة إرهاب الدوحة، خسائرها للعام الثاني على التوالي في تصدير الغاز الطبيعي، في ظل تغيير خريطة منتجي الغاز المسال في العالم خلال الفترة الأخيرة ودخول العديد من الدول السوق بقوة في ذلك المجال.
ومن شأن الإنتاج الجديد المتوقع هذا العام للغاز الطبيعي المسال في الولايات المتحدة ودول أفريقية عدة، ضرب العائدات القطرية في مقتل، خاصة مع ارتفاع كفاءة الغاز المسال في أفريقيا والتي ترتفع إلى أكثر من 140 مليون طن حتى بداية 2020، بمعدل زيادة 44% حتى عام 2020.
وبحسب المنظمة الدولية للطاقة، فإن الطلب العالمي ينبغي أن يتخطى من 245 (مليون طن في العام) عام 2015 إلى 375 (مليون طن في العام) عام 2020 وإلى 470 (مليون طن في العام) عام 2030.
وتؤكد تقارير غربية عدة أن خطط قطر للتوسع في إنتاج الغاز 30% خلال العام الحالي توقفت، بل وفي طريقها للانحسار، ما انعكس على التصنيفات الائتمانية الصادرة بحق مؤسسات قطرية، حيث خفضت وكالة موديز للتصنيف الائتماني مؤخراً توقعاتها لمستقبل 4 مؤسسات غاز قطرية من مستقر إلى سلبي، مشيرة إلى أنها يمكن أن تقوم بتخفيض تصنيفات شركة قطر للبترول في حال تراجع التصنيف السيادي لقطر.
وعزت موديز التخفيض إلى كون ملكية هذه الشركات حكومية، مؤكدة أن الشركات ستواجه صعوبات في الحصول على تمويل حكومي، ما سيجعلها تتخلف عن التزاماتها لتسديد ديونها.
وما يؤكد تردي وضع الشركات القطرية العاملة في قطاع إنتاج الغاز، ما أعلن بشأن دمج قطر شركتي رأس غاز وقطر غاز لخفض تكاليف التشغيل، كما جرى الاستغناء عن 500 موظف.
وبحسب تقرير لمؤسسة "كورنرستون غلوبال" للاستشارات حول المخاطر المحيطة بإقامة كأس العالم 2022 في قطر، فإن قطر ستنفق 200 مليار دولار على استضافة كأس العالم، ومن شأن التحديات التي تتعرض لها عائدات الغاز القطرية ضرب خطتها لتمويل متطلبات البنية التحتية لمونديال 2022.
ودفعت المقاطعة العربية لرفع كلفة المونديال ما بين 20 و25 في المائة للشركات التي تستورد المواد المستخدمة في مشروعات كأس العالم، فضلاً عن أن المشروعات أصبحت متأخرة عدة أشهر عن جدولها المحدد، ولم يفلح المقاولون والشركات في إقناع السلطات القطرية بتحمل فارق الزيادة في التكاليف.
وبلغ عدد قضايا الخلافات المرفوعة على قطر في غرفة التجارة العالمية بحلول 2015 ما يصل إلى 30 قضية، فيما وصل عدد القضايا على الدوحة في الغرفة في السنوات العشر السابقة إلى خمس قضايا، فضلاً عن ترقب عدد أكبر من قضايا تتخلف فيها قطر عن دفع مستحقات المقاولين والمتعاقدين، الذين يخشون نقل النزاع لغرفة التجارة العالمية، خشية من إنهاء أعمالهم في الدوحة.