بعد قرار بوتين الغاز مقابل الروبل.. "حلف العقاب" إلى مرحلة جديدة
يبدو أن الصراع بين الغرب وروسيا سيشتد، رغم قرار موسكو بعدم قبول مدفوعات بيع الغاز والنفط الروسي للدول "غير الصديقة" إلا بالروبل.
هذا ما حملته الساعات الأخيرة فور إعلان الرئيس الروسي أنه أمر "بنك روسيا" بتطوير آلية لمدفوعات الغاز الطبيعي بالروبل في غضون أسبوع، في اجتماع مع حكومته، بينما قالت روسيا -التي وصفت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأعضاء الاتحاد الأوروبي بالدول غير الصديقة- إنها ستواصل توريد الغاز لتلبية الطلبات.
بايدن يحشد الحلفاء الأوروبيين
يتأهب الرئيس الأمريكي جو بايدن للإعلان عن عقوبات جديدة ضد روسيا أثناء رحلته إلى أوروبا، وهي الأولى له خارج الولايات المتحدة منذ بدأت الحرب في أوكرانيا.
وسيشارك الرئيس الأمريكي جو بايدن وزعماء العالم، في ثلاث قمم في بروكسل تركز على الضغط على روسيا لإنهاء حربها في أوكرانيا.
والخميس 24 مارس/آذار، افتتح الأمين العام للناتو ينس ستولتنبرج اجتماع الخميس بالقول إن الحلف مصمم على الاستمرار في زيادة التكاليف على روسيا.
وكان مستشار الرئيس الأمريكي للأمن القومي جيك سوليفان قال للصحفيين على متن الطائرة خلال توجهها إلى بروكسل: "ما نود سماعه (من جانب حلفاء واشنطن) هو أن هذا الحزم المشترك الذي شهدناه خلال الشهر الفائت سيستمر ما دام ذلك ضروريا".
بالتالي سينضم بايدن في مناسبة زيارته إلى أوروبا إلى "حلفاء الولايات المتحدة لفرض عقوبات جديدة على روسيا وتعزيز العقوبات القائمة"، من أجل تجنب أن تلتف عليها موسكو كما قال سوليفان.
وأضاف أن الرئيس الأمريكي "سيعمل أيضًا مع الحلفاء على إدخال تعديلات على المدى الطويل" بشأن وجود حلف شمال الأطلسي في أوروبا الشرقية.
اتفاق أمريكي-أوروبي للطاقة بالأفق
وقال مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي جو بايدن إنه يتوقع أن يتم صباح الجمعة الإعلان عن اتفاق مع دول الاتحاد الأوروبي لتقليل الاعتماد على مصادر الطاقة الروسية، حسبما ذكرت وكالة بلومبيرج.
وقال سوليفان: "يعد تقليل اعتماد أوروبا على الغاز الروسي أولوية كبرى للرئيس وحلفائه الأوروبيين، هذا كل شيء، بالإضافة إلى خارطة الطريق العملية لكيفية القيام بذلك، والخطوات اللازمة لاتخاذها، وما يمكن للولايات المتحدة أن تسهم به، وما يتعين أن تقوم به أوروبا بنفسها".
وأضاف سوليفان: "كان هذا مادة للمناقشة المكثفة على مدار الأيام والأسابيع الماضية، ولدينا المزيد لنقوله بشأن هذه القضية، خصوصا يوم الجمعة".
وأشار إلى أن التركيز سيكون على تنويع الإمدادات الأوروبية من الغاز الطبيعي. وأضاف: "يمكنكم أن تتوقعوا أن تبحث الولايات المتحدة عن طرق لزيادة إمدادات الغاز الطبيعي، وزيادة الإمدادات لأوروبا، لا في غضون أعوام، بل في غضون شهور كذلك".
صعوبات أمام تطبيق القرار الروسي
من جانبهم، كشف محللون بأسواق النفط واقتصاديون عن صعوبات جمة أمام تطبيق قرار الرئيس الروسي، خاصة بالنظر إلى العقوبات الموسعة الموقعة على موسكو، بخلاف التزام معظم المستوردين بعقودهم الحالية طويلة الأجل التي لا تستند إلى الدفع بالروبل.
وقال الخبير المتخصص في قطاع النفط والغاز ومؤسس شركة "فيروسي" لإدارة الاستثمارات والاستشارات المالية سيريل ويدرسهوفن، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن تصريحات بوتن "لن تفعل على أرض الواقع، إذ سيلتزم معظم مستوردي الغاز الروسي الحاليين بعقودهم الحالية طويلة الأجل، والتي لا تعتمد على الدفع بالروبل أو تنص عليها".
وأضاف ويدرسهوفن أنه "إذا تمسكت موسكو بهذا القرار سيحدث خرق كبير في التعاقدات، مما يعني ضرورة بدء مفاوضات لتوقيع عقود جديدة في الواقع. وبالنظر إلى وجهة النظر الحالية التي تتبناها أوروبا فلن تكون هذه عملية سهلة، حتى لو أخذت في الاعتبار من قبل أي من الدول الأوروبية المستوردة".
وتابع: "في الوقت الحالي، رفض مستوردو الغاز الطبيعي البارزون بالفعل، مثل إيطاليا، صراحة حتى التفكير في هذا الخيار".
وأوضح ويدرسهوفن أنه "بشكل عام الدولار يعد العملة الحقيقية التي يتم استخدامها لتداول السلع بأكثر من 90% من المعاملات الدولية، ويحتل اليورو المرتبة الثانية، في حين أن قوة الروبل في الأسواق المالية الدولية تكاد تكون غير موجودة".
مصر والجزائر بدائل تنافسية للأوروبا
وعن تأثير القرار الروسي، كشف ويدرسهوفن أنه "من جانب البلدان المستهلكة لا يمثل ذلك تهديدا في الوقت الحالي، حيث إن الربيع والصيف عادة الموسم الذي لا يوجد فيه طلب محلي حقيقي لشحنات إضافية. ومع ذلك، يمكن ربط تصريحات بوتين بضرورة أن الدول الأوروبية ستحتاج إلى إعادة ملء خزانات الغاز الحالية الخاصة بها لفصل الصيف".
وبالنظر إلى الأطراف التي قد تربح من هذا القرار، قال ويدرسهوفن، إنه يمكن الاتجاه للاعتماد على الغاز من مصر أو الجزائر لملء الفراغ الذي سوف يسببه القرار الروسي.
واتفق مع هذا الرأي المحلل الاقتصادي رئيس معهد بنك فنلندا للاقتصاديات الناشئة إيكا كورهونين، إذ يرى صعوبة في تطبيق هذا القرار "حيث إن المستوردين عليهم أن يحلوا قيمة التعاقد بالدولار واليورو إلى روبل روسي، في حين أن الغرب يشدد عقوباته على موسكو حاليا".
ولفت كورهونين في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، إلى أنه "لتطبيق هذا القرار يجب على المصدرين بالفعل إعادة 80% من عائدات صادراتهم، في حين أنه من المفترض أنهم يستبدلون الدولار واليورو بالروبل الروسي في موسكو، وسيحتاج العملاء الآن إلى القيام بذلك".
واعتبر وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك أن مطلب الرئيس الروسي لدفع ثمن إمدادات الغاز بالروبل "خرق لعقود التسليم".
وأشار هابيك إلى أنه سيناقش مع الشركاء الأوروبيين ردا محتملا على إعلان موسكو بشأن مدفوعات الغاز، التي جرت العادة على أن تدفع بالدولار.
جدير بالذكر أن بيانات شركة "غازبروم" الروسية تشير إلى أن 58% من مبيعاتها من الغاز الطبيعي إلى أوروبا ودول أخرى حتى أواخر يناير/كانون الثاني الماضي جرت تسويتها باليورو، فيما شكّل الدولار حوالي 39% من إجمالي المبيعات، والجنيه الإسترليني نحو 3%.