الغاز مقابل الروبل.. كيف يرى المستوردون قرار "بوتين"؟
تعمل موسكو منذ سنوات على وقف ربط اقتصادها بالدولار، بهدف الحد من آثار العقوبات وكان آخر هذه المحاولات تسعير الغاز بالروبل الروسي.
وجّه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الحكومة الروسية بتحويل مدفوعات صادرات الغاز الطبيعي من روسيا نحو أوروبا إلى عملة الروبل بدلا من اليورو في غضون أسبوع.
وقال بوتين، خلال اجتماع حكومي عقد أمس الأربعاء، إن عددا من الدول الغربية اتخذت قرارات غير شرعية خلال الأسابيع الماضية بتجميد الأصول الروسية، الأمر الذي أظهر تقاعس الغرب في الوفاء بالتزاماته، وزعزع الثقة بعملاته.
وشدد بوتين خلال اجتماع حكومي على أنه "لا معنى لتوريد السلع الروسية للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وتلقي المدفوعات باليورو والدولار". وتابع: "الدولار عملة لا يمكن الوثوق بها".
وأصدر بوتين تعليمات للبنك المركزي ومجلس الوزراء "لتحديد إجراءات المعاملات مع أوروبا بالروبل الروسي في غضون أسبوع".
- سعر الروبل الروسي اليوم الخميس 24 مارس 2022.. ارتفاع بطعم النفط
- تداعيات الحرب.. كيف تواجه الحكومات أزمة إمدادات الغذاء؟
وأكد الرئيس الروسي أن بلاده ستواصل توفير إمدادات الغاز بحسب العقود المبرمة، على الرغم من اتخاذ عدد من الدول "قرارات غير قانونية" بتجميد أصول روسيا.
عقوبات غربية
وفرضت الدول الغربية عقوبات مشددة على موسكو منذ أن بدأت غزوها لأوكرانيا. وجمّد الغربيون حوالى 300 مليار دولار من الاحتياطي الروسي الموجود في الخارج، في خطوة وصفها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الأربعاء بانها «سرقة».
وفرضت واشنطن حظرا على استيراد الغاز والنفط الروسيين، إلا أن الاتحاد الأوروبي الذي استورد من روسيا نحو 40 بالمئة من احتياجاته من الغاز في العام 2021 لم يفرض حظرا مماثلا.
لكن بروكسل أعلنت مؤخرا أنها تعتزم تقليص وارداتها من الغاز الروسي بمقدار الثلثين بحلول نهاية العام، كما تبحث في فرض حظر على النفط الروسي.
ذكرت وكالة الإعلام الروسية أن نائب رئيس الوزراء ألكسندر نوفاك قال، الأربعاء، إن العقوبات الغربية تقوض الثقة بتجارة النفط بالدولار واليورو.
ونقلت الوكالة عن نوفاك قوله أيضا إن السوق سيعاد تشكيلها إذا توقفت أوروبا عن شراء النفط الروسي.
المحلل تيموثي آش في مركز «بلوباي آسيت ماناجمنت» اعتبر أنه «من الصعوبة بمكان اعتبار خطوة بوتين إيجابية للروبل».
وقال إن بوتين يسعى بشكل أساسي إلى إجبار الدول الغربية على التعامل مع المصرف المركزي الروسي الذي فرضت عليه عقوبات.
واعتبر أن هذا الأمر سيدفع بتنويع الموارد بعيدا من الطاقة الروسية.
عوائق التنفيذ
وبحسب مجموعة «لوكو إنفست» للاستثمار، تشكّل الدول التي تم تصنيفها «غير صديقة» أكثر من 70% من الجهات المستوردة للطاقة الروسية من حيث الإيرادات.
وشددت المجموعة أيضا على المخاطر التي يشكّلها نفاد مخزون شركة جازبروم من العملات الأجنبية على قدرتها على سداد ديونها في المستقبل.
لكن المحلل آندرو وايس في «مؤسسة كارتيغي» اعتبر أن «بوتين يعرف بالتأكيد كيفية إقامة رافعة واستغلالها».
وأشار على تويتر إلى أن «بوتين استخدم بصورة روتينية التصعيد في أوضاع كهذه لتخريب مخططات خصومه»، مشددا على عدم وجود ما يدعو إلى اعتبار أن هذا الأمر قد تغيّر.
وتسببت العقوبات الاقتصادية الصارمة، التي فرضتها الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين، في تدهور النظام المصرفي الروسي، وإحداث انهيار حاد في قيمة الروبل مقابل العملات الأجنبية.
وبعد إعلان بوتين، قفز سعر الروبل مقابل الدولار بنسبة 8.27%، للمرة الأولى في نحو 3 أسابيع، ليتراجع سعر صرف الدولار بعد تعاملات الأربعاء، دون مستوى 95 روبلا.
كما ارتفعت أسعار النفط، إذ وصل سعر برنت إلى 122.24 دولار للبرميل، والخام الأمريكي إلى 115.18 دولار.
خرق للعقود
واعتبر وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك أن مطلب الرئيس الروسي لدفع ثمن إمدادات الغاز بالروبل "خرق لعقود التسليم".
وأشار هابيك إلى أنه سيناقش مع الشركاء الأوروبيين ردا محتملا على إعلان موسكو بشأن مدفوعات الغاز، التي جرت العادة على أن تدفع بالدولار.
جدير بالذكر أن بيانات شركة "غازبروم" الروسية تشير إلى أن 58% من مبيعاتها من الغاز الطبيعي إلى أوروبا ودول أخرى حتى أواخر يناير الماضي جرت تسويتها باليورو، فيما شكّل الدولار حوالي 39% من إجمالي المبيعات، والجنيه الإسترليني نحو 3%.
تجميد أصول
جمدت بريطانيا أصول غازبرومبنك وألفابنك الروسيين، وشركة سوفكوم فلوت للشحن المملوكة للدولة، في أحدث جولة من العقوبات التي أعلنت عنها اليوم الخميس.
كان هؤلاء من بين 59 فردًا وكيانًا أُضيفوا إلى قائمة العقوبات التي استخدمت لاستهداف موسكو منذ غزو روسيا لأوكرانيا.
ويعد غازبرومبنك إحدى القنوات الرئيسية لدفع ثمن النفط والغاز الروسيين. أما ألفابنك فهو أحد أكبر المقرضين من القطاع الخاص في روسيا، ويخضع لسيطرة ميخائيل فريدمان، الذي فرضت عليه بريطانيا عقوبات في وقت سابق من هذا الشهر، وشركائه.
وكشفت بريطانيا أن أحدث العقوبات تجعل إجمالي قيمة الأصول العالمية للبنوك الروسية التي فرضت عليها لندن عقوبة منذ الغزو عند 500 مليار جنيه إسترليني، فيما تصل بالقيمة الصافية لثروات أعضاء الأوليغارشية المقربين من الرئيس الروسي إلى ما يزيد عن 150 مليار جنيه إسترليني.
قالت وزارة الخارجية البريطانية إن من بين الأفراد الخاضعين للعقوبات قطب النفط إيفجيني شفيدلر، ومؤسس بنك تينكوف، أوليج تينكوف، وجيرمان جريف، الرئيس التنفيذي لسبيربنك أكبر بنك في روسيا.
وقالت بريطانيا إنها استهدفت أيضا بولينا كوفاليفا، التي قالت إنها ابنة زوجة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف. وأضافت الحكومة أنها تمتلك عقارًا بقيمة 4 ملايين جنيه إسترليني في لندن، بحسب ما ورد.
واستهدفت العقوبات أيضا شركة السكك الحديدية الروسية وشركة الدفاع كرونشتادت المنتج الرئيسي للطائرات الروسية المسيرة. كما تمت معاقبة مجموعة فاغنر العسكرية الخاصة.
aXA6IDE4LjIyMy4xOTUuMTI3IA== جزيرة ام اند امز