قمتان عربية وإسلامية لمواجهة ترامب.. خبراء يكشفون لـ«العين الإخبارية» النتائج المتوقعة

تحركات مصرية مكثفة على وقع تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالمضي في مخطط تهجير الفلسطينيين من غزة.
وتهدف تلك التحركات الدبلوماسية المكثفة إلى حشد دعم عربي وإقليمي واسع للتصدي لمشروع الرئيس الأمريكي، الذي قوبل برفض عربي ودولي واسع النطاق.
وأعلنت مصر، أمس الثلاثاء، عقد قمة طارئة لمنظمة التعاون الإسلامي بشأن القضية الفلسطينية، بعد القمة العربية الطارئة المقررة في القاهرة في 27 فبراير/شباط الحالي.
وأعلنت وزارة الخارجية المصرية في بيان لها أن "هناك توافقًا مبدئيًا على عقد اجتماع وزاري طارئ لمنظمة التعاون الإسلامي بعد القمة العربية الطارئة المقرر عقدها في القاهرة يوم 27 فبراير/شباط الجاري، وذلك لتأكيد ثوابت الموقف الفلسطيني والعربي والإسلامي بشأن القضية الفلسطينية".
وقال دبلوماسيون وسياسيون بارزون في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية" إنه لا بديل عن موقف عربي وإسلامي حاسم، في ظل ما يطرحه الرئيس الأمريكي من مخططات خطيرة.
وأكد الخبراء أن مصر تمتلك رؤية واضحة ومحددة، وتقود تحركًا عربيًا لتنفيذها، عبر امتلاك خطة بديلة لمقترح ترامب، تحمل رؤية شاملة لإعادة إعمار غزة. وفسروا في الوقت ذاته ضغط إدارة ترامب خلال الأيام الماضية بإخلاء غزة من سكانها كورقة للمساومة من أجل القبول لاحقًا بمخطط يستهدف "شرعنة المستوطنات" بضم الضفة الغربية لإسرائيل.
موقف موحد
من جانبه، قال وزير الخارجية المصري الأسبق محمد العرابي، رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، إن "القمة العربية والأخرى الخاصة بمنظمة التعاون الإسلامي فرصة كبيرة للتعبير عن موقف وصوت موحد إزاء تهديدات الرئيس الأمريكي".
وأضاف العرابي لـ"العين الإخبارية" أن "المطلوب على وجه السرعة في هذه المرحلة العمل على حشد رأي عام ضد خطط ترامب الخطيرة".
وأعرب عن اعتقاده ضرورة صياغة موقف عربي موحد لا توجد به تباينات أو اختلافات، في ظل ما يطرحه ترامب، وتحركاته التي تأتي خارج كل الأعراف الدولية والقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، داعيًا إلى عدم الاستخفاف بخطوات الرئيس الأمريكي وتصريحاته.
واستبعد العرابي إمكانية تراجع ترامب عن أفكاره بشأن تهجير الفلسطينيين في الوقت الحالي، قائلًا: "سيظل ترامب يكرر أفكاره، ولا يجب الركون إلى فكرة تنازله عن أفكاره".
وشدد العرابي على أن محاولة تهجير أو تشجيع نقل أو اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم، سواءً بشكل مؤقت أو طويل الأجل، لن تجلب الأمن لإسرائيل، وسيؤدي إلى مزيد من الاضطرابات وزعزعة استقرار المنطقة، كما سيقوض فرص السلام.
غير قانونية
بدوره، وصف السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، أفكار ترامب بأنها "غير مدروسة وغير قانونية، وبمثابة جريمة حرب في ظل تداعياتها الخطيرة على القضية الفلسطينية".
وأكد حسن لـ"العين الإخبارية" أن وحدة الصف العربي والإسلامي قوة لا يستهان بها في مواجهة كل التحديات والمخاطر، قائلًا إن "القمة العربية، ويليها الإسلامية، ستكونان متطابقتين في النتائج بالتأكيد على رفض تهجير الفلسطينيين، والتحرك سريعًا لإعادة إعمار غزة، والالتزام بوقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات وفتح المجال أمام إنشاء الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية".
وتوقع أن القمة العربية وقمة منظمة التعاون الإسلامي ستتخذان مواقف موحدة برفض مقترح ترامب الذي يحمل نتائج خطيرة بتصفية القضية الفلسطينية.
وقال إن الدول العربية والإسلامية ستؤكد ضرورة حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية، لأنها الحل الوحيد لاستقرار الأوضاع في المنطقة، وضمان أمن وسلامة الفلسطينيين والإسرائيليين.
وشدد على أن "الموقف المصري ثابت بأن يتم الإعمار وأهالي غزة على أرضهم، وهو ما ترفضه إسرائيل التي منعت دخول الخيام للقطاع، حيث لم يدخل سوى 20 ألف خيمة من 200 ألف تم الاتفاق عليها ضمن بنود اتفاق وقف النار".
ورأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق أن ترامب يضغط في المرحلة الحالية بقوة حتى يساوم في مرحلة لاحقة إما الموافقة على خطة التهجير، وإما القبول بضم المستوطنات في الضفة الغربية لإسرائيل، والتي تمثل 60% من الضفة، وهو مطلب للحكومة اليمينية الإسرائيلية.
خطة بديلة
"الرؤية المصرية شديدة الوضوح، والتحركات الدبلوماسية شاملة، وستتمكن مصر والأطراف العربية من التصدي لتهديد ترامب الخطير"، هذا ما أكده الدكتور أحمد يوسف أحمد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة.
وقال يوسف لـ"العين الإخبارية" إن ترامب لن يتمكن من فرض رؤيته بالقوة العسكرية، لأن إسرائيل بآلتها العسكرية الضخمة لم تستطع على مدار 15 شهرًا إجبار الفلسطينيين على ترك أراضيهم وتهجيرهم قسرًا، ولم تنكسر إرادة الشعب الفلسطيني".
وأشار يوسف إلى التباين النسبي في الموقف العربي من القضية الفلسطينية، مثل الاختلاف حول جدوى الأسلوب العسكري في المقاومة، إلا أنه أعرب عن تفاؤله بإمكانية التوصل لموقف عربي موحد.
وقال: "نحن اليوم في وقت لا يحتمل أي خلاف، فنحن أمام رئيس يطرح أفكارًا غير مسبوقة لا سند قانونيا لها، ولا يبدو أنه يدرك أي اعتبارات"، مضيفًا أن "ترامب تجاوز كل الاعتبارات، ومن المؤكد أن القمة العربية ستطرح موقفًا موحدًا لرفض مقترحات الرئيس الأمريكي".
ونوه إلى أن هناك تحركًا عربيًا تقوده مصر يتعلق بوجود خطة شاملة لإعادة إعمار غزة دون تهجير أهلها، مشيرًا أيضًا إلى أنه قد يتم التلويح بإجراءات يمكن اتخاذها بخصوص العلاقات العربية مع الولايات المتحدة في حال إصرار ترامب على موقفه.
وشدد على أن مصر لديها مبدأ لا يمكن التنازل عنه، وقال: "إزاء طرح ترامب بالتهجير، تحركت القاهرة فورًا وأصدرت عددًا من البيانات الواضحة، بالتزامن مع الدعوة لقمتين عربية وأخرى إسلامية، لذا فإن هناك رؤية واضحة ومحددة وتحركات واضحة جدًا لتنفيذ هذه الرؤية".
ظهير عربي وإسلامي
كما أعرب الدكتور بشير عبدالفتاح، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، عن أمله أن يكون هناك موقف عربي وإسلامي صارم وحاسم وموحد ضد مخطط التهجير.
وقال عبد الفتاح لـ"العين الإخبارية" إنه لا بديل عن هذا الموقف أمام تصريحات ترامب وتجاوزاته الخطيرة.
وأكد أن الإعلان عن القمة العربية وقمة منظمة التعاون الإسلامي قبل زيارة الرئيس السيسي لأمريكا ولقاء ترامب، يعطي للرئيس المصري قوة وزخمًا في موقفه التفاوضي ضد مخطط الرئيس الأمريكي.
واعتبر أن القمتين العربية والإسلامية ستعملان على توفير ظهير عربي وإسلامي قوي للموقف المصري والأردني والسعودي ضد أي محاولات ابتزاز أمريكية"، مشددًا على أن "سيناريو التهجير قطعًا لن يمر في وجود موقف عربي وإسلامي قوي وموحد".
وأشار عبدالفتاح إلى أن التحركات المصرية أثبتت لترامب صلابة الموقف العربي والإسلامي، مضيفًا أن "العرب متمسكون بالشرعية الدولية، وهو ما يقوي من موقفهم المدعوم دوليًا".