«فقط كوب ماء لأمي».. محنة غزة تدمي قلوب فلسطينيي الخارج
يشعرون بالذنب فقط لأنهم قادرون على احتساء كوب من الماء، فيما تواجه أسرهم وأقاربهم في غزة العطش والموت والرعب.
مزيج من مشاعر الذنب والخوف يطارد فلسطينيين يعيشون في الخارج، في حين يواجه أقاربهم داخل القطاع كارثة مأساوية مستمرة.
ومع الانقطاع المتكرر للاتصالات في غزة، لا يمكن للفلسطينيين في الخارج التواصل مع عائلاتهم إلا من خلال رسائل نصية متفرقة عبر تطبيق «واتساب» أو المكالمات الهاتفية، ويشعر الكثيرون باليأس بل إن بعضهم لا يكاد يأكل أو ينام.
والعديد من الفلسطينيين في الخارج نشؤوا في غزة ويعرفون ما يعنيه الهروب من غارة جوية، وكيف يتحول الزجاج المهشم إلى شظايا، ورغم يقينهم أن وقف القصف ليس بيدهم إلا أن البعض يتمنى لو كان هناك مع عائلته.
«فقط.. كوب لأمي»
مثلها مثل الكثيرين حول العالم الذين لديهم عائلات في غزة، تشعر ريم الفرنجي بالذنب لمجرد شرب كوب من الماء وهو عمل بسيط بمنزلها في الأردن، لكنه رفاهية بالنسبة للمحاصرين في غزة.
وقالت ريم لصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية: «في كل مرة أشرب فيها الماء، أتمنى في نفسي أن أعطي كوباً واحداً لأمي».
وأشارت إلى أن الانفجارات أرعبت والدها المريض بـ«ألزهايمر» والذي لا يستطيع أن يفهم ما يحدث حوله، لكنه يشعر أحيانا بالخوف الشديد، بسبب الأصوات.
وذكرت أن قريبا لها بدأ يعاني من الفشل الكلوي في الأيام الأولى للغارات وحاول دخول مستشفى القدس أو الشفاء لكن لم يجد مكانا وتوفي بعد يومين.
وقالت: «الأسرة شعرت أنها محظوظة لأنها تمكنت من دفن جثته، لأنه حتى القبور يصعب العثور عليها».
بلا «كيف حالك»
تقول ريم إنها توقفت عن بدء رسائلها النصية بـ«كيف حالك؟» لأن الجميع في غزة يردد: «نحن ننتظر دورنا لنموت».
وهو نفس ما يسمعه محمد العبادلة من معارفه في غزة، وهو المقيم في دبي حيث يقضي أيامه ملتصقاً بالأخبار لأنها غالباً ما تكون الطريقة الوحيدة لمعرفة ما إذا كان والداه على قيد الحياة.
وقال: «من الصعب للغاية بالطبع رؤية هذه الصور ومقاطع الفيديو ومعرفة أن عائلتك ليست آمنة».
وأضاف أنه لا يستطيع تقديم المساعدة لعائلته التي تعرف ذلك ولا تريده أن يقلق فيخبره أفرادها بأنهم بخير وهو يعلم أن ذلك ليس صحيحا.
«الذنب يقتلني»
من جانبه، قال محمد صلاح عرفات، الذي يعيش في العاصمة الأمريكية واشنطن وله أخ يعيش في غزة: «عندما يتعلق الأمر بالطعام والحرية والحقوق وحرية الحركة، فإن الشعور بالذنب يقتلني».
وأوضح عرفات (30 عاما) والذي غادر غزة في عام 2018، أنه يعاني من الشعور بالذنب بسبب العيش المريح في الولايات المتحدة، بينما تعاني عائلته من الصعوبات في القطاع.
وأشار إلى أن شقيقه فارس كان يعمل ممرضا متطوعا في مستشفى الشفاء حيث يعيش على علبة من الفاصوليا يوميًا، وكان يسخنها عن طريق غمس قطعة من القطن في الكحول وإشعال النار فيها.
وعندما نفدت الحبوب، لجأ إلى محلول الإلكتروليت الذي يقدمه المستشفى عادة للمرضى، وذلك قبل أن يغادر المستشفى الذي داهمته القوات الإسرائيلية الأسبوع الماضي.
وقال عرفات: «لقد بكيت كل يوم تقريباً منذ بداية الحرب، وحتى قبل أسبوعين.. لقد أصبحت مخدرًا، وبلا مشاعر، لكنني لا أعرف كيف أكتم مدى حزني بعد الآن».
ولادة دون مسكنات
أما إيمان أيمن (29 عاما) التي تعيش في بريطانيا، فبكت وهي تروي كيف ولدت شقيقتها في مستشفى بغزة دون مسكنات.
وقالت إن شقيقتها التي كانت تدرس لتصبح طبيبة أورام كانت حاملاً عندما اندلعت الحرب، وكانت قد انتهت من تزيين غرفة الطفل.
وأضافت أنه في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تاريخ هجوم حماس، كان عليها الذهاب للمستشفى للولادة لكن الطرق امتلأت بالركام، والسيارات غاب عنها الوقود فمشت لمدة ساعة تقريبًا مع والدتها وشقيقها، وعندما وصلوا المستشفى اضطرت للانتظار 18 ساعة للحصول على سرير.
وأوضحت أن شقيقها الذي انتظر في الردهة «الملطخة بالدماء»، أخبرها أنه أغمض عينيه حتى لا يرى الجثث والأشلاء التي يحملها العاملون الطبيون.
aXA6IDMuMTI5LjQ1LjE0NCA= جزيرة ام اند امز