إسرائيل بعد عملية «النصيرات».. 3 سيناريوهات
رغم البهجة التي سادت إسرائيل حكومة وشعبا بإخراج 4 رهائن من غزة، إلا أن ثمة إدراكاً بأن ما حدث استثنائي، وأن تكراره سيكون صعبا للغاية.
فبعد أكثر من 8 أشهر من الحرب توفرت الظروف التي سمحت بعملية خاصة في مخيم النصيرات في وسط قطاع غزة، لكن السؤال الأبرز هو: هل يمكن تكرار ما حدث في ظل بقاء 120 رهينة في غزة؟ وكم سيستغرق ذلك من الوقت؟
إلا أن الإشكالية الرئيسية التي تواجه إسرائيل منذ بداية الحرب هو أنه تم تقسيم الرهائن الإسرائيليين إلى مجموعات صغيرة لا تزيد كل منها عن أصابع اليد الوحدة وتوزيعهم في كل غزة، سواء بالأنفاق تحت الأرض أو في منازل وأبنية فوق الأرض.
أما الإشكالية الأبرز فهي أن إسرائيل لا تمتلك معلومات استخبارية دقيقة عن مواقع وجود الرهائن.
ووسط تقديرات بأن ما جرى في النصيرات سيدفع «حماس» الى تغيير أماكن الرهائن وتشديد الحراسة عليهم، فإن هذا يضع إسرائيل أمام 3 سيناريوهات:
- الأول: أن تعتمد على الرأي القائل بأنه فقط الضغط العسكري يعيد الرهائن.
- الثاني: أن تعتمد على المفاوضات لإعادة الرهائن.
- الثالث: مزيج بين المفاوضات والضغط العسكري لتحسين فرص المفاوضات.
ولوضع السيناريوهات ما بعد عملية النصيرات التي أطلق عليها عملية «أرنون»، في إشارة الى ضابط الوحدة الشرطية الخاصة «يمام» الذي قتل في العملية أرنون زمورا، والذي رفع بمقتله عدد أفراد وضباط الشرطة الذين قتلوا منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي إلى 63، فإنه يتوجب الجواب على سؤال حول ما إذا كانت العملية قابلة للتنفيذ.
ويقول المحلل الأمني في القناة 12 الإخبارية الإسرائيلية أوهاد حامو في تحليل تابعته «العين الإخبارية»: «لتحرير الرهائن في عملية عسكرية نحتاج إلى شيئين: الأول، معلومات استخباراتية دقيقة وموثوقة، والآخر هو القدرة التشغيلية».
واستدرك: «في بعض الحالات، تكون المعلومات المتعلقة بالمختطفين متاحة بشكل تقريبي، لكن المشكلة تكمن في القدرة العملياتية التي ستسمح بإنقاذهم أحياء».
بدوره، قال المحلل في ذات القناة الإسرائيلية يارون أبراهام: «لم يتم حل مشكلة إسرائيل الاستراتيجية، حتى بعد عملية إنقاذ المختطفين الأربعة الناجحة».
وأضاف: «علينا أن نقول بصراحة: الصور التي تلقيناها اليوم تبعث على الارتياح، لكن جميع كبار المسؤولين في إسرائيل يدركون أنه سيكون من الصعب للغاية الاستمرار في المزيد من مثل هذه العمليات، وأن السبيل إلى إطلاق سراح عدد كبير من المختطفين هو من خلال صفقة».
وتابع أبراهام: «تم حتى الآن إنقاذ 7 مختطفين أحياء في عملية عسكرية، ووصل 110 مختطفين في صفقة» في إشارة الى اتفاق نهاية العام الماضي.
لكن ما آلية تحقيق السيناريوهات؟
السيناريو الأول: الضغط العسكري
تدفع عملية إخراج 4 رهائن من غزة حالة من النشوة لدى الكثير من الإسرائيليين، لا سيما اليمين المتطرف الذي يرفض التوصل إلى أي اتفاق يفضي لإطلاق سراح أسرى فلسطينيين من السجون الإسرائيلية ووقف حرب غزة.
وهذا ما برز في تعليق وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير الذي قال: «إن العمل البطولي للبحرية والقوات الأمنية الأخرى يدل على أن هناك أملا، وأنه من الممكن دحر الأعداء، وإعادة المختطفين إلى بيوتهم وعدم نسيانهم».
وأضاف بن غفير: «فقط من خلال الضغط العسكري الكبير والمتواصل، نستطيع إعادة بقية المختطفين إلى منازلهم».
الأمر نفسه أشار إليه وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، قائلا في تعليق: «هذه هي الطريقة الوحيدة التي سننتصر بها معًا في إسرائيل».
أما المعلق العسكري في القناة 14 الإسرائيلية هيلل بيتون روزن فكتب في منصة «إكس» (تويتر سابقا): «لقد حان الوقت لاتخاذ قرار شجاع: سنطلق سراح مختطفينا بقوة السلاح ومن خلال الضغط السياسي الشديد على حماس».
وأضاف: «تم إطلاق سراح 26 من المختطفين خلال عمليات عسكرية، 7 منهم على قيد الحياة، لا تعقدوا صفقات مع الشيطان».
ورد عليه المعلق البارز في صحيفة «معاريف» بن كسبيت: هل هذا حقيقي؟
كما أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يميل إلى صفقة تؤدي إلى انتهاء الحرب لأن من شأن ذلك التوجه إلى انتخابات مبكرة وانتهاء حكومته.
السيناريو الثاني: المفاوضات
تفضل عائلات 120 رهينة ما زالوا في غزة، السيناريو الثاني، وتضغط بقوة على الحكومة الإسرائيلية.
وقد تظاهر عشرات الآلاف عند بوابة بيغن «للكيريا»، أي وزارة الدفاع، في تل أبيب لمطالبة الحكومة بقبول صفقة إطلاق سراح الرهائن. كما طالبوا بإجراء انتخابات مبكرة في إسرائيل.
وفي القدس الغربية تظاهر المئات مطالبين الحكومة بقبول الصفقة المطروحة حالياً على الطاولة.
كما أن الولايات المتحدة الأمريكية ما زالت تطالب إسرائيل بالموافقة على صفقة لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة.
فقد قال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان في بيان اطلعت «العين الإخبارية» على نسخة منه، السبت: «تدعم الولايات المتحدة جميع الجهود الرامية إلى تأمين إطلاق سراح الرهائن الذين مازالوا محتجزين لدى حماس، بمن في ذلك مواطنون أمريكيون. وهذا يشمل المفاوضات الجارية أو وسائل أخرى».
وأضاف: «كما أن إطلاق سراح الرهائن واتفاق وقف إطلاق النار المطروح الآن على الطاولة، من شأنهما أن يضمنا إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين بالإضافة إلى ضمانات أمنية لإسرائيل وإغاثة المدنيين الأبرياء في غزة».
وتابع سوليفان: «وتحظى هذه الصفقة بدعم الولايات المتحدة الكامل وقد أقرتها دول من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك مجموعة السبع والمملكة العربية السعودية والأردن ومصر والإمارات العربية المتحدة وقطر، بالإضافة إلى الدول الستة عشر التي لا يزال مواطنوها محتجزين لدى حماس. ويجب إطلاق سراحهم جميعا-الآن».
ويصل وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى إسرائيل يوم الإثنين في إطار جولة تركز على دفع الاتفاق.
السيناريو الثالث: مزيج من الضغط والمفاوضات
يقول الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات الإسرائيلية تامير هايمان في مقال تابعته «العين الإخبارية»: «بعد الكثير من النقاش حول فائدة الضغط التشغيلي، نرى أن هناك إسهاما، وفي حين أننا لن نكون قادرين على إنقاذهم جميعا بهذه الطريقة، فإننا نحتاج بالتأكيد إلى إعادة النظر في الحجة القائلة بأن الحد من الضغط التشغيلي سيكون أكثر فائدة».
وأضاف: «لقد شهدت حماس فشلا هاما. ربما للمرة الأولى، يتم تقويض الاستنتاج بأن الوقت يعمل لصالح حماس. ولكن من دون مزيج من الضغط العملياتي والمفاوضات حول صفقة الرهائن، فإن فشل حماس لن يترجم إلى حل وسط في مواقفها".
وتابع: «لا يزال الطريق طويلا ولم تتضاءل التحديات الاستراتيجية: الضغط الدولي، الشمال (حدود لبنان) مهجور، حماس تعيد تأهيل قدراتها في غياب أي منافسة معها في مجال الحكم المدني على قطاع غزة، و120 مختطفا آخرين في غزة».
لكن ماذا يقول نتنياهو؟
قال نتنياهو في مؤتمر صحفي: «أود أن أكرر وأوضح – سنعيد جميع المخطوفين. ونعمل الآن أيضا على عمليات استرجاع أخرى وعلى فرص أخرى»، دون مزيد من التفاصيل.
ماذا يقول الخبراء؟
يقول المحلل في صحيفة «هآرتس» جوناثان ليس في مقال تابعته «العين الإخبارية»: "تجد إسرائيل صعوبة في تقييم ما إذا كان إنقاذ الرهائن الأربعة يوم السبت سيساعد في دفع صفقة إطلاق «سراح الرهائن المتبقين، أو ما إذا كانت ستفسد المفاوضات الجارية الآن».
وأضاف: «تنتظر إسرائيل والوسطاء بشكل أساسي رد حماس الرسمي على الخطة الإسرائيلية التي قدمها الرئيس الأمريكي جو بايدن الأسبوع الماضي. في الوقت نفسه، واجه مصدر مطلع على المفاوضات بعض الصعوبات في تقييم ما إذا كانت المغادرة المتوقعة لعضوي الحكومة بيني غانتس وغادي آيزنكوت، اللذين يدعمان الصفقة، ستشكل عقبة أمام التوصل إلى اتفاق، في ضوء المعارضة الشرسة من جانب وزراء اليمين المتشدد لأي صفقة».
وتابع: «خلصت مصادر مطلعة على المفاوضات إلى أن الرد الإيجابي من جانب حماس في الأيام المقبلة من شأنه أن يؤدي إلى ضغط هائل على نتنياهو للمضي قدمًا في التوصل إلى اتفاق من الجمهور في إسرائيل والولايات المتحدة».
ورأى أنه «من المتوقع أن تؤدي زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى المنطقة هذا الأسبوع إلى مزيد من الضغط على الجانبين، في محاولة للإفراج عن عدد كبير من الرهائن».
aXA6IDMuMTQxLjEyLjMwIA== جزيرة ام اند امز