غزة بعد الهدنة.. «العين الإخبارية» ترصد السيناريوهات
بين تمديد ثالث للهدنة واستئناف القصف، تقف غزة بمفترق سيناريوهات ما بعد وقف مؤقت لإطلاق النار يمنح القطاع المدمر وقتا مستقطعا.
توقعات بتمديد ثالث للهدنة الإنسانية بين إسرائيل وحركة حماس، تعززها ضغوط وجهود إقليمية وأمريكية وأوروبية، ورغبة لدى الطرفين في التمديد.
لكن، وفي رأي خبراء عرب وقيادي بالحزب الديمقراطي الأمريكي، في أحاديثهم المنفصلة لـ"العين الإخبارية"، فإن السيناريو الوارد هو احتمال عودة إسرائيل لـ"شن عمل عسكري محدود ومنضبط" ضمن ترتيبات أمنية تبحث عنها الفترة المقبلة.
ووافق الجانبان على تمديد الهدنة الإنسانية ليومين إضافيين في غزة، مع استمرار عمليات تبادل الرهائن والأسرى، ببصيص أمل للتوصل لاتفاق دائم لوقف إطلاق النار يفضي للسلام، ويقود مستقبلا لحل الدولتين.
وأعلن أمس الإثنين، عن تمديد الهدنة المؤقتة ليومين، ما يعني الإفراج عن مزيد من المحتجزين لدى حماس ومن الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
وكانت حماس التي تسيطر على قطاع غزة منذ 2007، قد أشارت في وقت سابق إلى أنها بصدد إعداد قائمة جديدة للمحتجزين بهدف الإفراج عنهم بغية تمديد الهدنة التي تم التوصل إليها مع إسرائيل.
مناخ جديد
الأكاديمي المصري المتخصص بالشأن الدولي، الدكتور طارق فهمي، قال في حديثه لـ"العين الإخبارية"، إن هناك توقعات قوية لتمديد الهدنة الحالية، والإفراج عن مزيد من الرهائن من الجانب الإسرائيلي.
وأضاف فهمي أن التمديد الحالي للهدنة "خطوة ضمن خطوات قادمة مرتبطة بالإرادة السياسية لطرفي المعادلة سواء كانت حركة حماس أو الحكومة الإسرائيلية".
وأشار إلى أن "هناك نوايا إيجابية بالتمديد للإفراج عن عدد من المحتجزين الإسرائيليين لدى حماس، بما يسمح بأن يكون هناك مناخ جديد يتشكل في ظل الضغوطات أمريكية الحالية".
إلا أنه قال "لكن كل السيناريوهات واردة مع احتمال العودة لعمل عسكري محدود ومنضبط في إطار الترتيبات الأمنية التي ستبحث عنها إسرائيل في الفترة المقبلة".
واعتبر فهمي أن "ظهور (رئيس الوزراء الإسرائيلي) بنيامين نتنياهو في قلب غزة مؤخرا، يحمل رسالة مفادها: نحن هنا موجودون وبالتالي إذا احتاجت إسرائيل إلى ترتيبات أمنية فلا بد أن تقدم عليها".
هدن سياسية
في هذا الصدد، أشار فهمي إلى أن كل طرف يسعى إلى فرض استراتيجية الأمر الواقع، ما يعني أن حماس تريد أن تكون ضمن منظومة الحكم في الساحة الفلسطينية بالمعادلة نفسها عقب الحرب، فيما تريد إسرائيل أن تخرج بأقل الخسائر سواء كان بترتيبات أمنية في مناطق الشمال، أو في مناطق الوسط، وفق فهمي.
وقال: "نحن أمام واقع يتشكل بصورة مباشرة سيستغرق بعض الوقت، وربما تتحول الهدن الإنسانية إلى هدن سياسية، وهو أمر مهم ستكون له توابعه المباشرة".
أما في تقدير اللواء سمير فرج، الخبير الاستراتيجي المصري، فإن "الهدنة المتوقع تمديدها، في صالح الطرفين؛ حماس وإسرائيل".
وقال فرج إن "أي هدنة جديدة تعني خروج رهائن جدد، وبالنسبة لإسرائيل فإن التمديد وما يعنيه من خروج محتجزين جدد لدى حماس سيساهم في تخفيف الضغط الداخلي على رئيس وزراء إسرائيل وحكومته".
عامل آخر - بحسب فرج - يعزز قبول إسرائيل بالتمديد، هو أن "الاقتصاد الإسرائيلي بات يعاني بشكل كبير حيث أن تل أبيب تستخدم الاحتياطي النقدي، إضافة إلى اهتزاز ثقة الإسرائيليين بالقيادة، والتي أعلنت أنها ستقضي على حماس لكنها لم تفعل، ولم تحرر الرهائن بالقتال".
حاجة أمريكية ملحة
وبالنسبة لحماس، فإن "الحركة تحتاج إلى التمديد من أجل التقاط أنفاسها وتضميد الجراج، وخروج أسراها من سجون إسرائيل، وستسمح بدخول مساعدات أكثر للفلسطينيين، ومستلزمات المستشفيات"، وفقا للخبير الاستراتيجي المصري.
وقال: "هناك حاجة أمريكية ملحة إلى تمديد الهدنة الإنسانية والتوصل لوقف إطلاق النار، بعد أن فقد الرئيس الأمريكي جو بايدن الكثير من شعبيته في 5 مقاطعات بحسب استطلاعات الرأي الأخيرة، لا سيما مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية".
ولفت فهمي إلى "مؤشرات مبشرة باستمرار وتمديد الهدنة"، مشيرا إلى لقاء رئيس المخابرات المركزية الأمريكية الثلاثاء مع رئيس الموساد الإسرائيلي ورئيس المخابرات المصرية للتباحث بشأن هدنة مستمرة.
وأوضح أن عدد أيام الهدنة الثالثة، بعد انتهاء الحالية، سيتوقف على عدد الأسرى الإسرائيليين الذين ستفرج عنهم حماس.
محطة مفصلية
"نحن الآن أمام محطة مفصلية ربما اليوم وغدا ستحدد طبيعة ومآلات ومسار هذه الحرب في الفترة المقبلة"، هكذا استشرف الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، سليمان بشارات، مدير مركز يبوس للدراسات (فلسطيني/ مستقل)، مستقبل الوضع في غزة.
وقال بشارات إن "احتمال استمرار الهدن الإنسانية منوط ومرتبط بالكثير من القضايا من بينها؛ إمكانية التوصل إلى بعض التفاهمات فيما يتعلق بعمليات تبادل الأسرى واستمرارية هذا الملف بالحضور".
وأضاف أيضا أن الأمر مرتبط بـ"قدرة الوسطاء الدوليين والإقليميين وبالتحديد أيضا الولايات المتحدة على تشكيل الضغط اللازم على إسرائيل، إضافة إلى عامل آخر هو تصاعد الضغط المجتمعي الداخلي على الحكومة الإسرائيلية لعدم الذهاب لاستمرارية هذه الحرب".
وأكد المحلل الفلسطيني أن "الهدن الإنسانية التي تم عقدها ويتم تمديدها شكلت حالة انعطافة لهذه الحرب، وحالة انكسار تصاعدية".
ومن خلال قراءته للسلوك الإسرائيلي ومواقفه، أشار "بشارات" إلى أن السيناريو الأكثر قربا في هذا الإطار، "قد يكون هناك إتاحة فرصة لإسرائيل؛ لتنفيذ بعض الضربات الجوية ضد المواقع الحيوية في غزة، دون التوسع في التوغل البري".
وقال بشارات إن: "هذه الضربات لمنح إسرائيل وقتا قصيرا للبحث عن تحقيق بعض الأهداف تقدمها على أنها أهداف عسكرية، ومن ثم يمكن الذهاب بعد ذلك إلى وقف لإطلاق النار برعاية أمريكية أو بطلب أمريكي أو قرار أمريكي من خلال مجلس الأمن أو من خلال ربما الحديث عن الطرح المعين في تلك المرحلة".
حرب لفترة قصيرة
وفي تصريح لـ"العين الإخبارية"، توقع عضو الحزب الديمقراطي الأمريكي، نعمان أبو عيسى، مد الهدنة الإنسانية الحالية لهدن أخرى، مع رغبة الطرفين (إسرائيل وحماس) في تمديد الهدنة لإتاحة الفرصة لخروج مزيد من الرهائن والأسرى.
وأشار أبو عيسى إلى أن الإدارة الأمريكية تعمل مع الدول الفاعلة للوصول إلى تمديد للهدنة والاتفاق على وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى ووصول المساعدات الإنسانية إلى غزة.
وقال إن "إسرائيل وحركة حماس ترحبان بتدخل القوى الإقليمية والدولية لإنهاء الحرب، في وقت يعمل فيه الرئيس الأمريكي بشكل مباشر ويومي مع جميع الأطراف للتوصل إلى وقف إطلاق النار وتحقيق تسوية شاملة وحل الدولتين".
لكن أبو عيسى توافق مع ما ذهب إليه سابقوه من الخبراء، بعد أن تحدث عن احتمال منح إسرائيل فرصة لاستكمال الحرب لكن لفترات قصيرة، من أجل إرضاء الجناح اليميني المتطرف.
وما يعزز التقديرات المتعلقة باستئناف "جزئي" للعمل العسكري، قال أبو عيسى إنه "إعلان رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي، الثلاثاء، أن الجيش يستغل أيام فترة تعليق النشاطات العسكرية للتعلم وتعزيز الجاهزية".
aXA6IDMuMTQ1LjM5LjE3NiA= جزيرة ام اند امز