في ذكرى رحيل «شاعر الأرض».. اسألوا محمود درويش عن غزة
هو الغائب الحاضر، هو الذي تستحضره فلسطين اليوم، وتتذكره غزة التي تغنّى بها وكأنه كان يقرأ كفّها.
إنه الشاعر الفلسطيني محمود درويش، الذي تُوفي في مثل هذا اليوم التاسع من أغسطس/آب عام 2008، بالولايات المتحدة، إثر خضوعه لعملية قلب مفتوح، وتم دفنه بمدينة رام الله وسط الضفة الغربية.
ويُطل درويش على غزة في نفس اللحظة التي تدخل فيها الحرب الإسرائيلية شهرها الـ11.
ومحمود درويش ليس من أبناء غزة، فهو من مواليد مدينة الجليل عام 1941. ونزح مع عائلته إلى لبنان إبان النكبة الفلسطينية 1948.
لكنه كان يعشق غزة شعرا ونثرا. وحين أراد أن يعبر عن ذلك، كتب “أما القلب فإني أراه يتدحرج، ككوز صنوبر، من جبل لبناني إلى غزة”.
أشعار درويش تعلو في سماء الحرب
واليوم، تتردد في شوارع غزة وبين ركامها وعند قبور أحبتها، كلمات درويش وكأنه ما زال حاضرا يتابع أخبار المدينة التي عشقها وتغنّى لها شعرا ونثرا.
وليست مصادفة أن تمر ذكرى رحيل محمود درويش في وقت ما زالت غزة تئن تحت حرب إسرائيلية وحشية لم يسلم منها البشر ولا الحجر ولا الشجر.
فمن يقرأ قصيدة "صمت من أجل غزة" التي كتبها الشاعر الفلسطيني الراحل قبل الحرب الإسرائيلية على القطاع أواخر 2008، سيكتشف ماذا تعني غزة لدرويش.
في تلك القصيدة التي تبدو للكثيرين اليوم وكأنها كُتبت للتو، وصف محمود درويش غزة بأنها مدينة لا تكف عن الانفجار، حين قال: "تحيط خاصرتها بالألغام.. وتنفجر.. لا هو موت.. ولا هو انتحار".
وحين أراد أن يتكلم عن "لحم غزة الذي يتطاير كشظايا قذائف"، اعتبره "ليس سحرا ولا أعجوبة، إنه سلاح غزة في الدفاع عن بقائها وفي استنزاف العدو".
أما سر الهجمة الشرسة التي تتعرض لها غزة من قبل إسرائيل، فكتب "ليست أرقى المدن وليست أكبر المدن ولكنها أشد قبحا في عيون الأعداء، وفقرا وبؤسا وشراسة. لأنها أشدنا قدرة على تعكير مزاج العدو وراحته، لأنها كابوسه".
محمود درويش في سطور
ولد محمود سليم درويش في 13 مارس/آذار عام 1941، في قرية البروة المدمرة التي تقع قرب ساحل مدينة عكا.
وفي عام 1948 خرجت أسرته إلى لبنان قبل أن تعود في 1949 وتجد أن القرية قد هدمت، فاضطرت للسكن في قرية أخرى.
تعرض درويش للاعتقال على أيدي القوات الإسرائيلية عام 1961 لتصريحاته المناهضة للاحتلال، ولنشاطه السياسي، وحكم عليه أكثر من مرة بالإقامة الجبرية أيضا، قبل أن يُرج عنه عام 1972 للدراسة في الاتحاد السوفياتي.
بعد أن أنهى دراسته انتقل إلى القاهرة، ليلتحق بمنظمة التحرير الفلسطينية.
ويُعتبر درويش أحد أهم الشعراء الفلسطينيين والعرب الذين ارتبط اسمهم بشعر الثورة والوطن.
كما يُعد أحد أبرز من ساهم بتطوير الشعر العربي الحديث وإدخال الرمزية فيه. ففي قصائده يمتزج الحب بالوطن والحبيبة.
شغل درويش العديد من المناصب الثقافية، بينها:
- ترأس رابطة الكتاب والصحفيين الفلسطينيين.
- أسس مجلة الكرمل الأدبية الثقافية عام 1981 وبقي رئيسا لتحريرها حتى وفاته.
- عمل رئيسا لتحرير مجلة شؤون فلسطينية في بيروت.
- عمل مديرا لمركز أبحاث منظمة التحرير، وبلغت مبيعات دواوينه باللغة العربية وحدها أكثر من مليون نسخة.
غادر بيروت عام 1982، بعد الاجتياح الإسرائيلي وطرد منظمة التحرير منها، ليتنقل بعدها بين باريس وتونس وسوريا وقبرص والقاهرة، قبل أن يعود إلى فلسطين.
وتقول وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"، إن عودة الشاعر درويش إلى الوطن شكّلت بداية مرحلة جديدة بالنسبة له، ولو أنه في بعض الأحيان اختار الاغتراب الطوعي في فرنسا لفترات يبتعد خلالها عن مكامن غضبه من الناس أو غضب الناس منه ربما لعدم قدرتهم على تحمل الجمال فيما يقول.
ومن المحطات البارزة والمهمة في مسيرة درويش أنه صاغ وثيقة الاستقلال الفلسطيني التي أعلنت في الجزائر عام 1988.
aXA6IDMuMTUuMTIuOTUg
جزيرة ام اند امز