عربة مفاوضات غزة معطلة أمام 4 فجوات.. هل تصلحها «الدفعة الثلاثية»؟
فجأة وبعد تسريب إسرائيلي عن وصول مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة إلى طريق مسدود، دبت الحياة في شرايين المفاوضات بقوة.
فمكتب بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي أعلن الاستجابة لطلب قادة الولايات المتحدة الأمريكية ومصر وقطر إرسال وفد لاستكمال المفاوضات منتصف الشهر الجاري.
وبدا لافتا في بيان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي استخدام تعبير "لتلخيص تفاصيل تنفيذ اتفاق الإطار"، بمعنى أنها الخطوة الأخيرة في الاتفاق.
وقال البيان إنه "بناء على اقتراح الولايات المتحدة والوسطاء، سترسل إسرائيل في 15 أغسطس/آب الوفد المفاوض إلى مكان يتم تحديده لتلخيص تفاصيل تنفيذ اتفاق الإطار".
جاء ذلك بعد بيان حازم لقادة الولايات المتحدة ومصر وقطر قال: "ينبغي عدم إضاعة مزيد من الوقت كما يجب ألا تكون هناك ذرائع من قبل أي طرف لتأجيل آخر".
وأضاف البيان أنه "حان الوقت الآن للإفراج عن الرهائن وبدء وقف إطلاق النار وتنفيذ هذا الاتفاق".
وأبدى القادة الاستعداد لطرح مقترح نهائي لسد الفجوات ما بين الطرفين.
وقالوا: "نحن كوسطاء مستعدون -إذا اقتضت الضرورة- لطرح مقترح نهائي للتغلب على الثغرات وحل الأمور المتبقية المتعلقة بالتنفيذ وعلى النحو الذي يلبي توقعات الأطراف كافّة".
وأعلنوا: "لقد دعونا الجانبين إلى استئناف المناقشات العاجلة يوم الأربعاء الموافق 14 أغسطس/آب أو الخميس الموافق 15 أغسطس/آب في (الدوحة أو القاهرة) لسد كافة الثغرات المتبقية وبدء تنفيذ الاتفاق دون أي تأجيلات جديدة".
وتحمل لهجة البيان إشارة إلى أن اللقاءات ستكون للتوصل إلى اتفاق، وأنها ليست جولة أخرى من جولات لا تنتهي في المفاوضات.
ويأتي هذا الإعلان في وقت تجري فيه محاولات دولية وإقليمية واسعة، لمنع اندلاع حرب إقليمية بين إسرائيل من جهة وإيران وحزب الله من جهة أخرى، بعد اغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خلال وجوده في طهران، والقيادي البارز في حزب الله فؤاد شكر في ضربة إسرائيلية ببيروت.
وتعتقد الولايات المتحدة ومصر أن التوصل إلى اتفاق لوقف الحرب في غزة سيمنع اندلاع حرب إقليمية.
4 فجوات يتعيّن حلها
ورصدت "العين الإخبارية" 4 فجوات يتعيّن إيجاد تسويات بشأنها وهي:
أولا: الانتقال من المرحلة الأولى إلى المرحلة الثانية من الاتفاق ذي المراحل الـ3
يريد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضمانات أمريكية بالعودة إلى الحرب في حال فشلت المفاوضات خلال المرحلة الأولى من الاتفاق في التوصل إلى تفاهمات بشأن المرحلة الثانية.
وتردد في الإعلام الإسرائيلي بأن واشنطن وافقت على منح نتنياهو هذه الضمانة، ولكن فقط في حال شرط واحد، وهو أن يوقع نتنياهو على الاتفاق قبل الحصول على التعهد.
ويريد نتنياهو هذه الضمانة لضمان تأييد وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، المنتمين لليمين المتطرف، للاتفاق من أجل عدم إسقاط حكومته.
ولكن "حماس" أيضا طلبت ضمانات من الوسطاء بأن نتنياهو لن يكتفي بالمرحلة الأولى من الاتفاق التي يحصل فيها على 30 من الرهائن الإسرائيليين الأحياء ويعود إلى الحرب.
وسرت تقديرات بأن "حماس" قد حصلت بالفعل على ضمانات شفهية من الولايات المتحدة بأن إسرائيل ستواصل تنفيذ الاتفاق حسب المراحل المنصوص عليها في الاتفاق، وهو ما يضمن عدم العودة للحرب.
ثانيا: السيطرة الإسرائيلية على محور فيلادلفيا بين مصر وغزة
أعلن نتنياهو مرارا أنه يريد الإبقاء على سيطرته على محور فيلادلفيا بين قطاع غزة ومصر وعلى معبر رفح.
ورفضت "حماس" هذا الموقف وكذلك مصر.
ومن بين الاقتراحات المطروحة العودة لاتفاق عام 2005 بشأن معبر رفح، وبموجبه ينتشر مراقبون أوروبيون في الجانب الفلسطيني من المعبر، لضمان عدم مرور مسلحين أو أسلحة من المعبر.
وقد أبدى الاتحاد الأوروبي استعداده للعودة شريطة أن تكون عودته مرهونة بدعوة مصرية وفلسطينية، إذ يعمل موظفون من السلطة الفلسطينية في المعبر، ووافقت السلطة الفلسطينية على العودة إلى اتفاق 2005، ولكن إسرائيل لم توافق حتى اللحظة.
وما زالت مسألة محور فيلادلفيا بحاجة إلى حل خلاق من الأطراف المعنية.
ثالثا: مسألة انتقال الفلسطينيين من جنوبي قطاع غزة إلى شماله بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من غزة
أصر رئيس الوزراء الإسرائيلي على وجود آلية لضمان عدم انتقال مسلحين من جنوبي قطاع غزة إلى شماله، ولكن حتى المفاوضون الإسرائيليون أبلغوه أن هذه الآلية غير ممكنة، وأن تنفيذها سيتطلب وجود القوات الإسرائيلية في غزة، وهو ما يتعارض مع بند الانسحاب من القطاع.
ويتعين على الوسطاء إيجاد حل لهذه القضية التي عدها المفاوضون الإسرائيليون لغما من نتنياهو لمنع الاتفاق.
رابعا: مكان إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية
أعلن نتنياهو أنه يرفض إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين المتهمين بقتل أو المشاركة بقتل إسرائيليين إلى الضفة الغربية أو قطاع غزة، وإنما يتم إبعادهم إلى خارج الأراضي الفلسطينية.
وترفض "حماس" هذا الشرط، ما يبقي الطريق أمام الوسطاء لإيجاد حل تستقبل بموجبه دول أسرى فلسطينيين كما حدث في صفقة التبادل في عام 2011.
ماذا قالت عائلات الرهائن الإسرائيليين؟
ردا على البيان المصري القطري الأمريكي، قالت عائلات الرهائن الإسرائيليين في بيان: "نشكر ونعزز رئيس الولايات المتحدة ورئيس مصر وأمير قطر على التزامهم بإطلاق سراح المختطفين الـ115 الذين تحتجزهم حماس منذ 308 أيام".
وأضافت: "تدعو قيادة العائلات الحكومة الإسرائيلية وزعيمها إلى إظهار القيادة أيضا وتعزيز واستكمال التفاصيل النهائية المفقودة لتنفيذ صفقة لإعادة جميع المختطفين - الأحياء لإعادة التأهيل والقتلى والذين سقطوا لدفنهم بشكل لائق في بلادهم".
وقال موقع "واينت" الإخباري الإسرائيلي: "يأتي هذا الإعلان (الأمريكي والمصري والقطري) غير المعتاد على خلفية التفاؤل الذي تم التعبير عنه في الولايات المتحدة بأن الصفقة (أقرب من أي وقت مضى)، على الرغم من أن إسرائيل هدأت هذا التفاؤل وحتى أعربت عن تشاؤمها بشأن آمال الإدارة الأمريكية في التوصل إلى اتفاق في هذه المرحلة".
وأضاف أن"إسرائيل تقول إن نجاح هذه الجهود يعتمد فقط على يحيى السنوار، الذي تم الإعلان هذا الأسبوع عن تعيينه خلفا لإسماعيل هنية في قيادة حماس".
ولكن القناة الإخبارية 12 الإسرائيلية قالت: "تقول مصادر في حماس إن السنوار يريد وقف إطلاق النار في أقرب وقت ممكن، ودعت إلى عدم انتظار احتمال اندلاع نوع من الحريق بين إسرائيل وحزب الله وإيران".
وأضافت: "يتعرّض السنوار لضغوط من قادة الجناح العسكري الذين بقوا في غزة، وبالتالي فهو يريد المضي قدما".
ولفتت إلى إشارة إيجابية من السنوار، وهي إعلانه إن عضوي المكتب السياسي لحركة "حماس" خليل الحية وغازي حمد سيتابعان المفاوضات، وهو ما يعني أن السنوار يبدي استعداده لمواصلة المفاوضات ولم يرفضها.