اليوم الـ137 لحرب غزة.. تحركات مرتبكة و«عرقلة» متوقعة لقرار أممي
لم تُخمد نيران الحرب بغزة رغم بدء الصفحة الـ137، اليوم الثلاثاء، وسط تحركات مرتبكة في أكثر من اتجاه لإنهاء القتال، وتعقد الوضع الإنساني.
وصباح الثلاثاء، ذكرت تقارير صحفية، أن المقاتلات الإسرائيلية شنّت غارتين على مناطق غرب مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، بالتزامن أيضا مع قصف مدفعي مستمر على المدينة.
كما شنت المقاتلات الإسرائيلية غارات على المنطقة الحدودية الشرقية لمدينة خان يونس.
وميدانيا، أقرّ الجيش الإسرائيلي بمقتل جندي من لواء المظليين متأثرا بجراح أصيب بها قبل أيام في معارك جنوبي قطاع غزة، وبذلك يرتفع عدد جنوده القتلى منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي إلى 575.
«عرقلة» في الأمم المتحدة
ويُثير احتمال الهجوم على رفح قلق المجتمع الدولي، إذ دعت 26 دولة عضو في الاتحاد الأوروبي من أصل 27، الإثنين، إلى "هدنة إنسانية فورية" في غزة، مطالبة إسرائيل بالإحجام عن أي عمل عسكري في رفح. لكن الآمال في التوصل إلى هدنة تتضاءل.
ويتعيّن على مجلس الأمن الدولي أن يبتّ اليوم الثلاثاء في نصّ جديد أعدّته الجزائر منذ أسابيع يطالب بوقف "فوري" لإطلاق النار. لكنّ مشروع القرار هذا مُهدّد بفيتو جديد من الولايات المتحدة، حليفة إسرائيل، سيكون الثالث لها منذ بداية الحرب.
ويطالب مشروع القرار الذي اطّلعت عليه "فرانس برس"، بـ"وقف إنساني فوري لإطلاق النار يجب على جميع الأطراف احترامه". ويُعارض النصّ "التهجير القسري للمدنيّين الفلسطينيّين"، في حين أنّ إسرائيل كانت تحدّثت عن خطّة لإجلاء المدنيّين قبل الهجوم البرّي في رفح ودعت إلى إطلاق سراح جميع الرهائن.
ووصفت الولايات المتحدة النصّ الجزائري بأنه "غير مقبول". وأكّد نائب السفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة روبرت وود أنّ بلاده لا تعتقد أنّ هذا النصّ "سيُحسّن الوضع على الأرض، وبالتالي إذا طُرح مشروع القرار هذا على التصويت، فإنّه لن يمرّ".
مشروع بديل
ويعتقد الأمريكيّون أنّ هذا النصّ من شأنه أن يُعرّض للخطر المفاوضات الدبلوماسيّة الدقيقة للتوصّل إلى هدنة وإطلاق سراح مزيد من الرهائن.
وفي هذا السياق، وزّعت الولايات المتحدة مشروع قرارٍ بديلًا اطّلعت عليه فرانس برس. ويتحدّث النصّ عن "وقف موقّت لإطلاق النار في غزّة في أقرب وقت" على أساس "صيغة" تشمل إطلاق سراح جميع الرهائن.
ويُعبّر المشروع الأمريكي أيضًا عن القلق بشأن رفح، ويحذّر من أنّ "هجومًا برّيًا واسع النطاق يجب ألّا يُشنّ في ظلّ الظروف الحاليّة".
وبحسب مصدر دبلوماسي، فإنّ هذا المشروع البديل ليست لديه أيّ فرصة لاعتماده في وضعه الحالي، لا سيّما بسبب خطر الفيتو الروسي.
ويشهد مجلس الأمن منذ سنوات انقسامًا كبيرًا بشأن القضيّة الإسرائيليّة-الفلسطينيّة، فيما لم يتمكّن منذ 7 أكتوبر/تشرين الأوّل سوى من تبنّي قرارين فقط حول هذه القضيّة، هما في الأساس قراران طابعهما إنساني.
تحرك مبعوث بايدن
إلى ذلك، نقل موقع "أكسيوس" الأمريكي عن مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين، أن بريت ماكغورك كبير مستشاري الرئيس الأمريكي جو بايدن بشؤون الشرق الأوسط، سيزور مصر وإسرائيل هذا الأسبوع مع تزايد المخاوف بشأن تهديدات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشن هجوم على رفح جنوبي قطاع غزة.
وقال الموقع إنه من المتوقع أن يلتقي ماكغورك برئيس جهاز المخابرات المصرية عباس كامل ومسؤولين مصريين آخرين، يوم غد الأربعاء. كما من المتوقع أن يلتقي الخميس المقبل مع نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت، ومسؤولين إسرائيليين آخرين.
ووفق المصدر ذاته، ستركز المباحثات مع كل من مصر وإسرائيل على رفح ومفاوضات تبادل الأسرى.
وضع كارثي
ولا يزال الوضع الإنساني كارثيا الثلاثاء، في قطاع غزة، حيث يحتشد نحو 1.5 مليون فلسطيني في مدينة رفح المهددة بهجوم إسرائيلي، فيما يلوح في الأفق مأزق جديد في مجلس الأمن الدولي وسط تلاشي الأمل بالتوصل إلى وقف لإطلاق النار.
ووفقا لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، يوجد نحو 1.5 مليون شخص في رفح التي زاد عدد سكانها ستة أضعاف منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحماس.
وتقع هذه المدينة عند الحدود مع مصر وتتعرض يوميا لضربات يشنها الجيش الإسرائيلي الذي قال إنه يستعد لشن هجوم بري عليها.
ووصف نتنياهو رفح بأنها "المعقل الأخير" لحماس، قائلا إنه مصمم على مواصلة الهجوم "حتى النصر الكامل".
وبعد نحو 20 أسبوعا من الحرب، باتت تقارير المنظمات الإنسانية حول الوضع في قطاع غزة تثير قلقا متزايدا.
9 من كل 10 أطفال
الأكثر من ذلك، حذّرت الأمم المتحدة، من أنّ النقص المُقلق في الغذاء، وسوء التغذية المتفشّي، والانتشار السريع للأمراض، هي عوامل قد تؤدّي إلى "انفجار" في عدد وفيات الأطفال في قطاع غزّة.
وقالت وكالات الأمم المتحدة إنّ الغذاء والمياه النظيفة أصبحا "نادرين جدا" في القطاع الفلسطيني المحاصر، وإنّ جميع الأطفال الصغار تقريبا يُعانون أمراضا مُعدية.
وقال تيد شيبان، نائب المدير التنفيذي لليونيسف، إنّ غزّة على وشك أن تشهد "انفجارا في وفيات الأطفال التي يُمكن تفاديها، ما من شأنه أن يُضاعف مستوى وفيات الأطفال الذي لا يُطاق أصلا".
ويتأثّر ما لا يقلّ عن 90 % من الأطفال دون سنّ الخامسة في غزّة بواحد أو أكثر من الأمراض المُعدية، وفق تقرير صادر عن اليونيسف ومنظّمة الصحّة العالميّة وبرنامج الأغذية العالمي.
وأشعل فتيل الحرب هجوم غير مسبوق على جنوب إسرائيل شنّته حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول، قُتل خلاله أنحو 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، وخُطف نحو 250 شخصا تم اقتيادهم إلى غزة.
في نهاية نوفمبر/تشرين الأول، وعقب هدنة استمرت أسبوعا، أفرِج عن أكثر من 100 رهينة في مقابل إطلاق سراح 240 معتقلا فلسطينيا من السجون الإسرائيلية. وتقدّر إسرائيل أن 130 رهينة ما زالوا محتجزين في القطاع يُعتقد أنّ 30 منهم لقوا حتفهم.
وردا على الهجوم، تعهّدت إسرائيل القضاء على حماس المسيطرة على قطاع غزة منذ 2007. وعدا عن القتلى والجرحى ومعظمهم مدنيون وغالبيتهم نساء وأطفال، خلّف الهجوم الإسرائيلي دمارًا هائلًا وتسبّب بأزمة إنسانية كارثية، وفق الأمم المتحدة.
وارتفعت حصيلة ضحايا العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة إلى 29092 قتيلا، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.