حرب غزة في يومها الـ24... دبابات تحت جُنح الظلام وقصف لا ينام
بينما كان الناس في قطاع غزة يكافحون من أجل إحصاء القتلى، بعد 34 ساعة من الانقطاع عن قطاعهم المحاصر والعالم الخارجي، وسّعت إسرائيل من هجومها البري والجوي.
فما إن استعاد سكان قطاع غزة اتصالات الإنترنت والهواتف المحدودة، أمضوا يوم أمس الأحد، أوقاتهم، في محاولة معرفة من قُتل أثناء انقطاع الاتصال ومن بقي على قيد الحياة.
في هذه الأثناء، واصلت إسرائيل بطائراتها ومدفعيتها وبوارجها، قصفها على شمال ووسط وجنوب قطاع غزة، فيما قال سكان إنه من بين أسوأ عمليات القصف في الحرب التي تتواصل لليوم الـ24 على التوالي.
وأبلغ سكان في شمال قطاع غزة عن ضربات جوية ومدفعية عنيفة، في وقت مبكر من اليوم الإثنين، مع توغل القوات الإسرائيلية مدعومة بالدبابات في القطاع بهجوم بري أثار دعوات دولية متزايدة لحماية المدنيين.
لكن الدعوات المتزايدة لوقف إطلاق النار أو هدنة إنسانية ذهبت أدراج الرياح مع ارتفاع عدد القتلى في غزة إلى أكثر من 8000، وفقا لوزارة الصحة في غزة.
وأفادت وسائل إعلام فلسطينية أن غارات جوية إسرائيلية أصابت مناطق قريبة من مستشفيي الشفاء والقدس بمدينة غزة، في وقت اشتبك فيه مسلحون مع القوات الإسرائيلية، قرب معبر إيريز، شمالي القطاع.
وجاءت الغارات التي وقعت بالقرب من المستشفيات بعد أن قال الهلال الأحمر الفلسطيني، يوم الأحد، إنه تلقى تحذيرات من السلطات الإسرائيلية بإخلاء مستشفى القدس الواقع في منطقة تل الهوى، على الفور، حيث لجأ حوالي 14 ألف شخص إلى هناك.
وقالت وزارة الصحة في غزة، إن حوالي 50 ألف شخص لجأوا أيضا إلى مستشفى الشفاء، وسط مخاوف إزاء التهديدات الإسرائيلية المستمرة للمنشأة.
وجاء القصف بعد ساعات من نشر إسرائيل صورا لدبابات قتالية على الساحل الغربي للقطاع، مما يشير إلى جهد محتمل لمحاصرة المدينة الرئيسية في غزة بعد يومين من أمر الحكومة الإسرائيلية بتوسيع التوغلات البرية عبر حدودها الشرقية.
وقد امتنعت إسرائيل حتى الآن عن وصف العملية الجديدة بأنها اجتياح أو غزو. وبدلا من ذلك، وصفها القادة السياسيون والعسكريون بأنها "مرحلة جديدة".
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قبل يومين، إن الحرب دخلت “المرحلة الثانية”، وأن قواته “ستدمر العدو فوق الأرض وتحت الأرض”، في إشارة إلى حماس. وفي الوقت نفسه، حذر البلاد من الاستعداد لحرب “طويلة وصعبة”.
وهو ما قاله أيضا اللفتنانت جنرال في الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي في رسالة فيديو نُشرت على منصة "إكس" (تويتر سابقا): "هذه حرب ذات مراحل متعددة. اليوم ننتقل إلى المرحلة التالية”.
لكن "المرحلة الثانية" من الحرب التي اندلعت بعد هجوم حماس في السابع من الشهر الجاري والذي أسفر عن مقتل 1400 شخص في الجانب الإسرائيلي، بقيت بعيدة عن الأنظار إلى حد كبير، مع تحرك القوات الإسرائيلية تحت الظلام وانقطاع الاتصالات السلكية واللاسلكية عن الفلسطينيين، قبل عودتها بشكل جزئي.
ورغم أن الأمر قد يستغرق بعض الوقت حتى يتضح النطاق الكامل للهجوم الإسرائيلي، إلا أن القصف المتواصل على قطاع غزة، ونزوح أكثر من مليون شخص، أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة بشكل كبير، بحسب ما أكدته الأمم المتحدة ومؤسسات دولية أخرى.
فالفلسطينيون الذين أخضعتهم إسرائيل لسنوات لظروف معيشية أشبه بـ "سجن في الهواء الطلق" بعد سيطرة حماس على القطاع صيف 2007، يقاومون حملة القصف الإسرائيلية المدمرة.
شمال ملتهب وضفة تنزف
وفي شمال إسرائيل، واصل مقاتلو حزب الله والجنود الإسرائيليون تبادل إطلاق النار، مما هدد بفتح جبهة ثانية في الحرب المستمرة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
وفي الضفة الغربية، قتل الجنود والمستوطنون الإسرائيليون بالرصاص ما لا يقل عن خمسة فلسطينيين آخرين، إضافة إلى أكثر من 100 شخص قتلوا هناك، منذ بدء الحرب في غزة.
هدنة تغيب ومساعدات تنتظر
وتزامنت الهجمات الإسرائيلية المتصاعدة مع تصاعد الاحتجاجات الدولية المطالبة بـ "هدنة إنسانية" للسماح بدخول المساعدات.
ومن المقرر أن يطلع مجلس الأمن الدولي، اليوم الإثنين على الوضع الإنساني في غزة.
وصوتت المنظمة المكونة من 15 عضوا أربع مرات خلال الأسبوعين الماضيين دون جدوى على مشاريع قرارات تهدف إلى اتخاذ إجراء بشأن الحرب.
لكن الجمعية العامة للأمم المتحدة المكونة من 193 عضوا صوتت بأغلبية ساحقة، يوم الجمعة، على الدعوة إلى هدنة إنسانية فورية.
وقال البيت الأبيض إن الرئيس الأمريكي جو بايدن حثّ يوم الأحد، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على حماية المدنيين في غزة و"زيادة تدفق المساعدات الإنسانية بشكل فوري وكبير" إلى القطاع الساحلي المحاصر.
في سياق متصل، أعلن البيت الأبيض أن بايدن والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي التزما بتسريع كبير في تدفق المساعدات إلى غزة ابتداء من يوم أمس الأحد.
وتقول جماعات الإغاثة إن نزوح آلاف الأشخاص من منازلهم أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة.
وتزامن ذلك، مع إعلان وكالة الأمم المتحدة الرئيسية التي تقدم الإغاثة في القطاع، أن آلاف الفلسطينيين "اليائسين" اقتحموا مستودعاتها للحصول على دقيق القمح والمواد الأساسية الأخرى، في إشارة إلى أن النظام المدني بدأ في الانهيار.