كل ما تريد معرفته عن مقتل السنوار
يقال إن "رب صدفة خير من ألف ميعاد"، وهكذا كان حال إسرائيل التي كانت على مدار عام تطلب رأس يحيى السنوار ولم يخيل إليها أنها ستلتقيه مصادفة.
عامٌ بأكمله لم تترك إسرائيل فيه جزءا من قطاع غزة إلا وحاولت فيه اقتفاء أثر زعيم حركة حماس الذي تعتبره "مهندس" هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
كيف قُتل السنوار؟
في لحظة غير متوقعة، انتهى البحث، يوم الأربعاء في رفح، جنوبي قطاع غزة.
كانت القوات الإسرائيلية في المنطقة خلال عملية عسكرية روتينية عندما تعرضت لإطلاق نار بالقرب من مبنى، وفقا لمصدرين إسرائيليين على دراية بالمسألة تحدثا لشبكة «سي إن إن» الأمريكية.
ردت القوات الإسرائيلية بإطلاق نار من دبابة، ثم حلقت طائرة دون طيار في المبنى الذي تضرر بشدة، وفقا للجيش الإسرائيلي.
ويظهر مقطع فيديو شاركه الجيش الإسرائيلي، ما يبدو أنه اللحظات الأخيرة للسنوار: يجلس بمفرده على كرسي، محاطا بالغبار والركام، وكان ينظر مباشرة إلى الكاميرا التي تحملها المسيرة.
ظهر يحمل قطعة من الخشب بيده اليسرى، ولوح بها باتجاه الدرون في محاولة على ما يبدو لإسقاطها، لكنه كان واهنا من شدة النزيف على ما يبدو، حيث بدا غير قادر على استخدام يده اليمنى.
وبحسب صور متداولة، كان أيضا مصابا بشدة في رجله، ما قد يفسر أيضا عدم قدرته على القيام من مقعده الغارق وسط الأنقاض والغبار.
عندها فقط، وعندما تفقدت القوات الإسرائيلية الأنقاض، أدركت أن السنوار كان من بين الجثث، وفقا للجيش الإسرائيلي.
ولاحقا، ساعدت سجلات الأسنان والبصمات وغيرها من القياسات الحيوية إسرائيل في التعرف على زعيم حماس، وفقا لمسؤول أمريكي ووسائل إعلام عبرية.
ماذا وجدوا مع السنوار؟
قال متحدث عسكري إسرائيلي، الخميس، إن السنوار كان يحاول الفرار إلى شمال القطاع عندما قتل، مشيرا إلى أنه تم العثور عليه وهو يحمل مسدسا و40 ألف شيكل (ما يعادل نحو 10.7 ألف دولار أمريكي).
ومنذ هجوم أكتوبر/تشرين الأول 2023، ضخت إسرائيل ترسانتها الجوية والبرية والبحرية في مطاردة السنوار وقادة حماس في القطاع الفلسطيني المحاصر.
وفي مرحلة ما، قال متحدث عسكري إسرائيلي إن مطاردة السنوار "لن تتوقف حتى يتم القبض عليه، ميتا أو حيا".
ووفق ما طالعته "العين الإخبارية" في شبكة «سي إن إن»، يعتقد المسؤولون الأمريكيون أن الجيش الإسرائيلي اقترب عدة مرات، حتى إنه في مرحلة ما حصل على مقطع فيديو قال إنه أظهر السنوار مع العديد من أفراد الأسرة داخل نفق بغزة، لكنه استمر في الابتعاد.
وكان الجيش الإسرائيلي قد حاصر منزل السنوار ونفذ هجوما مكثفا على مسقط رأسه في مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، لكنه لم يتمكن من العثور عليه.
ماذا عن مصير الحرب؟
يقول مسؤولون أمريكيون إن مقتل رئيس المكتب السياسي لحماس "يمكن أن يشكل فرصة نادرة لوقف إطلاق النار، حيث قتلت إسرائيل العديد من كبار قادة الحركة الآخرين بما في ذلك إسماعيل هنية، الزعيم السياسي السابق لها".
وفي رسالة متلفزة، أمس الخميس، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن مقتل السنوار يمثل "بداية اليوم بعد حماس"، لكن "المهمة لم تكتمل بعد".
وحتى اللحظة، لم تعلق حماس بعد على تقارير مقتل زعيمها، ما أثار تساؤلات حول مستقبل الحرب والحركة المسلحة، التي واجهت ضربة تلو الأخرى في الأشهر الأخيرة.
واكتفت الحركة بتصريح مقتضب على لسان القيادي فيها باسم نعيم الجمعة لوكالة فرانس برس، قال فيه إنه "لا يمكن القضاء" على الحركة، من دون أن يؤكد مقتل السنوار.
وقال نعيم بالإنجليزية "حماس حركة تحرير يقودها شعب يبحث عن الحرية والكرامة، ولا يمكن القضاء على هذا".
من هو السنوار؟
لطالما كان السنوار لاعبا رئيسيا في حماس، حيث انضم إلى الحركة في أواخر الثمانينيات وصعد بسرعة في الرتب.
ولد في مخيم للاجئين في غزة، بعد نزوح عائلته من قرية المجدل عام 1948، وهي الآن جزء من مدينة عسقلان الإسرائيلية.
عندما كان طالبا، أصبح السنوار ناشطا مناهضا لإسرائيل، لكنه اعتقل في سجونها بعدة أحكام بالسجن مدى الحياة بعد اتهامه بالقتل، قبل إطلاق سراحه في صفقة تبادل للأسرى عام 2011.
عاد السنوار إلى غزة وسرعان ما عزز اسمه في حماس، ثم أسس فرع ما يسمى "أمن الاستخبارات" في الحركة والمعروف باسم "مجد".
في عام 2017، انتخبت حماس السنوار رئيسا سياسيا للمكتب السياسي في قطاع غزة.
صنفته أمريكا والاتحاد الأوروبي «إرهابيا عالميا» في عام 2015، وعاقبته المملكة المتحدة وفرنسا في السنوات الأخيرة، وأطلق عليه المسؤولون الإسرائيليون "وجه الشر" و"الرجل الميت الذي يمشي".
ماذا بعد السنوار؟
في حين أنه من السابق لأوانه قول ما قد يحدث بعد ذلك أو كيف قد تستجيب حماس، يقول مراقبون إن مقتل السنوار يمثل الضربة الأخيرة للحركة التي فقدت العديد من كبار القادة واحدا تلو الآخر خلال حملة إسرائيل لتفكيك حماس بالكامل.
فبعد يوم واحد فقط من اغتيال إسماعيل هنية في طهران، نهاية يوليو/تموز الماضي، أكدت إسرائيل أنها قتلت القائد العسكري لحماس محمد الضيف في ضربة بمدينة خان يونس.
ومع رحيل السنوار الآن، يتكهن المسؤولون الأمريكيون بأن هذه قد تكون واحدة من أفضل الفرص لإنهاء الحرب بين إسرائيل وحماس، لكنهم يحرصون على تقديم أي تنبؤات حول ما سيعنيه ذلك في نهاية المطاف بالنسبة للمنطقة المضطربة، وفق «سي إن إن».
بالنسبة للرئيس الأمريكي جو بايدن، فإن مقتل السنوار يضخ عدم اليقين، ولكن أيضا فرصة في حل نزاع غزة.
وأمس الخميس، تحدث الرئيس الأمريكي مع نتنياهو، حيث اتفقا على أن "هناك فرصة لدفع إطلاق سراح الرهائن وأنهما سيعملان معا لتحقيق هذا الهدف"، كما قال مكتب رئيس الوزراء في بيان.
لكن الكثير لا يزال غير معروف، بما في ذلك مصير محمد، شقيق السنوار.
وفي هذا الصدد، قال مسؤول إسرائيلي كبير لشبكة سي إن إن، الشهر الماضي، إن محمد السنوار تولى مؤخرا منصب القائد العسكري لحماس.
وأضاف أن "الأخوين كانا قريبين جدا، وفي الآونة الأخيرة في أواخر أغسطس/آب، كانا لا يزالان معا في كثير من الأحيان".
وإذا نجا محمد، فمن المرجح أن يواصل تكتيكات التفاوض المتشددة لأخيه، ولكن حتى تظهر صورة واضحة، سيكون من الصعب معرفة الخطوة التالية لحماس. هكذا ترى سي إن إن.
وحتى مع مقتل السنوار، يحتدم الصراع الأوسع في الشرق الأوسط، خاصة أن إسرائيل تستعد للانتقام من هجوم إيران بالصواريخ الباليستية في وقت سابق من هذا الشهر.
وتتصاعد جبهة أخرى من الصراع عبر الحدود الإسرائيلية اللبنانية، حيث أعلن حزب الله "مرحلة جديدة ومتصاعدة" في حربه مع إسرائيل أمس الخميس.
وفي الوقت نفسه في غزة، قال فلسطينيون لشبكة سي إن إن، إنهم لا يعتقدون أن مقتل السنوار سينهي الحرب، على الرغم من أن البعض أعرب عن أمله المبدئي.
وقال مؤمن خليلي البالغ من العمر 22 عاما: "لقد مات السنوار، لكن الكثير من شعبنا قتلوا، ولا يوجد عذر الآن لنتنياهو لمواصلة الحرب".