هل أوشكت الحرب البرية في غزة على الانتهاء؟ أسبوعان حاسمان
وسط ضغط شعبي وأمريكي، بدت إسرائيل تعد مواطنيها، بقرب انتهاء الحرب البرية في قطاع غزة خلال الأسبوعين القادمين.
لكنّ إنهاء الحرب البرية التي بدأت في 27 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لن يعني وضع نهاية لها، وإنما الانتقال من مرحلة الضرب الكثيف إلى الضرب بحده الأدنى، مع التركيز على ملاحقة قادة «حماس».
وتشعر إسرائيل بالحرج بالانتقال من مرحلة إلى أخرى، تحت الضغط الأمريكي، في ظل توالي سقوط الجنود الإسرائيليين بنيران مسلحين فلسطينيين في داخل قطاع غزة.
وتشير تقارير إسرائيلية إلى أنه بحلول منتصف يناير/كانون الثاني فإنه على إسرائيل إنهاء العملية البرية والانتقال إلى مرحلة الضربات المركزة؛ أي سحب القوات من الميدان إلى الحدود، والتركيز على قتل قادة "حماس" المطاردين.
ووفقا لأرقام الجيش الإسرائيلي، فإنه قتل 139 جنديا إسرائيليا في غزة منذ بدء العملية البرية في 27 أكتوبر/تشرين الأول، ما رفع عدد الجنود القتلى منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول إلى 472. وهذه هي الأرقام المرفقة بأسماء جنود وضباط سمح الجيش الإسرائيلي بنشرها وبالتالي هي ليست نهائية.
واستنادا إلى المعطيات ذاتها، التي اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منها، فإنه جرح منذ بداية الحرب البرية في 27 أكتوبر/تشرين الأول، 784 جنديا بينهم 179 في حالة خطيرة و302 بجروح متوسطة و303 بجروح طفيفة.
وهؤلاء هم من بين 1952 جنديا أصيبوا منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول، بينهم 311 بحالة خطرة، و548 بحالة متوسطة و1093 بحالة طفيفة.
هل خسرت إسرائيل المعركة؟
وعن ذلك، قال هيلل شوكن في مقال له بصحيفة (هآرتس) تابعته "العين الإخبارية": "نحن لن ننتصر. حتى لو كنا معاً. المعركة الحالية في غزة على حقنا بوطن قومي في أرض إسرائيل خسرناها في 7 أكتوبر. كل يوم إضافي في العملية البرية فقط يعزز الفشل».
وأضاف: «عندما ستنتهي هذه المعركة الحالية، كما هو متوقع خلال بضعة أسابيع في أعقاب الضغط الدولي، فإن إسرائيل ستكون في وضع أصعب من الذي دخلت فيه إلى هذه الحرب في أعقاب هجوم حماس».
و«في هذه الأثناء، تشير الاستطلاعات إلى أن سلوكنا في غزة يعزز مكانة حماس في أوساط الفلسطينيين، ليس فقط في القطاع بل في الضفة الغربية أيضاً. ومن لم يكن يرغب بحماس في قطاع غزة سيحصل عليها أيضاً في مناطق السلطة الفلسطينية»، يقول هيلل شوكن.
وتابع: «إذا كانت هناك صفقة من أجل تحرير الرهائن فعندها إلى جانب أنه سيطلب منا تحرير كل السجناء الفلسطينيين في إسرائيل والذين "أيديهم ملطخة بالدماء"، فنحن سنضطر أيضاً إلى الانسحاب من القطاع والتعهد بإنهاء الحرب. قادة "حماس" ليسوا أغبياء. فهم لن يوافقوا على أقل من ذلك. أصدقاؤنا الذين يقومون برعاية الصفقة سيتعين عليهم تقديم ضمانات بألا تهاجم إسرائيل فيما بعد".
أما رونين بيرغمان، فكتب في صحيفة (يديعوت أحرونوت) بمقال تابعته «العين الإخبارية»: «لم يتصور أحد تقريباً في الحياة العامة الإسرائيلية الإمكانية أن يخلق القادة وهماً عابثاً، وعملياً معقول أن تنهي إسرائيل عملياً جولتها للقتال القوي دون أن تحقق الهدف الأول للحرب – دون الإبادة التامة لمنظومة الصواريخ، دون إبادة ذات مغزى لمنظومة الأنفاق تحت الأرض ومع ضربة جزئية جداً، غير هامشية لكن جزئية، للسنوار ومساعديه السبعة الكبار، الذين صُفي اثنان منهم فقط حتى الآن».
وأضاف: «كان واضحاً منذئذ أنه سيكون صعباً جداً تحرير المخطوفين بقوة الذراع، وأنه في النهاية سيصل الجيش في أقصى الأحوال إلى وضع يحيط فيه بالقلعة التحت أرضية الأخيرة للسنوار وضيف، وعندها في ظروف ضغط حقيقي على زعيم حماس سيحاول الوصول إلى صفقة ما».
وتابع: «حقق الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن إنجازات هائلة في المعركة البرية. مجرد الخروج إليها، بعد عقود من التخوف منها، ناهيك عن عمل ذلك بعد الضربة الرهيبة والمهينة في 7 أكتوبر هو أحد أهمها. بالنسبة للتوقعات المسبقة لأعداد القتلى الكبيرة أكثر بكثير، ولحقيقة أن جزءاً كبيراً من القوات هم رجال احتياط بالكاد تدربوا، إذا ما تدربوا على الإطلاق، في السنوات الأخيرة ولعدد القتلى العالي بنار صديقة، والفوضى العامة، لحرب في منطقة مبنية ولتآكل الوحدات في الخطوة البرية التي تواصلت لزمن طويل جداً – فإن عدد القتلى رهيب وعظيم، لكن لا يزال أدنى بكثير مما هو متوقع في مثل هذه الظروف».
وعلى ذلك، كتب رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت في مقال بصحيفة (هآرتس) تابعته «العين الإخبارية»: «التوقعات التي أطلقتها حكومة التدمير لدينا في الهواء عن أهداف الحرب كانت لا أساس لها، ليست حقيقية وهي غير قابلة للتحقق من البداية».
فـ«نتنياهو قالها بوجه خجول وعيون ذابلة ويدين تتحرك بوتيرة ممثل المسرح بعد فترة قصيرة على تلقيه الصدمة الأولى في 7 أكتوبر، حينها ظهر وكأن عالمه انهار فوق رأسه»، يقول أولمرت، مضيفًا أن «إطلاق هذه الآمال تم لسبب تحايلي، بالتأكيد جميعنا نريد تصفية حماس، ولا يوجد أي شخص عاقل بيننا لا يأمل في اختفاء حماس».
حرب شخصية؟
وتابع: «نتنياهو لو كان في وعيه الكامل عندما أطلق إلى الفضاء في البداية هذا التعهد المتبجح، وبعد ذلك عندما كرره في كل مؤتمر صحفي قام بعقده، كان يجب عليه أن يعرف أنه لا توجد أي إمكانية حقيقية لتحققه. لكنه من اللحظة الأولى لم يكن ينشغل بحرب شعب إسرائيل، بل بحربه الشخصية. الحرب الشخصية له ولعائلته. خلق هذه التوقعات استهدف تمهيد الأرض في الوقت المناسب لاتهام كل المستويات التي توجد تحت مسؤوليته بعدم تحقيق هذه الأهداف».
واعتبر أولمرت أن «استمرار القتال سيجلب لنا إنجازات محلية مهمة، المزيد من الحمساويين ستتم تصفيتهم، والمزيد من الأنفاق سيتم كشفها، والمزيد من قادة حماس القاتلة سيتم كشفهم، تصفية لحماس لن تكون، موت مخطوفين، لا سمح الله، يمكن أن يكون».
وقال: «إذا أنهت دولة إسرائيل الحرب بعد دفع الثمن بالكثير من الضحايا، ورغم شجاعة القلب وتضحية القادة والمقاتلين والقيادة العسكرية، لدينا مع قائمة طويلة من المخطوفين الموتى، فلن نستطيع أن نغفر لأنفسنا كشعب وكمجتمع. إذا وصلنا إلى ذلك، إقصاء المحتال الفارغ والملعون عن رئاسة الحكومة بعاره، فإنه لن يشكل أي تعويض لفشلنا الأخلاقي كدولة».
واعتبر أولمرت أنه «لقد حان الوقت للحسم، إما وقف القتال مع مخطوفين على قيد الحياة، وإما وقف قتال مفروض علينا مع مخطوفين أموات».
خطة السنوار
تقول الهيئة العامة للبث الإسرائيلي إنه «يعتقد قائد منظمة حماس في قطاع غزة، يحيى السنوار، أن انسحاب القوات البرية للجيش الإسرائيلي من المدن الفلسطينية في شمال وجنوب قطاع غزة سيجعله يستعيد بعضا من قدرته على القيادة والسيطرة على المناطق احتلتها إسرائيل بالفعل».
وقال مصدر في قطاع غزة لصحيفة «هآرتس»، إن «إسرائيل تفسر ما يجري بشكل معاكس، فالسنوار ليس منقطعا عن الواقع».
وعلى حد قول المصدر، فإن وقف إطلاق النار الأخير لم يسفر عن نتائج مرضية لحماس، وبالتالي فإن المنظمة ليست مستعدة لتكرار نفس السيناريو. وإن حماس تريد تحقيق نتائج مهمة، ولهذا السبب تصر على وقف إطلاق النار لفترة أطول بكثير مما تعرضه إسرائيل، بالإضافة إلى انسحاب قوات الجيش الإسرائيلي».
aXA6IDMuMTQ0LjI1NS4xMTYg جزيرة ام اند امز