حرب غزة تعيد الحياة لـ«حل الدولتين».. هل تولد الانفراجة من رحم الأزمة؟
من غياهب النسيان، خرج الكلام عن حل الدولتين في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ليفرض نفسه على ساحة المفاوضات، وحديث القادة، رغم رفضه إسرائيليًا -حتى الآن-.
ففي ظل الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس، والتي لم تشق طريقها إلى هدنة جديدة أو تبريد ينهي اتساعها شرق أوسطيًا، بدأ قادة عدة دول يطرحون حلولا للصراع الحالي، لا تخلو بل ترفع شعار «حل الدولتين»، كأحد أقصر الطرق نحو إنهاء الأزمة الحالية.
وأمضى وسطاء من أجل السلام عقوداً من الزمن متشبثين بفكرة أن الفلسطينيين والإسرائيليين يمكنهم العيش جنباً إلى جنب في دولتين منفصلتين ذات سيادة. إلا أن الانقسامات الفلسطينية – الفلسطينية، وجنوح إسرائيل نحو اليمين المتطرف ورفض قادتها أي وجود لدولة فلسطينية وملل العديد من دول العالم من صراع متواصل منذ 75 عاما، حوّل الفكرة على مدى العقود الماضية إلى وهم.
ورغم ذلك، إلا أن الحرب التي بدأت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والتي تكشف الهوة بين القادة الإسرائيليين والفلسطينيين بشأن المستقبل، أعادت مجددًا حل الدولتين من غياهب النسيان.
ومع إصرار حليف إسرائيل القوي الرئيس الأمريكي جو بايدن والاتحاد الأوروبي على التأكيد أن حل الدولتين هو الحل الوحيد الممكن للصراع التاريخي، كرر الأسبوع الماضي، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رفضه لأي سيادة فلسطينية.
فماذا يقول الأطراف الآن؟
تؤيد السلطة الفلسطينية رسميا حلّ الدولتين. ودعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى عقد مؤتمر دولي حول هذه القضية في سبتمبر/أيلول الماضي، قائلا إنها «قد تكون الفرصة الأخيرة لإنقاذ حل الدولتين».
وفي العام 2017، قالت حركة حماس للمرة الأولى إنها تقبل بمبدأ إقامة دولة فلسطينية ضمن حدود ما قبل 1967، مع احتفاظها بهدف بعيد المدى يقضي بـ«تحرير كل فلسطيني التاريخية».
وترفض الحكومة الإسرائيلية الحالية برئاسة بنيامين نتنياهو أي حديث عن إقامة دولة فلسطينية. وطرح بعض الوزراء فكرة فتح باب التهجير القسري أو الطوعي أمام الفلسطينيين في غزة.
ماذا يعتقد الناس؟
على النقيض، تراجع تأييد «حل الدولتين» إلى حد كبير في الجانبين.
وقال استطلاع للرأي أجراه مركز «بيو» إن دعم الإسرائيليين اليهود قبل الحرب الحالية لهذا الحل انخفض من 46% في عام 2013 إلى 32% في العام الماضي.
وأفاد استطلاع أجرته مؤسسة «غالوب» قبل الحرب أيضا أن التأييد بين الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية انخفض من 59% عام 2012 إلى 24% العام الماضي.
ما تأثير حرب غزة؟
عاد قادة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة لتأييد هذه الفكرة علناً؛ فالأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قال الأسبوع الماضي إنه «من غير المقبول» حرمان الفلسطينيين من حقهم في إقامة دولتهم.
ودعا الرئيس الأمريكي جو بايدن مراراً إلى العمل على هذا الحل، قائلا الأسبوع الماضي: «هناك عدد من أنواع حلول الدولتين. هناك عدد من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.. ليس لديها جيوشها الخاصة».
وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إن عباس «ملتزم» بإصلاح السلطة الفلسطينية بطريقة تؤدي إلى إعادة توحيد غزة التي مزقتها الحرب والضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل تحت قيادتها.
وانتقد منسّق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الذي يدعم بقوة حلّ الدولتين، القادة الإسرائيليين. وتساءل يوم الإثنين: ما هي الحلول الأخرى التي يفكّرون فيها؟ إجبار جميع الفلسطينيين على الرحيل؟ قتلهم؟».
وأصرّ نتنياهو على أن أي اتفاق سلام يجب أن يحافظ على «السيطرة الأمنية لإسرائيل على جميع الأراضي الواقعة غرب نهر الأردن»، وهي المنطقة التي تشمل جميع الأراضي الفلسطينية.
ويبدو المحلل غينيارد أقل تفاؤلاً بشأن مستقبل حل الدولتين، قائلا: «قد أكون متشائماً، لكن الصراع الحالي لم يغيّر شيئاً لأن حلّ الدولتين كان ميتاً منذ زمن طويل على أي حال».
aXA6IDE4LjE4OC4yMjcuMTkyIA== جزيرة ام اند امز