من الجميزة إلى الأشرفية.. بيروت النابضة بالحياة أصبحت ركاما
منطقة الجميزة في وسط بيروت كانت تضج بالحياة، وأصبحت بين ليلة وضحاها منطقة منكوبة بكل ما للكلمة من معنى.
حول انفجار مرفأ بيروت الضخم، منطقة الجميزة في وسط بيروت التي لطالما عرفت بسهراتها ومطاعمها ومقاهيها إلى ركام.
تلك المنطقة الحيوية كانت تضج بالحياة، وأصبحت بين ليلة وضحاها منطقة منكوبة بكل ما للكلمة من معنى.
لا يوجد مكان بالمنطقة إلا وكان له نصيب من الدمار. الأبنية القديمة دمر قسم منها، وسقطت حجارتها على السيارات، الزجاج تطاير من كل شرفة ومبنى في الحي، المقاهي باتت من الماضي، والمحلات التجارية خسائرها فادحة إلى درجة أن بعضها لا يمكن معرفة ما كان يبيعه بعد أن أصبح مجرد ركام.
سيدة سبعينية كانت تجلس على كرسي إلى جنب دكان يعود لها، آثار الدماء والقطب الجراحية ظاهرة عليها، تقول والحزن في عينيها، لـ "العين الإخبارية": "ما حصل كارثة كبيرة لا نعرف سببها، كنت حينها في البيت عندما سقط الزجاج في كل مكان، اعتقدت بداية أنها نهاية الكون، الحمد لله أنني لا زلت على قيد الحياة فقد مرّ الموت من أمامي وأعطاني فرصة للنجاة".
يقاطعها زوجها بالقول: "لم يبق شيئاً في منزلنا، المطبخ دمر، غرفة الجلوس لم يبق لها أثر، لا أعلم من أين آتي بالمال لكي أصلح ما تكسر، فنحن لم يكن باستطاعتنا أن نؤمن قوت يومنا، الأزمة الاقتصادية أثقلت كاهلنا، فكيف الآن؟!".
عامل في أحد المطاعم كان يعاين الخسائر، تحدث عن لحظة الانفجار، وكيف تحول الشارع إلى ركام، قال "في لحظة انقلبت حياتنا رأساً على عقب، الجرحى بالمئات والزجاج المتطاير من الشرفات".
وأشار إلى دراجة نارية واقعة على الأرض إلى جانبها خوذة غطتها الدماء قائلا لـ "العين الإخبارية": " على هذا الدراجة سقط عامل دليفري شهيداً، رائحة دمائه لا تزال في الأرجاء، مشهد لفظه آخر أنفاسه لا يمكن أن يمحى من مخيلتي، أتمنى له الرحمة ولباقي الشهداء، كما أتمنى الشفاء العاجل لجميع الجرحى".
خسائر الأشرفية
من الجميزة، إلى الأشرفية الوضع ليس أفضل حالا، الدمار يخيم على أرجاء المكان.
في محلها لبيع التحف والثريات جلست لودي حبيقة تتأمل خسائرها وما حلّ بجنى عمرها، قالت والغصة تخنق صوتها "ما حصل مصيبة سيدفع ثمنها اللبنانيون على مدى سنوات، خسائري لا تقدر بثمن، المشهد وحده يتحدث عن نفسه".
وأضافت "تعبنا من بلد لا نعرف متى نخسر فيه حياتنا لأتفه الأسباب، في الأمس كنت متوجهة إلى منزلي عندما وقع الانفجار، أحمد الله أن الروح لا تزال في جسدي إلا أن هول المصاب كبير والجراح التي مزقت روحنا أكبر".
جالسا أسفل المبنى الذي يقطنه، تحدث طوني سماحة بغضب شديد لـ"العين الإخبارية" عن الخسائر قائلا: "أنا صاحب المبنى، خربوا بيتنا، 30 جريحاً ودمار كبير، مطعمي تحول إلى أنقاض"، مضيفا "كنت في الجبل حين حلّت الكارثة، فأنا مريض بالفشل الكلوي".
وأشار بيده إلى كرتونة وضعت على الرصيف شارحا: "هنا توفي شخصاً، عمال مطعمي أصيبوا بجروح، هذا أضرب عهد مر على لبنان".
القصص المأساوية كثيرة، آلاف العائلات دفعت ثمن انفجار لا يد لها فيه، منهم من كتب عليه أن يخسر حبيب، ومنهم من يخاف على جريح، فيما آخرون أصبحوا من دون مأوى.
رئيس بلدية بيروت جمال عيتاني، أكد أنه سيعقد اجتماعا طارئا للمجلس البلدي لاتخاذ قرارات بإيواء المتضررين وتقديم معونات لهم، إلا أن القدرة على تغطية كل المتضررين تبدو صعبة من هول الدمار الذي وصل إلى عشرات الكيلومترات بعيدا عن موقع الانفجار.
كما أن التعويض عنهم أمر مستبعد لاسيما وأنه كما قال محافظ بيروت إن الأضرار تقدر بخمس مليارات دولار.
وفي الوقت الذي كان لبنان يصب اهتمامه على مواجهة فيروس كورونا ومنع انتشاره، فإن الخوف بعد ما حدث أن لا يقتصر الأمر على القتلى والجرحى والدمار، بل أن ينتشر الوباء بعدما هرع المواطنون إلى المستشفيات للاطمئنان عن أقربائهم، واختلط الجميع مع بعضهم البعض ونسيانهم الفيروس.
ما حصل أفظع بكثير من كورونا، والأفظع الحديث عن أن نترات الأمونيوم التي كانت خلف الانفجار الكارثي، سيكون لها تأثير كبير بعد تطايرها في الهواء، وستظهر على صحة اللبنانيين في الأيام القادمة.
aXA6IDMuMTQyLjIwMS45MyA=
جزيرة ام اند امز