احتجاجات إيران.. ثورة "الجيل Z" لكسر القيود
بعد أكثر من 40 عاما من الدولة الدينية بإيران ينتفض جيل الإنترنت أو ما سماه خبير بـ"الجيل Z"، ليكسر حاجز الخوف ويعلن التمرد على القيود.
هذا الجيل هو الذي انتفض ضد نظام صارم، في حراك شعبي استقطب اهتمام العالم ويصر على الاستمرار رغم القمع والاعتقالات.
وعندما يجتاح الغضب الشوارع – الذي تؤججه المشاكل الاقتصادية واليأس السياسي وسلسلة من حالات الإحباط المكبوتة في دولة يستعر فيها الغضب بعد أكثر من 40 عاما من الديكتاتورية الدينية – تخمده قبضة النظام الحديدية التي لا تحتمل ولو حتى قدرا بسيطا من المعارضة.
واعتبر تحليل نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن الاضطرابات التي شهدتها إيران على مدار الأسابيع القليلة الماضية، قد تمثل منعطفا فارقا؛ حيث أشعلت وفاة مهسا أميني، الشابة الإيرانية التي لقيت حتفها بعدما احتجزتها شرطة الأخلاق الإيرانية بسبب عدم ارتدائها الحجاب، ثورة شبابية في شتى أنحاء البلاد.
ثورة على القيود
وشهدت مدينة تلو الأخرى احتجاجات نظمها طلاب ومواطنون عاديون، ينددون بالقيود الصارمة على اللباس بالأماكن العامة، وانتشرت على شبكات التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تتردد فيها هتافات: "نساء، حياة، حرية"، إلى جانب هتافات "الموت للديكتاتور"، في إدانة مباشرة وصارمة للمرشد الأعلى علي خامنئي.
وقوبلت الاحتجاجات بوحشية متوقعة، حيث أطلقت السلطات الإيرانية النار بشكل عشوائي على المظاهرات في حالات عدة. وطبقًا للجماعات الحقوقية، قتل أكثر من 100 شخص حتى الآن على أيدي قوات الأمن.
وعلاوة على أميني، فاقم مقتل مراهقتين على أيدي السلطات المحلية من تأجيج تلك المشاعر. واعتقل أكثر من ألف شخص، بينهم عشرات الصحفيين المحليين.
ويبدو أن المحتجين يتحلون بالشجاعة. وطبقًا لباحثين، ازداد الطلب على تطبيقات الشبكة الخاصة الافتراضية للتحايل على الرقابة الإلكترونية التي يفرضها النظام على الإنترنت بنسبة 3 آلاف % داخل البلاد، بينما تتواصل المظاهرات المناهضة للنظام وارتداء الحجاب.
وبالرغم من أعمال العنف التي ترتكبها قوات الأمن – وانقطاع التيار الكهربائي يوميا – لازال المحتجون في الشوارع. وبالنسبة للبعض، جعلهم القمع أكثر إصرارا.
وأشار التحليل إلى ظهور الجمهورية عام 1979 في أعقاب حركة احتجاجية جماهيرية ضد النظام الملكي الاستبدادي، لافتا إلى أن العديد من نخبها الحاكمة هم المتبقيين من تلك الحقبة الثورية، ويعكسون الوضع الراهن الذي، بالرغم من ترسخه، يتكلس، إذ يبدو أنه غير قادر على التغيير.
عين الغرب
وباتت النتائج المترتبة على العقوبات، وسوء الإدارة الاقتصادية، وسنوات من الأطماع السياسية في جوار إيران تلاحق النظام، الذي أصبح حديثه عن الثورة ومقاومة الإمبرياليين الغربيين جوفاء أكثر من أي وقت مضى.
وبالخارج، بلغت العدائية تجاه النظام الإيراني أعلى مستوى لها خلال عدة سنوات. واندلعت احتجاجات تضامنية مع الإيرانيات بشتى مدن العالم. وقطعت نائبات برلمانيات في أوروبا خصلات من شعورهن في تضامن رمزي معهن.
فيما فرضت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن عقوبات جديدة على مسؤولين إيرانيين كبار ضالعين في قطع الإنترنت والاعتداءات على المحتجين.
ووصف خامنئي الاضطرابات هذا الأسبوع بـ"الشغب" وألقى باللوم على المحرضين الغربيين، لكنه لا يمكنه تهدأة ثورة يقودها الشباب الذين يبدو أنهم سئموا من الضوابط الخانقة التي تفرضها مجموعة من أصحاب الأيديولوجيات المسنين.
"الجيل Z"
واستشهد التحليل بحوار أجراه عالم الاجتماع، مقصود فراستخة، مع صحيفة "دنياي اقتصاد" اليومية الإيرانية، ودفع فيه أن المحتجين، الذين يستخدمون الإنترنت مثل نظرائهم بأجزاء أخرى من العالم، يريدون حياة عادية بعيدة المنال بسبب النظام السياسي المنغلق في بلدهم.
وأضاف: "الجيل زد (Z) يرى نفسه في أجواء بائسة".
وتصعب حدة الغضب التكهن بالاتجاه الذي ستذهب إليه الاحتجاجات. ويرى المحللون أن الحراك ينشط تلقائيا دون قيادة ومع قليل من التنسيق أو النفوذ من الجاليات الإيرانية الكبيرة والمسيسة.
وقد يعكس الغضب انفجارا اجتماعيا أكثر منه حركة سياسية، لكن هذا لا يقلل من قوته وتأثيره، وفق المصدر نفسه.