مشاهد طريفة لا تُنسى في تاريخ الجمعية العامة للأمم المتحدة
على قطعة صغيرة من الأرض في شرق مانهاتن، يجتمع قادة من حوالي 200 دولة في أكبر حدث دبلوماسي في العالم.
لقاءٌ سنوي يتجدد في رحاب الجمعية العامة للأمم المتحدة، يطرح ملفات ساخنة على صفيح ملتهب من التوترات والصراعات والتحديات.
وبمجرد صعودهم على المنصة الرخامية الخضراء الشهيرة، تمتلك بعض الشخصيات في كثير من الأحيان ميكروفونا غير مقيد بشكل أساسي لعرض وجهات نظرها العالمية في ظل المعرفة الأكيدة بأن الكاميرات تدور وأن العالم يستمع.
فلم تخل أحداث هذا اللقاء على مدار انعقاده من المفاجآت والمشاهد الغريبة التي تحمل في بعضها غضبا وطرافة، تستعرض "العين الإخبارية" أبرزها.
حذاء خروتشوف
حدث أحد أغرب هذه المشاهد في عام 1960، عندما اعترض زعيم الاتحاد السوفياتي نيكيتا خروتشوف على التصريحات التي أدلى بها مندوب من الفلبين حول السياسات السوفياتية في أوروبا الشرقية.
حينها، رد الشيوعي المحارب الذي لم يكن رجلا معتادا على التعرض للانتقاد العلني، بضرب الطاولة بقبضتيه.
وعندما لم يُسكت ذلك مندوب الفلبين، ذهب إلى أبعد من ذلك حيث خلع حذاءه وضربه على الطاولة بدلا من ذلك.
حادثةٌ شهيرة أثارت عدة تفسيرات محتملة على مر السنين، من بينها أنه خلع حذاءه لأنه كان ضيقا للغاية، وأنه انخلع بعد أن داس عليه أحد الصحفيين. وقيل إن خروتشوف نفسه كان مسرورا بذلك.
شافيز و"الشيطان"
كان الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز في عام 2006 من بين زعماء العالم القلائل الذين اقتربوا من مجاراة المستوى الملحمي الذي أظهره خروتشوف في ازدراء منافسه.
وشبه الزعيم الاشتراكي، معارض صريح للولايات المتحدة، الرئيس الأمريكي آنذاك جورج دبليو بوش بشخصية لا تقل عن الشيطان.
وفي كلمته التي ألقاها في اليوم التالي لخطاب بوش، قال شافيز أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة: "لقد جاء الشيطان إلى هنا بالأمس".
وقام بوضع علامة الصليب على نفسه، وشبك يديه لفترة وجيزة كما لو كان يصلي، ونظر للأعلى قائلا: "هنا.. ولا تزال رائحة الكبريت حتى اليوم. بالأمس، أيها السيدات والسادة، من على هذه المنصة، جاء رئيس الولايات المتحدة، الرجل الذي أشير إليه بالشيطان، إلى هنا، ويتحدث كما لو كان يملك العالم".
وأثار خطاب شافيز وقتها ضحك الحاضرين في القاعة.
لكن كان هناك المزيد من الضحك في الجمعية العامة، عام 2018، وهذه المرة كان المتحدث هو الذي شعر بعدم الارتياح، الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
ففي الخطاب الثاني الذي ألقاه أمام الجمعية العامة منذ انتخابه رئيسا، دخل ترامب في حالة من التفاخر بإنجازاته، ليجد جمهورا أقل تعاطفا، وضحكات تتعالى في أرجاء القاعة.
حينها أدرك الملياردير ما كان يحدث، فبدا وكأنه قد فقد توازنه للحظات، ثم توقف مؤقتا وابتسم بحرج، وقال: "لم أكن أتوقع رد الفعل هذا. ولكن هذا على ما يرام".
ولاحقا ذكرت نيكي هيلي، سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة آنذاك، أن المندوبين "كانوا مستمتعين بصدق ترامب".
خيمة القذافي
قد يشكل السكن مشكلة بالنسبة لكبار الشخصيات الزائرة لنيويورك المدينة المزدحمة التي لا تنام.
ففي عام 2009، ابتكر العقيد الليبي الراحل معمر القذافي بعض الدراما أثناء محاولته العثور على مكان لنصب خيمته الشهيرة في نيويورك.
فالقذافي كان يحب نصب خيمة بدوية واستقبال زواره هناك بالطريقة التقليدية، وفعل ذلك خلال زيارته باريس وموسكو وروما.
لكن في نيويورك، تم رفض طلبه في البداية من سنترال بارك في مانهاتن وموقع في نيوجيرسي، قبل أن يخطط للبقاء في عقار دونالد ترامب في بلدة بيدفورد في الضواحي، على بعد 80 ميلا شمال المدينة.
خريطة نتنياهو
من أكثر اللحظات التي لا تنسى أيضا، استخدام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لرسم كاريكاتوري يشبه القنبلة، وقلما أحمر للرمز إلى خطر الانتشار النووي في إيران.
خطاب الـ4 ساعات
من الناحية الفنية، يتم منح جميع المتحدثين 15 دقيقة للتحدث، ولكن هذه القاعدة لا يتم تطبيقها لدى البعض.
فبعد 4 ساعات و29 دقيقة، كان خطاب فيدل كاسترو الأول في الجمعية العامة هو الأطول على الإطلاق.
بندقية ياسر عرفات
في عام 1974، تم إعلان منظمة التحرير الممثل الرسمي للشعب الفلسطيني، وتم منح ياسر عرفات شرفا لمخاطبة الجمعية العامة كأول ممثل لمنظمة غير حكومية.
لكن ظهوره أصبح لا يُنسى لأنه جاء إلى المنصة وهو يحمل مسدسا ويلوح بغصن زيتون قائلاً:"لقد جئت اليوم حاملا غصن زيتون وبندقية مناضل من أجل الحرية، لا يسقط غصن الزيتون من يدي".
ولاحقا قيل إن ياسر عرفات أزال المسدس قبل اعتلائه المنصة.
الأمومة
لم يمض على تولي رئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا أرديرن منصبها سوى أقل من عام، لكنها دخلت التاريخ بالفعل عدة مرات.
وأصبحت أرديرن أصغر رئيسة دولة في العالم عندما تم انتخابها عام 2017، وأصبحت ثاني زعيمة منتخبة تلد أثناء وجودها في منصبها.
وفي اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2018، أضافت أرديرن سابقة أخرى إلى تلك القائمة. فهي لم تلق خطابها الأول في الجمعية فحسب، وإنما أحضرت ابنتها الرضيعة، مما جعلها أول رئيسة دولة تحمل مولودها الجديد إلى القمة السنوية رفيعة المستوى.
وبعد أن لعبت مع ابنتها نيفي تي أروها، سلمتها أرديرن إلى شريكها كلارك جيفورد أثناء إلقاء خطاب في قمة نيلسون مانديلا للسلام.