الجنرال «وينتر» أعظم العسكريين الروس على مر العصور.. وهذه أبرز ملاحمه
كان الشتاء حليفا لروسيا لعدة قرون، وعاملا رئيسيا في هزيمة بعض أعظم الجيوش في التاريخ، من نابليون إلى قوات الفيرماخت الألمانية.
ولكن مع اقتراب فصل الشتاء على طول الحدود الروسية-الأوكرانية يلوح في الأفق تهديد جديد قد يعيد كتابة التاريخ كما نعرفه، بحسب موقع وور هيستوري أونلاين.
من هو "الجنرال وينتر"؟
الجنرال وينتر ليس قائدا عسكريا بارزا أو شخصا حقيقيا، بل هو الاسم الذي يُطلق على الشتاء القاسي الذي يميز مناخ روسيا، يُعرف أيضا بـ"الجنرال فروست (الصقيع)" و"الجنرال ماض (الطين)"، وظل الطقس القاسي لفترة طويلة أحد أعظم المزايا التي تمتلكها القوات الروسية.
تتسم فصول الشتاء الروسية بالثلوج والبرد الشديد، مما يجعل تقدم القوات الغازية أمرا بالغ الصعوبة، كما يشكل الطين عاملا رئيسيا في هذه المعادلة، يُطلق عليه محليا اسم "راسپوتيتسا"، حيث تمتزج الأمطار الخريفية ودفء الربيع مع ذوبان الثلوج لتشكل طينا يصعب اختراقه، مما يجعل الطرق غير المعبدة في روسيا كابوسا للقوات الغازية.
ولكي تنجح أي قوة غازية تحاول اختراق الحدود الروسية عليها التكيف سريعا مع هذه الظروف المناخية التي تكون أكثر فتكا من البنادق والرصاص.
الشتاء يقف حائلا ضد الغزو السويدي
ظهر دور الشتاء لأول مرة خلال الحرب الشمالية العظمى في أوائل القرن الثامن عشر، عندما غزا الملك تشارلز الثاني عشر السويدي روسيا عام 1707، وتراجعت القوات الروسية التي دمرت كل شيء بينها وبين السويديين المتقدمين.
وعندما حل الشتاء، الذي كان الأبرد والأكثر قسوة حتى الآن، ترك تشارلز الثاني عشر جيشه المكون من 35000 جندي عالقا وسط حرب مع الشتاء، وبحلول الربيع لم يتبق سوى 19000 جندي، وكتب فشلهم في معركة بولتافا نهاية مصير الإمبراطورية السويدية.
فشل غزو نابليون لروسيا
بعد قرن من الزمان وضعت جيوش نابليون نصب أعينها موسكو، وفي يونيو/حزيران 1812 اضطرت القوات الروسية إلى التراجع بينما تقدم 610000 جندي فرنسي، واتبعت روسيا نفس استراتيجية "الأرض المحروقة" التي نجحت مع السويديين، فأحرقت القرى بأكملها لمنع الفرنسيين من الاستفادة منها.
خلال الغزو انخفض عدد جنود جيش نابليون الكبير إلى 100000 فقط قبل أن ينسحبوا من موسكو مع بداية الصقيع.
بحلول 5 نوفمبر/تشرين الثاني غطت الثلوج روسيا وجعلت الطعام نادرا للغاية، والأسوأ من ذلك أن ملابس الشتاء لم تصل إلى الجنود الفرنسيين، مما تركهم عرضة للبرد بملابسهم الصيفية.
لقي الآلاف حتفهم بسبب الجوع وانخفاض حرارة الجسم قبل أن يعود نابليون إلى فرنسا، وكتب مستشاره المقرب أرماند دي كولينكور وصفا مرعبا للموت الجماعي الذي سببه الجنرال الشتاء في مذكراته:
"كان البرد شديدا لدرجة أن التخييم لم يعد محتملا.. وجدنا باستمرار رجالا، تغلب عليهم البرد، أُجبروا على التوقف وسقطوا على الأرض، ضعفاء جدا أو متجمدين حيث لا يستطيعون الوقوف.. وبمجرد أن ينام هؤلاء البؤساء كانوا يموتون.. النوم يأتي حتما، والنوم يعني الموت.. ما وصفته عن تأثيرات البرد الشديد، وعن هذا النوع من الموت بالتجمد يعتمد على ما رأيته يحدث لآلاف الأفراد، كانت الطرق مغطاة بجثثهم".
العملية بارباروسا
في يونيو/حزيران 1941 أطلقت ألمانيا عملية بارباروسا لغزو الاتحاد السوفياتي، التي أسفرت عن خسائر غير مسبوقة في أرواح الجنود والمدنيين، مما أدى في النهاية إلى هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الثانية.
في بداية العملية، تم حشد عدد من القوات أكثر من أي حملة أخرى في تاريخ البشرية، حيث واجه 3.8 مليون جندي ألماني نحو 2.9 مليون جندي سوفياتي.
كانت الخطة النهائية هي السيطرة على موسكو، ولكن بدلا من بدء الهجوم في أغسطس/آب كما كان مخططا، أُمر الجيش الألماني بالسيطرة على أوكرانيا، وبحلول أكتوبر/تشرين الأول 1941 كانت كييف تحت سيطرتهم، لكن تأخر الأوامر لبدء حصار موسكو منح الجيش الأحمر الوقت لتعزيز دفاعاته، ليحيط مليون جندي وألف دبابة تي-34 جديدة بالعاصمة.
على مشارف المدينة أوقف الوحل الألمان عن التقدم، وفي النهاية فشلوا في السيطرة على موسكو، ألقى القادة الألمان باللوم على الشتاء القارس في فشلهم، لكن الخطط واللوجستيات الرديئة أثبتت أنها قاتلة مثل الشتاء.