خريطة جينية لقردة الشمبانزي.. خطوة لمكافحة الصيد الجائر
وضع علماء للمرة الأولى خريطة بموائل قردة الشمبانزي البرية بفضل درس حمضها النووي، ما أتاح إعادة تكوين الهجرات السابقة لها.
وهذه الخريطة الجينومية التي شملت 828 قرداً قد تُستخدم لربط قردة الشمبانزي المخطوفة أو لحومها وأعضائها بموائلها الأصلية بهامش دقة يصل إلى مئة كيلومتر، ما يساعد السلطات في مكافحة الصيد الجائر لهذه الحيوانات.
ونُشرت هذه النتائج الأربعاء في المجلة العلمية "سيل جينوميكس".
وتقول معدة الدراسة الرئيسية من المعهد الإسباني للبيولوجيا التطويرية كلاوديا فونتسيري لوكالة الأنباء الفرنسية "إن استطعنا معرفة التنوع الجيني لهذه الأنواع المهددة بالانقرض وتاريخها الديموغرافي السابق، سنتمكن من وضع استراتيجيات حفظ أفضل".
وجُمعت عينات من الحمض النووي من كميات كبيرة من براز الشمبانزي في إطار مشروع طال 48 موقعاً في غرب أفريقيا ووسطها.
ويشكل البراز عاملاً ذا فائدة كبيرة في دراسة الأنواع المهددة بالانقراض، لأنه يسمح بجمع معلومات كثيرة بأقل تعرّض ممكن للحيوانات.
لكن استخدام البراز ينطوي على تحديات تقنية لأنّه لا يحوي إلا القليل من الحمض النووي الخاص بالحيوان.
ولتجاوز هذه العقبة، استخدم الباحثون تقنية حديثة لتسلسل الحمض النووي الريبوزي المنقوص الأكسجين، وهي طريقة استُعملت للمرة الأولى في دراسة بقايا تابعة للإنسان البدائي كانت تالفة لأنها تعود إلى آلاف السنين.
وأتاحت هذه التقنية للعلماء أن يكتشفوا متغيرات أكثر بنسبة 50% لكروموسوم معين (كروموسوم 21) مقارنة بما حُدد حتى اليوم، بفضل ما توصلوا إليه استناداً إلى هذه التقنية، تمكنوا من الاستنتاج التاريخ الجيني لمختلف مجموعات الشمبانزي، ما أدى إلى تحسين المعرفة العلمية في هذا المجال بشكل كبير.
وفي الماضي، وضع تسلسل لتسع وخمسين جينوماً كاملاً للشمبانزي، وكانت معظم هذه الحيوانات موضوعة في الأسر، ما أتاح توفير معلومات قليلة ومحدودة في شأن أصولها.
وعلى غرار البشر، لقردة الشمبانزي تاريخ هجرة معقد. واستطاع العلماء في هذه المسألة أن يعودوا بالزمن إلى ما قبل مئة ألف عام.
وتقول ميمي أرانديلوفيتش التي شاركت في إعداد الدراسة وتعمل في معهد ماكس بلانك للأنثروبولوجيا التطورية "سُجّل الكثير من الجدل في شأن ما إذا كانت سلالات الشمبانزي الأربعة متباينة بالفعل فيما بينها أم أنها تتمتع باستمرارية جينية".
وتضيف "باستخدام طرق مختلفة لتحليل اختلافات قديمة جداً وأحدث بقليل، توصلنا إلى تأكيد أنّ تاريخ هذه الحيوانات معقد كتاريخ البشر".
ويبدو أن الأنواع الفرعية من قردة الشمبانزي فُصلت في الماضي، ولكن مرت كذلك بفترات من التبادل الجيني، ما يساعد على تفسير سبب توصل الدراسات السابقة في كثير من الأحيان إلى استنتاجات مختلفة.
ويلاحظ الباحثون أنّ الحواجز الجغرافية بين الأنواع الفرعية أو مجموعات معينة (البحيرات والأنهار...) كانت تؤدي إلى اختلافات وراثية، وحصلوا على معلومات إضافية في شأن تزاوج الشمبانزي مع قردة البونوبو.
ومن المسائل المهمة التي توصل إليها الباحثون كذلك، أنهم تمكنوا من تحديد روابط قوية بين قردة الشمبانزي التي تعيش في غرب أفريقيا، مما يدل على أهمية الحفاظ على الجسور بين الغابات في هذه المنطقة، على ما تؤكد ميمي أرانديلوفيتش.
وتتيح هذه الخريطة الجديدة كذلك تحديد الأماكن التي أتت منها قردة الشمبانزي التي تعرضت لأسر غير قانوني.
ورغم أن إعادة دمجها في البرية مهمة صعبة بسبب الأنماط الاجتماعية المعقدة التي تتمتع بها هذه المجموعات من الحيوانات، فجرى إثبات أنّ القردة تتغلب على ما مرت به بطريقة أفضل عند إطلاقها قرب موائلها الأصلية.
وتوضح كلاوديا أنّ إطلاق القردة قرب موائلها الأصلية "من شأنه أن يساعد السلطات على تتبع مساراتها المحتملة".
ويأمل العلماء أن يتمكنوا مستقبلاً من تحسين هذه الخريطة عبر جمع عينات جديدة، وتوسيع تقنية التحليل هذه لتشمل رئيسيات أخرى.
aXA6IDUyLjE1LjIyMy4yMzkg جزيرة ام اند امز