«آلة زمنية وراثية» تكشف النقاب عن الثقافة التراكمية لدى الشمبانزي
كشف بحث علمي جديد عن أدلة قوية تشير إلى أن ثقافة الشمبانزي تتسم بالتراكمية وتنتقل عبر الأجيال.
واستخدم العلماء في الدراسة تقنية مبتكرة أطلقوا عليها "آلة الزمن الوراثية" لاستكشاف تاريخ انتقال الجينات للشمبانزي على مدى آلاف السنين، مما أظهر ارتباطًا بين هجرة الإناث وتطور تقنيات متقدمة لاستخدام الأدوات.
تُعرف الثقافة لدى الشمبانزي من خلال استخدام الأدوات، حيث تتنوع بين البسيطة مثل الحجارة والأدوات المركبة كتقنيات اصطياد النمل الأبيض باستخدام أوراق وعيدان خشبية.
هذه التقنيات لا تنشأ عشوائيًا، بل تنتقل وتتطور بين المجموعات الاجتماعية بفضل ما يُعرف بـ "الثقافة التراكمية"، وهو ما يميز الشمبانزي والبشر على حد سواء.
دور الإناث في نشر الثقافة
ووفقًا للدراسة، تلعب إناث الشمبانزي دورًا أساسيًا في نقل الثقافة. عند بلوغ الإناث مرحلة النضج الجنسي، ينتقلن إلى مجموعات اجتماعية جديدة كآلية للحد من زواج الأقارب.
وعندما تنضم أنثى إلى مجتمع جديد، تحاول غالبًا تبني تقاليد هذا المجتمع لضمان اندماجها وحماية نسلها في المستقبل. هذا السلوك يساهم في انتشار الأفكار والتقنيات بين المجتمعات المجاورة على المدى القصير، وبين المجتمعات الأبعد جغرافيًا عبر الأجيال.
"آلة زمنية" للثقافة
استطاع فريق العلماء تحليل تاريخ الثقافة لدى الشمبانزي من خلال دراسة انتقال الجينات، وهو ما عوّض عن غياب الأدوات القديمة التي يصعب تتبعها بسبب تحللها بمرور الوقت. أظهرت النتائج أن انتشار السلوكيات المعقدة، مثل تكسير المكسرات في حديقة "تاي" الوطنية بساحل العاج، يتماشى مع أنماط هجرة الإناث.
أوضح البروفيسور أندرو وايتن، أحد الباحثين، أن هذه السلوكيات نادرًا ما تُخترع وتنتقل أساسًا عبر الإناث اللواتي يهاجرن بين المجتمعات. وتؤكد الدراسة أن الثقافة التراكمية لدى الشمبانزي قد تكون سمة تطورية تمتد إلى السلف المشترك بين البشر والشمبانزي.
الحفاظ على الثقافة الحيوانية
أثارت الدراسة اهتمام برنامج الأمم المتحدة للبيئة، حيث دعت إلى حماية التنوع الثقافي لدى الحيوانات بجانب التنوع البيولوجي. وأوضح وايتن أن جهودًا كبيرة تُبذل للحفاظ على السلوكيات الثقافية المهددة، مثل تكسير المكسرات في غرب إفريقيا. هذه المبادرات تتطلب تنسيقًا بين الدول والمنظمات الدولية والمحلية، لضمان حماية الثقافات الحيوانية التي تعد جزءًا لا يتجزأ من البيئة.
تفتح هذه الدراسة آفاقًا جديدة لفهم تطور الثقافة لدى الشمبانزي وعلاقتها بالبشر، وتسهم في تعزيز جهود الحفاظ على التنوع الحيوي والثقافي للحيوانات المهددة بالانقراض.
aXA6IDE4LjIxOS4xMDcuMjQzIA== جزيرة ام اند امز