"جنيف 3".. مشاورات يمنية تنطلق وسط مخاوف من إجهاضها حوثيا
مشاورات جديدة تستضيفها مدينة جنيف السويسرية، وترنو للدفع بالأزمة اليمنية نحو حل سلمي يخشى مراقبون أن تجهضه مليشيات الحوثي في المهد
مشاورات جديدة تستضيفها مدينة جنيف السويسرية، الخميس، وترنو للدفع بالأزمة اليمنية نحو حل سلمي يخشى مراقبون أن تجهضه مليشيات الحوثي في المهد.
محطة أخرى تتوقف عندها الحرب اليمنية المستعرة منذ نحو 4 سنوات، لتنتقل فيها الأحداث من جبهات القتال إلى طاولة المشاورات، برعاية الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص إلى اليمن، الدبلوماسي البريطاني مارتن جريفيث.
وبقدر الوضوح الذي تظهره الحكومة اليمنية المتمسكة بأن تقوم أي مقترحات وأفكار للحل على أساس المرجعيات السياسية الثلاث (المبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني، والقرار الأممي ٢٢١٦)، إلا أن المخاوف تتفاقم من أن يجهض الحوثي المشاورات أو مخرجاتها كما سبق وأن فعل من قبل.
ومرارا، شددت الحكومة الشرعية باليمن على تمسكها بالمبادرة الخليجية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، أساسا لأي حل سياسي للأزمة في البلاد.
ملفات معقدة بمشاورات غير مباشرة
مشاورات غير مباشرة، من المنتظر أن تجري على مدار 5 أيام في مقر الأمم المتحدة بمدينة جنيف، وتواكبها العين الإخبارية من مكان انعقادها.
وبناء على ذلك، فإنه من المقرر أن تجري المشاورات بين الوفدين وجريفيت بشكل منفصل، قبل أن ينقل الأخير موقف كل طرف للآخر للتوافق عليها.
أما أجندة عمل المشاورات، فتشمل ملفات بالغة التعقيد تشكل أركان الأزمة، وفي مقدمتها بناء الثقة والمحتجزين، إضافة إلى العمليات العسكرية في الحديدة، وانسحاب الحوثيين من المدن والمحافظات التي احتلوها، وغيرها من الملفات الأخرى.
والواضح من خلال تتبع الخط البياني للمشاورات السابقة وأسباب فشلها، فإن جريفيث سيحاول التركيز في جولة جنيف هذه على الملفات الرئيسية.
ولتوفير حيز معقول من الضمانات، يطرح بناء الثقة نفسه أحد أبرز الملفات التي ستتصدر طاولة مشاورات الغد، خاصة وأن رفض مليشيات الحوثي سابقا حقق اختراقا بهذا الملف عقب رفضها خطوات إجراء بناء الثقة، وهو ما أفشل الجولات السابقة.
ويبدو أن التركيز على هذا الملف كان لافتا في تصريحات جريفيث حول "جنيف 2"، التي عقدت بمدينة بيل السويسرية، حين وصف هذه المشاورات بالجولة الأولى، وقال إن "من شأنها أن تتيح الفرصة للأطراف. من بين أمور أخرى ـ مناقشة إطار المفاوضات والاتفاق على إجراءات بناء الثقة ووضع خطط محددة لدفع عملية السلام إلى الأمام".
الحوثي.. ألغام تهدد مسار سلام
تنطلق مشاورات "جنيف 3" مثقلة بمخاوف جمة من إجهاضها من قبل الحوثي، تماما كما فعلت الميليشيات في جولات سابقة.
فخلال المشاورات المقامة بجنيف في 2015، انتهت وكأنها لم تنعقد، بسبب تعنت المليشيات وإصرارها على المشاركة بـ"حوار قوى سياسية"، أي ترفيع مستوى تمثيلها بالمفاوضات إلى أكثر من وفدها.
أمّا في الجولة الثانية من المفاوضات، التي يصطلح عليها إعلاميا وسياسيا بـ"جنيف 2"، والمنعقدة بمدينة "بيل" السويسرية، فتمكّن المبعوث الأممي حينها إسماعيل ولد الشيخ أحمد، من تجاوز مسألة الاختلاف حول صيغة الحوار.
وجرى الاتفاق على هدنة بالتزامن مع انطلاق المفاوضات في 15 ديسمبر/ كانون أول 2015، غير أنّ الحوثي اخترق الهدنة، ما قاد نحو نهاية خالية الوفاض للمشاورات.
خروقات خلال المفاوضات، تنضاف إلى لائحة طويلة من الانتهاكات على الأرض وحتى في البحر.
واستهدفت المليشيات المدارس والمستشفيات، وحولت المواقع المدنية إلى معسكرات تدريب وسجون، وجندت الأطفال واستخدمتهم دروعا بشرية، وعذبت السكان وقتلتهم وسحلتهم ونكلت بجثثهم.
وحولت المليشيات اليمن إلى ساحة اقتتال تنساب بين جوانبها أنهار الدماء، قبل أن تتوجه صواريخها الباليستية نحو الجارة السعودية.
ولم يكتف الانقلابيون بتحويل الأرض اليمنية إلى جحيم مشتعل، وإنما فخخوا البحر ليصبح طريق موت آخر ينضاف إلى رصيدهم الأسود.
حصيلة قاتمة قد لا تجعل السلام على من فجر الحرب وانقلب على الشرعية، أمرا محببا، بل إن قناعة شبه راسخة تتملك مراقبين بأن الحرب أهون وأسهل على الحوثي من السلام، وهذا ما اتضح من خروقات الميليشيات في المشاورات السابقة.
نقاط تجعل مشاورات الغد مفتوحة على جميع السيناريوهات، ومشحونة باحتمالات قد تمنح جريفيث تأشيرة العبور نحو المستوى التالي ألا وهو المحادثات، أملا في حل سلمي تدعمه دول التحالف العربي.
aXA6IDE4LjExOC4yOC4yMTcg جزيرة ام اند امز