ورقة جيوسياسية «حيوية».. هل يدشن الغاز حقبة الوفاق «الأوروبي-الروسي»؟
وسط المتغيرات الجيوسياسية الحالية ربما تُعيد ورقة الغاز الاتحاد الأوروبي إلى طاولة المفاوضات مع موسكو.
ألكسندر نوفاك نائب رئيس وزراء روسيا قال، السبت 27 يناير/كانون الثاني، إن موسكو مستعدة لإجراء محادثات مع الاتحاد الأوروبي بشأن إمدادات الغاز الطبيعي قبل انتهاء اتفاق مع أوكرانيا لنقل الغاز في أواخر 2024.
وبموجب اتفاق مدته خمس سنوات أبرمته موسكو مع كييف في 2019، تُصدّر روسيا الغاز إلى أوروبا عبر أوكرانيا مقابل رسوم استخدام شبكة خطوط أنابيب.
ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن نوفاك، قوله "إذا رغب الطرف الآخر (الاتحاد الأوروبي) فنحن مستعدون للمناقشات، حتى الآن لا نرى أي رغبة في هذا".
وسبق أن توسطت بروكسل في المحادثات التي أدت إلى إبرام اتفاقيه نقل الغاز الروسي في أواخر 2019، والبالغة 110 ملايين متر مكعب يوميًا على مدار 5 سنوات.
وأحجم مسؤول بالاتحاد الأوروبي، الجمعة 26 يناير/كانون الثاني 2024، عن التكهن بشأن فرص تمديد اتفاق نقل الغاز عبر أوكرانيا بعد 2024، لكنه قال إن التكتل يقيّم جميع الاحتمالات والاستعداد لها.
استمرار الإمدادات الروسية
وكانت شركة غازبروم الروسية قد أفادت بأن "إمدادات الشركة بالغاز إلى أوروبا عبر أوكرانيا بلغت 42.2 مليون متر مكعب يومياً، من خلال محطة سودجا لضخ الغاز في منطقة كورسك الروسية".
وأضاف ممثل الشركة، وفقاً لما ذكرته وكالة أنباء تاس الروسية، السبت، "أن شركة غازبروم تزود أوروبا عبر الأراضي الأوكرانية بالكمية التي أكدها الجانب الأوكراني عبر محطة سودجا لضخ الغاز البالغة 42.2 مليون متر مكعب يوم 27 يناير، وتم رفض طلب إنشاء محطة ضخ الغاز سوخرانوفكا".
ويظل خط العبور عبر أوكرانيا هو الطريق الوحيد لإمدادات الغاز الروسي إلى دول غرب ووسط أوروبا، وتم إيقاف الضخ عبر خط أنابيب نورد ستريم تماماً.
وفي سياق آخر، سجلت شركة روسنفت النفطية الروسية رقما قياسيا لإنتاج الغاز بـ106 مليارات متر مكعب في نهاية عام 2023.
وقال النائب الأول لرئيس شركة روسنفت سيرجي منجينسكي إن "روسنفت هي أيضا أكبر منتج مستقل للغاز، وصلنا في 2023 لأعلى رقم قياسي تاريخي، حيث أنتجنا 106 مليارات متر مكعب من الغاز ووصلنا إلى حصة سوقية تبلغ 14%".
- «غازبروم» الروسية تتحدث عن فائض في النفط.. هل تخفض «أوبك+» الإنتاج؟
- وعد بوتين لأفريقيا يتحقق.. القمح الروسي يتدفق بآلاف الأطنان «مجانا»
تشريع أوروبي يختمر بـ«الحظر»
انخفضت واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز الطبيعي المُسال الروسي بشكل طفيف العام الماضي 2023، بعد ارتفاعها بشكل كبير في عام 2022، بينما تتزايد الثقة بأن التكتل يمكنه التخلّص من واردات الوقود الأحفوري من موسكو بشكل كامل، حسب صحيفة "فاينانشيال تايمز".
وقالت الصحيفة البريطانية، في تقرير لها بتاريخ 5 يناير/كانون الثاني 2024، إن صناع السياسة في بروكسل يعملون الآن على وضع اللمسات النهائية على تشريع سيسمح بموجبه للدول الأعضاء بحظر استيراد الغاز الروسي بشكل كامل عبر خطوط الأنابيب، وكذلك الغاز الطبيعي المُسال، بعد مرور عامين تقريباً على الحرب الروسية-الأوكرانية، والتي دفعت التكتل إلى التحرك للاستقلال عن روسيا في مجال الطاقة.
ويعتقد بعض التجار والمحللين ومسؤولي الاتحاد الأوروبي أن التشريع يمكن أن يتيح خفضاً تدريجياً للواردات الروسية وصولاً إلى المنع الكامل، دون حدوث تأثيرات كبيرة على سوق الغاز الأوروبي، على الرغم من أن الاتحاد كان يحصل على ما يقرب من نصف إمداداته من موسكو قبل الحرب.
ويمثل الغاز الطبيعي المُسال الروسي، وما تبقى من غاز خطوط الأنابيب الروسية، 13% فقط من إجمالي إمدادات الكتلة العام الماضي، انخفاضاً من 40% في عام 2021، وفقاً لشركة S&P Global Commodity Insights.
وأظهرت بيانات من مجموعة بورصة لندن للأوراق المالية أن واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز الطبيعي المُسال من روسيا، بلغت 20.5 مليار متر مكعب في عام 2022، وهو ما يمثل قفزة بنسبة 30% مقارنة بعام 2021، وقد شهدت هذه الواردات انخفاضاً طفيفاً العام الماضي، إذ بلغت 19.8 مليار متر مكعب.
ووفقاً للصحيفة، يتناقض الوضع الحالي في الكتلة إلى حد كبير مع الوضع في 2022، عندما قيدت موسكو إمدادات خطوط الأنابيب، واضطر الاتحاد آنذاك إلى السعي للحصول على الغاز الطبيعي المُسال في السوق العالمية لتعويض الكميات المفقودة.
وبلغت أسعار عقود الغاز القياسية الأوروبية أكثر من 300 يورو لكل ميغاواط/ساعة في ذلك الوقت، في ذروة أزمة الطاقة، ولكن أسعار الغاز أصبحت الآن عُشر ما كانت عليه حينها، مع مستويات تخزين أعلى بشكل مريح من متوسط الخمس سنوات السابقة.
وفي حال التخلص التدريجي من الغاز الطبيعي المُسال الروسي من أوروبا فسيكون هناك بعض "الضغط التصاعدي" على سعر الغاز الأوروبي.
ورجحت الصحيفة أن وقف تدفقات خطوط الأنابيب بشكل كامل سيكون أمراً صعباً، إذ لا تزال العديد من الدول الأعضاء غير الساحلية في الاتحاد، أبرزها المجر والنمسا، تعتمد بشكل كبير على الإمدادات الروسية.
وكان الطلب على الغاز في الاتحاد الأوروبي في طريقه للانخفاض بنسبة 7% في عام 2023، مقارنةً بالمستوى المنخفض بالفعل في عام 2022، وفقاً لبيانات "ستاندرد آند بورز".
مسارات بديلة للغاز الروسي
فيما تعتزم روسيا استعمال طرق بديلة وإمدادات الغاز الطبيعي المنقولة بحرا، حال لم تمدد أوكرانيا اتفاقية نقل الغاز الروسي إلى أوروبا، وفق ما قاله الناطق الرسمي باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، الجمعة 26 يناير/كانون الثاني الجاري، ونشرته وكالة رويترز.
وأضاف بيسكوف أن السلاسل اللوجستية لصادرات الغاز الروسية سيجري إصلاحها ما لم تُمدد الاتفاقية المذكورة، موضحا "السؤال يتمحور حول كيفية وصول الغاز إلى هناك (أوروبا)، وبالطبع هناك مسارات قائمة بالفعل تتعلق بتركيا، وهناك إمدادات غاز مسال عليها طلب حاليًا"، كما أوردت منصة "طاقة".
ونقلت وسائل إعلام مختلفة عن الحكومة الأوكرانية قولها، إن كييف لن تسعى لإجراء مباحثات مع موسكو بشأن إمكان تمديد اتفاقية نقل الغاز الروسي إلى أوروبا.
وتابع: "أعني بذلك أن هناك مسارات بديلة، لكن جميعها محجوزة.. وبالطبع سيقود هذا إلى تغييرات في السلاسل اللوجستية كافّة".
aXA6IDEzLjU4LjIwNy4xOTYg
جزيرة ام اند امز