الملح الزائد يضعف المناعة
الكمية القصوى من الملح التي يجب أن يستهلكها البالغون هي 5 جرامات في اليوم، لا أكثر، وفقا لتوصيات منظمة الصحة العالمية
كشفت دراسة ألمانية حديثة أن النظام الغذائي عالي الملح ليس فقط سيئا لضغط الدم، ولكن أيضا لجهاز المناعة.
وخلال الدراسة التي أجراها فريق بحثي من مستشفى "بون" الجامعي، ونُشِرت نتائجها في دورية "ساينس ترانسليشن ميديسن"، الأربعاء، وجد الباحثون أن الفئران التي تغذّت على نظام غذائي عالي الملح عانت من عدوى بكتيرية أكثر حدة.
وأظهر المتطوعون من البشر الذين استهلكوا 6 جرامات إضافية من الملح يومياً، نقصا واضحا في المناعة، وهذه الكمية تتوافق مع محتوى الملح في وجبتين من الوجبات السريعة.
والكمية القصوى من الملح التي يجب أن يستهلكها البالغون هي 5 جرامات في اليوم، لا أكثر، وفقا لتوصيات منظمة الصحة العالمية.
وتعادل هذه الكمية ملعقة صغيرة تقريبا، ومع ذلك يتجاوز العديد من البشر هذا الحد بشكل كبير، وتشير أرقام معهد "روبرت كوخ" الألماني إلى أنه في المتوسط يستهلك الألمان من الرجال 10 جرامات يومياً، والنساء أكثر من 8 جرامات في اليوم.
وتقول الدكتورة كريستيان كورتس من معهد المناعة التجريبية في جامعة بون: "ملح الطعام أو كلوريد الصوديوم، وهو الاسم الكيميائي له، يرفع ضغط الدم، وبالتالي يزيد من خطر الإصابة بالنوبة القلبية أو السكتة الدماغية، ولكن ليس ذلك فحسب، فقد استطعنا أن نثبت للمرة الأولى أن الإفراط في تناوله يضعف أيضاً بشكل ملحوظ جهاز المناعة".
وهذه النتيجة تصفها كريستيان كورتس بأنّها غير متوقعة، إذ ذهبت بعض الدراسات في الاتجاه المعاكس، فعلى سبيل المثال، يحدث تعافٍ من العدوى ببعض الطفيليات الجلدية في حيوانات المختبر بشكل أسرع إذا استهلكت نظاما غذائيا عالي الملح، فالبلاعم، وهي خلايا مناعية تهاجم وتأكل وتهضم الطفيليات، تنشط بشكل خاص في وجود الملح، واستنتج العديد من الأطباء من هذه الملاحظة أن كلوريد الصوديوم له تأثير تعزيز المناعة بشكل عام.
ومن جانبها، تقول كاتارزينا جوبين، المؤلفة الرئيسية للدراسة: "تظهر نتائجنا أن هذا التعميم غير دقيق، لأن الجسم يحافظ على تركيز الملح في الدم، ولكن الاستهلاك الزائد منه يضعف العمليات البيولوجية المهمة، والاستثناء الرئيسي الوحيد هو الجلد، فهو يعمل كمستودع ملح للجسم، وهذا هو السبب في أن تناول كمية إضافية منه تسهم بشكل جيد في علاج بعض الأمراض الجلدية".
وتضيف: "مع ذلك، لا تتعرض أجزاء أخرى من الجسم للملح الإضافي المستهلك مع الطعام، وبدلاً من ذلك، تتم تصفيتها عن طريق الكلى وتفرز في البول".
وتحتوي الكليتان على مستشعر كلوريد الصوديوم الذي ينشط وظيفة إفراز الملح، ومع ذلك، كأثر جانبي غير مرغوب فيه بسبب زيادة الاستهلاك، يتسبب هذا المستشعر أيضا في تراكم ما يسمى "الكورتيكوستيرويدات" في الجسم، وهذه بدورها تمنع وظيفة الخلايا المحببة، وهي النوع الأكثر شيوعا من الخلايا المناعية في الدم، كما تؤكد جوبين.
ووجد الباحثون أن تأثر هذه الخلايا باستهلاك الفئران الزائد من الملح لم يمكنها من مقاومة عدوى الليستريا، وهي بكتيريا موجودة على سبيل المثال في الأطعمة الملوثة، ويمكن أن تسبب الحمى والقيء والإنتان، وفي المتطوعين من البشر، أدى تناول الملح الزائد أيضا إلى زيادة مستويات "الكورتيكوستيرويدات" التي تمنع وظيفة الخلايا المحببة المناعية.