يواجه العالم أزمة كبيرة، بعد أن خفضت الصين صادراتها الخارجية من معدني الجرمانيوم والغاليوم الضروريين لصنع أشباه الموصلات، لصفر.
هذا القرار يأتي بعد مرور شهر على إعلان الصين عن نيتها لخفض صادراتها من هذين المعدنين، قبل أن تعود بكين لتسمح ببعض تراخيص التصدير، إلا أن هذا الإجراء يعكس ما لدى الصين من سلاح قوي، يمكنها استغلاله في الحرب التجارية التي تدور حول مستقبل التكنولوجيا.
والقيود التي فرضتها الصين على صادرات هذين المعدنين، تأتي بعد ان قيدت الولايات المتحدة وأوروبا واليابان، مبيعات الرقائق ومعدات تصنيع الرقائق للصين، فكان هذا التضييق بمثابة الرد، على مساعي الغرب لمنع وصول الصين للتكنولوجيا الرئيسية التي يمكن ان تستغلها في عمليات التسليح.
وبحسب تصريحات لمدير التكنولوجيا الجيولوجية في مجموعة أوراسيا، "تشاو مينج لو"، فإنه حتى الآن من الصعب تحديد مدى تشديد الصين على صادرات المعادن، ولكن إذا ما طبقت الصين المنع على كميات كبيرة، فإن ذلك سيتسبب في تعطيل سلسلة التوريد للمستهلكين المباشرين المتعاملين مع الصين في هذا الشأن.
شبه احتكار
ووفق المؤشرات الخاصة بهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، فإن الصين هي الدولة شبه المحتكرة على مستوى العالم لإنتاج معدني الجرمانيوم والغاليوم الضروريين لصناعة أشباه الموصلات.
وتقول أحدث إحصائية، إنه خلال عام 2022 الماضي، استحوذت الصين على 98% من الإنتاج العالمي لمعدن الغاليوم، و68% من انتاج الجرمانيوم المكرر.
والمعضلة التي تواجهها الولايات المتحدة في تقييد الصين صادرات هذين العنصرين، أن ما لدى الغرب من بدائل يتطلب بناء سلسلة توريد مستقلة لمعالجة معدني الغاليوم والجرمانيوم، وهذا يستدعي من أمريكا وحلفائها حجم استثمارات هائلة، يزيد على 20 مليار دولار.
ذلك بحسب تقديرات الخبيرة "مارينا تشانج" الأستاذة المشاركة في جامعة التكنولوجيا في سيدني، التي اشارت إلى أن الأمر قد يستغرق سنوات، لتطوير نظام معالجة ذي كفاءة عالية مثل الذي تعتمد عليه الصين.
وعبر تدوينة لها كتبتها في يوليو/تموز الماضي، قال "مارينا تشانج"، أنه ليس من السهولة بمكان، بناء تقنيات التكرير ومرافق لمعالجة العنصرين من المعادن في وقت سريع.
مع الوضع بالاعتبار ما سيكون لذلك من نتائج تترب على البيئة، بسبب استخرجهما وتعدينهما.
وتكمن أهمية المعادن في درجة احتياج سلاسل التوريد لها، الخاصة بصناعات أشباه الموصلات الدولية والدفاع والمركبات والاتصالات، وهي قطاعات تقدر قيمة الاستثمارات بها بمئات المليارات من الدولارات.
سيطرة على الإنتاج
وفيما لا يقل عن 10 سنوات، نجحت الصين في الهيمنة على إنتاج معدني الغاليوم والجرمانيوم، والغاليوم هو معدن فضي ناعم، من السهل قطعه بالسكين، ويتم استخدامه بشكل شائع لإنتاج مركبات قادرة على صنع شرائح ترددات راديو للهواتف المحمولة والاتصالات، وذلك من خلال الأقمار الصناعية.
أما العنصر الثاني وهو الجرمانيوم، فهو معد صلب يغلب عليه اللون الأبيض الرمادي، ويعرف بهشاشته، ويستخدم في إنتاج الألياف الضوئية التي يمكنها نقل الضوء والبيانات الإلكترونية من مصدر لآخر.
والعنصران دائما ما يتم العثور عليهما معا في الطبيعة، وجرت العادة أن يتم تشكيلهما كمنتج ثانوي يستخدم في عملية التعدين للمعادن الأكثر شويعا، مثل الألمنيوم والزنك والنحاس.
وفي الفترة بين عامي 2005 و2015، شهد إنتاج الصين من معدن الغاليوم منخفض النقاء ارتفاعا من 22 طنا إلى 44 طنا متريا، وذلك وفق بيانات أعلن عنها مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن.
ذلك ما زاد من مكانة الصين الرائدة في صناعة الألمنيوم وسمح لها بالحصول على حصة مهيمنة في إنتاج الغاليوم العالمي.