"خريف الغضب".. أزمة الطاقة تحرك أسطورة "اليوم إكس" في ألمانيا
"خريف الغضب" بات مصطلح متداول بشكل كبير في ألمانيا إثر تقارير عن تحركات في الشارع مع انخفاض درجات الحرارة وبروز أزمة الطاقة في البلاد.
وكثيرا ما يصطدم القارئ بهذا المصطلح وتتعدد التقارير عن خلفيته وسببه ومآلاته، لكن هناك تباين بين نظرتي الصحافة والأمن الألماني لهذا الأمر وإمكانية حدوثه.
فعلى صعيد الأمن، قال رئيس هيئة حماية الدستور، توماس هالدينوانج، "أولاً وقبل كل شيء، الاحتجاجات السلمية محمية بموجب دستورنا.. يبحث مكتب حماية الدستور عن كثب ليرى ما إذا كان هذا الاحتجاج المشروع يتعرض للاختطاف من قبل أعداء الديمقراطية".
وتابع في مقابلة صحفية، اليوم الأحد، "ليس لدينا حاليا أي بوادر لأعمال شغب جماعية عنيفة.. السلطات الأمنية مستعدة لجميع السيناريوهات الممكنة".
ورغم هذا الموقف المعتدل من رئيس هيئة حماية الدستور، نقلت صحيفة التايمز البريطانية عن مسؤولي استخبارات ألمان أن البلاد تواجه شهورا من الاضطرابات في عاصفة متكاملة من الاضطرابات الاقتصادية، وارتفاع أسعار الطاقة، والقلاقل الجيوسياسية، والاتجاهات الكارثية في الرأي العام.
وأعرب مسؤولو الاستخبارات، الذين تحدثت معهم الصحيفة، عن قلقهم من أن المتطرفين والثوار المحتملين سيحاولون توحيد قوى المعارضة المتباينة وحشدهم في انتفاضة واسعة ضد النظام الديمقراطي، خاصة في ألمانيا الشرقية.
ووصف ستيفان كرامر، رئيس مكتب ولاية تورينجيان في الفرع الشرقي لجهاز المخابرات المحلية الألماني، الأجواء بـ"المتفجرة"، قائلا: "بالوقت الراهن لدينا مجموعة خاصة جدا من القوات هذا الخريف. لدينا سكان متوترون للغاية بعد الجائحة. والقدرة على الصمود وحماية نفسك ضد الأزمات آخذة في الضعف."
هذه الوحدة بين الأطياف المختلفة في المشهد اليميني واليساري، ظهرت بوضوح في احتجاج ضد المستشار أولاف شولتز، أثناء خطابه ببلده نويروبين التي تبعد 40 ميلا من برلين.
وحمل هذا الاحتجاج الذي شارك فيه ٣٠٠ شخص، مؤشرات خطيرة، إذ شارك فيه أنصار لحزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي ومجموعة من الجماعات المتطرفة من يساريين متطرفين إلى جانب مجموعة النازيين الجدد "كومبات 18" المنتمية لليمين المتطرف.
هذا التوحد العابر للأطياف المتطرفة على طرفي الطيف السياسي، أقلق السلطات الأمنية الألمانية بشكل كبير، وفق صحيفة التايمز.
وأكثر ما يقلق مسؤولو الاستخبارات في الولايات المختلفة هو اليمين المتطرف، الذي حدد قادته صراحة هذه اللحظة بأنها وقت الهجوم. وحث جوتز كوبيتشيك، الكاتب المؤثر ومؤسس معهد "ستيت بوليسي"، وهو مؤسسة فكرية تصنف رسميا على أنها متطرفة، أنصاره على إحداث "خريف ساخن" من التمرد.
وعبر الشبكات الاجتماعية وفي مجموعات الدردشة الخاصة، رصدت وكالات الاستخبارات عاصفة من الأحاديث المماثلة بين جماعات متطرفة يمينية من ألمانيا الشرقية، مثل: "الطريق الثالث"، وهو حزب للنازيين الجدد، وجمعية "مستقبل البلد"، وهي شبكة تتركز في ولايتي براندنبورغ وساكسونيا الشرقيتين.
وتثير هذه التطورات قلقا كبيرا في الأوساط السياسية الألمانية، لأن أفكار اليمين المتطرف على وجه التحديد، تقوم على إثارة فوضى عارمة في البلاد تسمح بارتكاب اغتيالات سياسية متعددة وتقويض النظام العام، تمهيدا للانقضاض على السلطة فيما يعرف بـ"اليوم إكس".
وتتصدر حركات اليمين المتطرف المشهد المتطرف في ألمانيا، حيث يزداد عدد المنضمين لها بشكل كبير، وتقدر هيئة حماية الدستور "الاستخبارات الداخلية" عدد المنضوين تحت لواء هذه الحركات حتى العام الجاري بـ٢٥ ألف شخص.
ويمثل "النازيون الجدد"، و"مواطنو الرايخ"، و"الهوية" أبرز حركات اليمين المتطرف في البلاد. كما ترصد الشرطة الألمانية أسلحة بشكل متزايد بين أيدي نشطاء اليمين المتطرف، فخلال 2018 رصدت قوات الأمن 1091 قطعة سلاح في حوزة نشطاء من اليمين المتطرف، مقارنة بـ676 في 2017.
كما نجحت هذه الحركات في اختراق الجيش الألماني وتجنيد جنود داخله، ما يثير قلقا كبيرا، وتسجل الاستخبارات الحربية المئات من حالات الانتماء لليمين المتطرف بين جنود الجيش، سنويا.
aXA6IDE4LjE4OC43Ni4yMDkg جزيرة ام اند امز