حزب الله في ألمانيا.. شبكة تنشط سرًا وتحول إلى «الإرهاب»
![حزب الله في ألمانيا.. شبكة تنشط سرًا وتحول إلى «الإرهاب»](https://cdn.al-ain.com/lg/images/2025/2/05/113-033036-thumbnail-343342_700x400.jpg)
في ربيع 2020، حظرت ألمانيا "حزب الله" اللبناني بالكامل، وشنت شرطتها مداهمات ضد كيانات معروفة بارتباطها بالمنظمة اللبنانية.
لكن، وبعد 5 سنوات، يبدو أن حزب الله طور استراتيجيات مختلفة، وانتقل إلى العمل السري المحكم، وتبنى استراتيجية للخداع، وصولًا إلى التفكير في العنف، لتحويل رؤيته للأراضي الألمانية من "ملاذ آمن" إلى منطقة عمليات.
العمل السري
في يونيو/حزيران 2023، نشرت "العين الإخبارية" تقريرًا لهيئة حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية)، جاء فيه: "في ألمانيا، لا يتم تنظيم أنشطة حزب الله في أي منظمة مظلية أو أي هيكل كبير يحمل اسم التنظيم، لكن أتباع حزب الله يحافظون على التماسك التنظيمي عبر النشاط في جمعيات صغيرة ومساجد شيعية، وعبر أنشطة مثل تنفيذ الاحتفالات الدينية وأنشطة التأثير على الأطفال والشباب".
وأضاف التقرير أنه "تم إثبات وجود دعم ملموس لمليشيات حزب الله في لبنان، انطلاقًا من الأراضي الألمانية، لا سيما من خلال جمع التبرعات في ألمانيا وتحويلها للمليشيات في الأراضي اللبنانية".
التقرير لفت إلى أن أنصار حزب الله يحاولون الالتفاف على الحظر المفروض على التنظيم في الأراضي الألمانية، فيما تعمل هيئة حماية الدستور على مراقبة أنشطة الأفراد المحسوبين على التنظيم الإرهابي في جميع ولايات ألمانيا، ورصد ألاعيبه.
قبل هذا التقرير بأشهر، ألقى تقرير لفرع هيئة حماية الدستور في ولاية برلين الضوء على اتباع حزب الله نمط السرية في أنشطته بعد حظره في ألمانيا.
التقرير حذر من أن بعض الجمعيات المرتبطة بحزب الله حصلت على إرشادات قانونية في الفترة التي سبقت صدور قرار الحظر، عن كيفية إخفاء توجهاتها ومواجهة أي قرار محتمل بالحظر.
ووفق التقرير، فإن الجمعيات والمساجد المحسوبة على حزب الله اتخذت عددًا من القرارات لمواجهة الحظر المفروض عليها من السلطات الألمانية، بعد الحصول على إرشادات تضمنت أن تعلن الجمعيات تكريس أنشطتها للدعوة للمذهب الشيعي فقط، والنأي عن حزب الله، ووضع إدارتها في أيدي شباب ولدوا في ألمانيا ويحملون جنسيتها، فيما يتراجع المديرون السابقون إلى الخلفية.
لم يتوقف الأمر عند ذلك، إذ حاول حزب الله إيجاد أي ثغرة من أجل النشاط في ألمانيا، وجني ملايين اليوروهات من التبرعات كما كان يحدث في السابق.
وفي أغسطس/آب 2022، قال تقرير لفرع مكتب حماية الدستور في ولاية بادن-فورتمبيرغ الألمانية إن "حزب الله لا يملك هيكلًا واضحًا في ألمانيا، وبدلًا من ذلك ينظم مؤيدوه وعناصره أنفسهم في اجتماعات تجري في الولايات المختلفة، ويتنكرون بشكل عام لحزب الله ويتجنبون الإشارة له، في محاولة لخداع السلطات".
وأكمل نتائج هذا التقرير، تقرير آخر لفرع هيئة حماية الدستور في ولاية شمال الراين ويستفاليا في العام نفسه، أكد أن حزب الله يتبع في الوقت الحالي أسلوبًا جديدًا لتقليل ضغط السلطات الألمانية، والإبقاء على بعض الأنشطة السرية في البلد الأوروبي، خاصة جمع الأموال.
وتحصي السلطات الألمانية أكثر من 1300 من أنصار حزب الله، وفقًا لمسحٍ شمل جميع وزارات الداخلية في الولايات الـ16.
وتوجد المراكز الرئيسية لحزب الله في شمال الراين-ويستفاليا (غرب) وساكسونيا السفلى (شمال) وهامبورغ (وسط) وبرلين.
التحول إلى العنف: بدأ قبل عامين
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، حذر رئيس مكتب حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية) في بريمن الألمانية، ثورجي كوهلر، من إمكانية ارتكاب أنصار حزب الله أعمال عنف خطيرة في ألمانيا.
ويخشى كوهلر من أن يؤدي الانفعال بسبب الأوضاع في الشرق الأوسط إلى "أن يصبح الأفراد متطرفين، ومن ثم ربما - على عكس ما كان يحدث في الماضي كقاعدة عامة - يعتقدون أن عليهم القيام بعمل ما هنا في ألمانيا أو في دول أوروبية أخرى".
هذا التحليل الاستخباراتي يعد تغيرًا في سلوك أنصار حزب الله في ألمانيا، مقارنة بالماضي، حيث كانوا يميلون للابتعاد عن الأضواء والتركيز على مهام بعينها مثل جمع التبرعات والبروباغندا.
لكن وفق رصد "العين الإخبارية"، فإن التحول في سلوك أنصار حزب الله بدأ قبل عامين، حينما حاول شخص يُشتبه في أنه من أنصار الحزب حرق كنيس يهودي في مدينة بوخوم في نوفمبر/تشرين الثاني 2022.
وفي حينه، عثر المحققون على صور على حاسوب الرجل تظهره مع رموز حزب الله وصورة للأمين العام لحزب الله آنذاك، حسن نصر الله.
منصة دعم للجناح العسكري
ولفترة طويلة، كان حزب الله يرى في ألمانيا "ملاذًا آمنًا". ولكن يبدو أن هذا قد تغير. إذ يستخدم حزب الله ألمانيا "كمنطقة عمليات" لـ "أغراض استراتيجية ولوجستية"، وفقًا لإفادة من المكتب الاتحادي لحماية الدستور.
يشمل ذلك جمع التبرعات وكذلك "أنشطة شراء السلع المتعلقة بالأسلحة".
ويجري التحقيق في قضية في ولاية سكسونيا السفلىً في هذا الصدد.
ففي منتصف شهر يوليو/تموز الماضي، ألقى مكتب الشرطة الجنائية الاتحادية القبض على اللبناني فاضل ز. في مدينة سالزغيتر.
وتشتبه السلطات في أن ز. قام بشراء مكونات لطائرات بدون طيار لصالح حزب الله، والتي كان من المقرر تصديرها إلى لبنان.
ووفقًا لمعلومات التحقيق التي طالعتها "العين الإخبارية"، يبدو أن فاضل ز. كان يعمل ضمن شبكة مع أنصار آخرين لحزب الله في أوروبا. ففي نفس الوقت الذي تم فيه اعتقاله، اعتقلت الشرطة الإسبانية 3 مشتبه بهم آخرين وصادرت مكونات عدة مئات من الطائرات العسكرية بدون طيار.
كذلك، يحقق مكتب المدعي العام الاتحادي أيضًا في شبكة من المشتبه في انتمائهم إلى حزب الله في منطقة هانوفر، بتهمة الانضمام لمنظمة إرهابية أجنبية.
ووفقًا لما أعلنته السلطات، فإن التحقيقات موجهة ضد قادة المنظمة التي تدير مسجد سلمان الفارسي وجمعية تسمى "جمعية الأخوة" في هانوفر.
وجرى اعتقال أحد المشتبه بهم، ويدعى فاضل ر. في ديسمبر/كانون الأول الماضي، إذ يشتبه المحققون في أنه تدرب على يد حزب الله في لبنان ككادر قيادي. وفي بعض الأحيان، كان فاضل ر. عضوًا في مجلس إدارة مسجد سلمان الفارسي في هانوفر.
لكن التحقيق مع هذه الشبكة بتهمة الانتماء لمنظمة إرهابية أجنبية ليس الأول منذ حظر حزب الله في ألمانيا، ففي يونيو/حزيران الماضي، أدانت محكمة ألمانية للمرة الأولى أشخاصًا من أنصار حزب الله بتهمة الانتماء إلى منظمة إرهابية في الخارج.
وتفصيلا، حكمت محكمة هامبورغ الإقليمية العليا في هامبورغ على الرئيس السابق لـ"جماعة المصطفى" التابعة لحزب الله في بريمن، عبدول و. والداعية حسن م. بالسجن لعدة سنوات في هذه القضية.
ووفقًا للحكم، فقد كانا ينشطان على الأراضي الألمانية بصفتهما "موظفين أجنبيين" تابعين لحزب الله.
اجتماعات أنصار الحزب
وعادة ما يتجمع أنصار حزب الله في الجمعيات الثقافية للمهاجرين اللبنانيين والمساجد الإسلامية الشيعية.
ووفق أحدث تقارير هيئة حماية الدستور التي اطلعت عليها "العين الإخبارية"، تعتبر السلطات الأمنية أكثر من 30 جمعية في جميع أنحاء ألمانيا "تابعة لحزب الله".
وبررت وزارة الداخلية الاتحادية حظر "المركز الإسلامي الشيعي في هامبورغ" في يوليو/تموز الماضي، بأن المركز يدعم حزب الله "ماليًا وتنظيميًا".
aXA6IDMuMTQ1LjE0My41NyA= جزيرة ام اند امز