200 عام على ميلاد الفيلسوف الألماني الشهير "كارل ماركس"
ألمانيا تحتفل بذكرى مرور 200 عام على ميلاد الفيلسوف "كارل ماركس" باعتباره مؤسسًا لأحد أهم النظريات الاجتماعية والاقتصادية.
احتفلت مدينة "ترير" الألمانية، السبت، بإزاحة الستار عن تمثال الفيلسوف الألماني الشهير كارل ماركس، بمناسبة مرور 200 عام على ذكرى ميلاده، وذلك في أحد الميادين بالقرب من بوابة "بورتا نيجرا" الرومانية التاريخية والمنزل السابق لعائلة ماركس في المدينة.
نشأة كارل ماركس
وُلد "كارل هاينريك ماركس" في ترير بشرق ألمانيا في 5 مايو/أيار 1818 لعائلة يهودية، حيث كان والده يعمل محاميًا مشهورًا، وكان واحدًا من تسعة أطفال آخرين.التحق بالمدرسة الثانوية اليسوعية في عام 1830-1835، وفي عام 1835 التحق بجامعة "بون"، ثم انتقل إلى جامعة برلين، حيث درس القانون والفلسفة تأثرًا بالفترة التي عاش فيها حيث صعود الرأسمالية الصناعية في ألمانيا مما جعله شغوفًا بقراءة النظريات الاجتماعية والسياسية في الجامعة.
عاصر ماركس "هيجل" الفيلسوف الألماني الشهير الذي كان أستاذًا في نفس الجامعة حتى عام 1831، وفي الجامعة انخرط مع الطلبة في الأنشطة الثقافية الراديكالية، حيث كان محاطًا بالطلبة الهيجليين.
وفي عام 1841 حصل على الدكتوراه من جامعة "يينا" في الفلسفة، ثم عُين عام 1842 كصحفي في صحيفة "رينيش تسايتونج" الليبرالية في كولونيا، ولكن لم يمر العام حتى أُغلقت الجريدة.
انتقل ماركس إلى باريس التي كانت قلب أوروبا السياسي بعد زواجه من جيني فون وستفالين عام 1843، حيث أنجبا 6 أطفال وهناك قام بتأسيس مجلة سياسية اسمها "الحولية الألمانية"، ثم كتب بحث "مدخل إلى المساهمة في نقد فلسفة هيجل في الحق" و"حول المسألة اليهودية"، وفي عام 1844 التقى برفيق حياته ومشواره السياسي "فريدريك إنجلز".
توجه ماركس إلى بلجيكا بعد طرده من فرنسا بسبب كتاباته، وفي بروكسل تعرف باشتراكيين آخرين منفيين من جميع أنحاء أوروبا، وانضم إلى منظمة سرية تدعى "حزب العدالة" عام 1846، وهناك تم نشر البيان الشيوعي في عام 1848، وبعد فترة وجيزة في عام 1849 طُرد من بلجيكا وانتقل إلى فرنسا، ولكن تم ترحيله من هناك أيضًا إلى لندن التي أسس فيها جمعية العمال الألمانية ومقرًا جديدًا للرابطة الشيوعية.
عانى ماركس في نهاية حياته بسبب وفاة زوجته سنة 1882، وابنته "جيني" في عام 1883، كما خاض في سنواته الثمانية الأخيرة صراعًا حقيقيًا مع الأمراض، حتى توفي في 14 مارس/آذار 1883 ودُفن في مقبرة "هاي غيت" بلندن.
إنجازات كارل ماركس الأدبية
أولى ماركس اهتمامًا خاصًا بالاقتصاد السياسي، ودرس أعمال أبرز المفكرين في هذا المجال مثل المفكر الاقتصادي "آدم سميث".ويُعد مؤلفه الأشهر "رأس المال" ذو الثلاث مجلدات الذي كتبه في عام 1876، في إطار نقده للمجتمع الرأسمالي، صاحب الدور المؤثر في تطوير مفاهيم الصراع الطبقي والمادية الجدلية وفائض القيمة.
بالإضافة إلى كتابه الأول "البيان الشيوعي" الذي أنجزه هو ورفيقه إنجلز في ستة أسابيع عام 1849 واضعًا فيه أسس المادية التاريخية وفلسفتها التي تقوم على أن كل التاريخ البشري يقوم على الصراع بين الطبقات، ومهد للاشتراكية العلمية.
أما على المستوي الفلسفي، أصدر كتاب "بؤس الفلسفة" عام 1847، الذي رد فيه على أفكار الفرنسي "بيير جوزيف برودون" الاقتصادية والفلسفية التي وردت في كتابه" فلسفة البؤس"، بالإضافة إلى كتاب "الإيديولوجية الألمانية" وهو مجموعة من المخطوطات كتبها كارل ماركس وفريدريك إنجلز في الفترة الواقعة بين إبريل/نيسان ومايو/أيار عام1846، لكنه لم ينشر حتى عام 1932 .
وصدر كتاب "الحرب الأهلية في فرنسا" بين منتصف إبريل/نيسان ونهاية مايو/أيار 1871، وفيه جمع كارل ماركس، أثناء إقامته في لندن، مقتطفات من الصحف الإنجليزية والفرنسية والألمانية حول التقدم المحرز في الحرب الأهلية الفرنسية، ليكون بيانًا رسميًا من المجلس العام للأممية الأولى حول طبيعة وأهمية نضال "كومونة باريس"، وهي حكومة بلدية ثورية أدارت باريس لفترة قصيرة ابتداء من منتصف مارس/أذار 1871.
وعلى الرغم من سقوط الاتحاد السوفيتي وأغلبية الأنظمة الشيوعية التي طبقت الفكر الماركسي، وفشل النظام الاشتراكي، وقدرة النظام الرأسمالي على إصلاح عيوبه، إلا أن ماركس يعتبر أحد أكبر المفكرين الاقتصاديين بالإضافة إلى قيمته الفلسفية وأفكاره التي ألهمت العديد من الأجيال من بعده.