ميركل.. المرأة الحديدية تطفئ شموع ميلادها الـ65 برجفة ضعف
هذا العام، تحل ذكرى ميلاد ميركل بعد شهر عصيب في حياتها السياسية، تعرضت فيه للارتجاف 3 مرات متتالية أمام عدسات الكاميرات.
على مدار 30 عاماً، صعدت أنجيلا ميركل درجات عالم السياسة من أدنى درجاته، وهي عضوة عادية في الحزب الديمقراطي المسيحي "يمين وسط" عام 1989، حتى وصلت لأقصاه بشغلها منصب مستشار ألمانيا على مدار 14 عاماً متواصلة، لتصبح السيدة الأقوى في العالم، وفق تصنيف مجلة فوربس الأمريكية.
لكن أستاذة الفيزياء التي اكتشفت وسائل إعلام ألمانية، الأصول البولندية لجدها من ناحية الأب في 2013، لم تكن تعلم أن احتفالها بعيد ميلادها الـ65، اليوم الأربعاء 17 يوليو، سيصادف ما يمكن اعتباره أفول نجمها.
ميركل التي شغلت في 1997 منصب وزير البيئة ثم انتخبت في 1998 أميناً عاماً للحزب الديمقراطي المسيحي، قبل أن تتولى رئاسة الحزب بعد أربع سنوات فقط من هذا التاريخ، وتنهي سيطرة الاشتراكيين على الحكومة في 2005، بعد أن هزمت الحزب الاشتراكي الديمقراطي "يسار وسط" برئاسة المستشار آنذاك جيرهارد شرودر، وأصبحت أول مستشارة في تاريخ البلاد.
ومنذ ذلك التاريخ، أظهرت ميركل، التي تحمل دكتوراه في الفيزياء، وعاشت معظم حياتها في ألمانيا الشرقية السابقة، قدراً كبيراً من القوة والإلمام بالسياسة، جعلاها تهيمن على السياسة الألمانية لمدة 14 عاماً، قد تصبح الـ17 في حال نجحت في إنقاذ سفينة ائتلافها الحاكم من الأمواج المتلاطمة، واستمر حتى نهاية الفترة التشريعية في 2021.
ميلاد مصحوب برجفة ضعف
وهذا العام، تحل ذكرى ميلادها بعد شهر عصيب في حياتها السياسية، تعرضت فيه للارتجاف 3 مرات متتالية أمام عدسات الكاميرات، ما أجبرها على حضور استقبالات عامة جالسة على كرسي، وهي السيدة التي لم تظهر أي لحظات ضعف طوال 14 عاماً في سدة الحكم.
ذلك الارتجاف الذي يظهر السيدة القوية تصارع ضعفاً تمنت تفاديه قبل 22 عاماً، فتح باب القلق حول صحتها، ومدى قدرتها على أداء مهام منصبها بكفاءة.
ميركل التي تعرف بين الألمان بـ"ملكة الليل"، لأنها اعتادت ممارسة عملها وعقد الاجتماعات حتى وقت متأخر دون أن تتأثر حالتها الصحية أو الذهنية، تواجه ضعفاً طارئاً ومربكاً تمنت في كتاب نشرته في 1997، حينما كانت وزيرة للبيئة، تفاديه، حيث كتبت آنذاك "أود أن أجد الوقت المناسب لاعتزال السياسة. إن هذا الأمر أصعب بكثير مما تخيلت، ولكني لا أريد أن أبقى في السياسة وأنا جسد نصف ميت".
ويضيف الارتجاف المتكرر والقلق والضبابية المحيطان بالحالة الصحية للسيدة التي لطالما قالت إنها بإمكانها العمل طويلاً وتخزين النوم مثلما يخزن الجمل المياه، إلى الصعوبات السياسية التي تواجهها في فترتها الرابعة على رأس أكبر اقتصاد أوروبي.
طلبات بكشف طبي
وطالبت صحف ألمانية بإجراء كشف طبي شامل على المستشارة أنجيلا ميركل، وإعلان نتائجه بشكل شفاف.
وذكرت صحيفة "ذود دويتشه تسايتونج" الألمانية الخاصة "للمرة الثالثة في أسابيع قليلة، تعرضت المستشارة للارتجاف أمام الكاميرات، ما يظهر ضعفاً شخصياً واضحاً للغاية، لا يريد أحد تجربته يوماً من الأيام".
وتابعت: "في هذا الإطار، فإن دفاع ميركل البالغة من العمر 64 عاماً وإصرارها أنها بخير وقادرة على العمل، مبرر لأنها تريد إيصال رسالة بأنها تمر بشيء عارض، لكن خلف هذا التبرير، يقبع خوف واضح من أن يشكك الناس في صحتها وقدرتها على أداء مهامها".
وتابعت: "لكن الحديث عن أنها بخير لم يعد يجدي نفعاً، والرسالة الوحيدة التي يمكن أن تقلل قلق الناس، هو إعلان خضوع المستشارة لفحص شامل، وإعلان نتائجه بشفافية أيضاً".
أما صحيفة بيلد الألمانية الخاصة فقالت "القلق سيد الموقف بعد تعرض المستشارة ميركل للارتجاف، يجب أن تكون هناك شفافية حول حالتها الصحية".
وزاد القلق حول الحالة الصحية لميركل عقب ظهورها أثناء مراسم رسمية جالسة دون العادة؛ حيث دأبت على الظهور وهي واقفة أثناء مراسم مشابهة.
هزات سياسية عنيفة
وفي الأشهر الأخيرة، تعرض الائتلاف الحاكم الذي تقوده ميركل المنحدرة من الاتحاد المسيحي "يمين وسط" بمشاركة الحزب الاشتراكي الديمقراطي "يسار وسط"، إلى هزات سياسية عنيفة، في ضوء الخلافات بين طرفيه حول عدة قضايا أبرزها قضايا المناخ والرقمنة وميزانية الدفاع، ثم تعرض الاشتراكي الديمقراطي لهزيمة كبيرة في الانتخابات الأوروبية في مايو/أيار الماضي، وسط توقعات بانهيار الائتلاف قبل العام الجديد.
وخلال اليومين الماضيين، ضرب الائتلاف خلافاً جديداً بعد أن صوت الاشتراكي الديمقراطي ضد تولي أرسولا فون دير لاين رئاسة المفوضية الأوروبية في البرلمان الأوروبي، أمس، ما يضيف إلى صعوبات الائتلاف.
وقبل أشهر أعلنت ميركل استقالتها من رئاسة حزبها، وأنها ستعتزل السياسة نهائياً بعد نهاية الفترة التشريعية الحالية في 2021، لكن الوقت لم يمنحها الفرصة لاستكمال ولايتها دون قلاقل، وتتابعت المشاكل السياسية تارة والصحية تارة على المستشارة.
وتحظى ميركل المعروفة بحبها للموسيقى الكلاسيكية ومواظبتها على حضور حفلات الأوبرا، بحب واحترام الجاليات العربية في ألمانيا، وأطلق عليها السوريون "ماما ميركل" بسبب قرارها فتح الأبواب أمام مليون لاجئ لدخول بلادها في 2015، معظمهم من سوريا والعراق، وتحملها تكلفة سياسية ألقت بظلال على شعبيتها، في سبيل هذا القرار.
aXA6IDMuMTQxLjQ3LjE2MyA= جزيرة ام اند امز