النظام الدولي بميزان "ميونخ للأمن".. العالم يدخل عقدا حاسما
حرب غير مسبوقة منذ عقود في قلب أوروبا، وتوتر يحكم العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، ودول تتبع مسار مستقبل في التكتل الأوروبي.
كل هذه أعراض لشيء واحد: هو تنافس قوي وغير مسبوق على صياغة النظام العالمي، دشنته الحرب الأوكرانية في فبراير/شباط الماضي، ونعيش أحداثه بشكل يومي.
وقال تقرير مؤتمر ميونخ للأمن، الذي يصدر بالتزامن مع فعاليات المؤتمر كل عام، "قد لا يتفق زعماء العالم على الكثير هذه الأيام، لكن العديد منهم يشاركون الشعور بأن العالم يدخل عقدًا حاسمًا في المنافسة على النظام الدولي المستقبلي".
وتابع "في حين سيتم تذكر عام 2022 بسبب ما يعرف بسطوة الاستبداد المتزايدة، فقد أظهر هذا العام أيضًا أنه يمكن مقاومة هذا المسار، وأن الأفكار الليبرالية لا تزال قادرة على الإلهام".
ومضى قائلا إن المرونة والتصميم غير العاديين للشعب الأوكراني قد حفز الدعم الدولي لبلادهم، وغرس إحساسا جديدا بالهدف في البلدان الديمقراطية"، مضيفا "تحتاج الديمقراطيات الليبرالية إلى استخدام هذا الزخم".
وأوضح "إذا نجحت البلدان الديمقراطية في إعادة تصور النظام الليبرالي القائم على القواعد باعتباره النظام الذي يمثل بشكل أفضل العديد من البلدان في العالم، وباعتباره نظامًا يفي بوعوده بشكل أفضل، ويفيد الجميع على قدم المساواة، فقد تنجح في توسيع تحالف الدول الملتزمة بهذا النظام وتجعله أكثر مرونة".
كفتان متنافستان
التقرير وضع الدول الديمقراطية في كفة، في مقابل كفة ثانية تضم ما وصفها بـ"النظم الاستبدادية"، وتضم روسيا وإيران وغيرها، والكفتان، وفق التقرير، في تنافس على صياغة النظام الدولي.
التقرير ذكر في هذه النقطة "تمثل كوريا الشمالية وإيران تحدياتهما الخاصة للنظام النووي في العالم. ونظرًا لتدهور البيئة الأمنية كررت القوى النووية الديمقراطية التزامها بالردع النووي، في حين تضاءلت آفاق مبادرات الحد من التسلح" النووي.
وفي نقطة أخرى، قال تقرير مؤتمر ميونخ للأمن "التعاون الإنمائي بين الدول، لم يسلم من هذه المنافسة أيضا؛ أصبحت قطاعات الصحة والأمن الغذائي وكذلك تمويل المناخ من المجالات الرئيسية للسياسة العامة، حيث تبرز الروايات المتنافسة حول نظام التنمية المرغوب فيه".
وتابع "تروج بكين لنموذجها الخاص للتعاون الإنمائي، الذي يُفترض أنه خالٍ من الشروط، كبديل متميز للنماذج الأمريكية والأوروبية التي تؤكد أهمية الديمقراطية والحكم الرشيد والأسواق الحرة والمساءلة والشفافية".
البنى التحتية
وبالمثل "أصبحت البنى التحتية العالمية موقعًا مهمًا للمنافسة الجيوسياسية"، وفق التقرير ذاته، الذي أوضح "تتنافس المعسكرات الديمقراطية والاستبدادية علنا على إضفاء البنى التحتية المادية والرقمية على رؤى الحوكمة الخاصة بهم". في المجال الرقمي.
وتابع "تقود مجموعة من الدول الاستبدادية جهود تعزيز رؤيتها لبنية تحتية رقمية منغلقة، بينما يتقارب الشركاء عبر الأطلسي تدريجياً حول رؤية مشتركة لبنية تحتية رقمية مفتوحة".
ومضى موضحا "فيما يتعلق بالبنية التحتية للتجارة العالمية فإن خطوط الصدع بين المعسكرين أكثر فوضوية، وتنظر العديد من الحكومات بشكل متزايد إلى الاعتماد المتبادل على أنه نقطة ضعف وقناة للإكراه، ونتيجة لذلك يتزايد تسليح الروابط التجارية".
وأضاف "في المقابل، تلجأ جميع القوى الكبرى بشكل متزايد إلى القيود الحمائية (لحماية المنتجات الوطنية من المنافسة)"، متابعا "في ظل هذا الوضع، فإن وجود رؤية جديدة للبنية التحتية للتجارة العالمية التي تخدم الازدهار المتبادل مع الحد من نقاط الضعف، ليس قريبا".
ثم تحدث التقرير بصيغة استنتاجية، وذكر "هناك حاجة إلى نظام دولي ليبرالي قائم على القواعد لتعزيز المرونة الديمقراطية في عصر المنافسة الشرسة مع الأنظمة الاستبدادية، ولكن لجعل هذه الرؤية أكثر جاذبية في المجتمع الدولي ومساعدتها على الفوز في المنافسة القوية على شكل النظام الدولي المستقبلي، يجب على الديمقراطيات أيضًا أن تأخذ في الاعتبار النقد والمخاوف المشروعة في المجتمع الدولي".
ومضى موضحا "في 24 فبراير/شباط 2022 لم تشن روسيا فقط هجوما على أوكرانيا، لكنها شنت أيضًا هجومًا ضد المبادئ الأساسية لنظام ما بعد الحرب العالمية الثانية، وتزايدت سطوة الاستبداد كنتيجة لذلك".
وتجري فعاليات مؤتمر ميونخ للأمن؛ النسخة الـ59، في الفترة من 17 إلى 19 فبراير/شباط 2023 في فندق بيرنشه هوف الشهير في ميونخ.
ولمدة ثلاثة أيام، يقدم مؤتمر ميونخ للأمن مرة أخرى، منصة لا مثيل لها لمناقشات رفيعة المستوى حول تحديات السياسة الخارجية والأمنية الرئيسية في عالمنا الحالي.
وتحت الرئاسة الجديدة للسفير كريستوف هيوسجن يرحب مؤتمر ميونخ هذا العام بالعديد من صناع القرار والخبراء الدوليين رفيعي المستوى، بما في ذلك رؤساء الدول والحكومات والوزراء وأصوات متنوعة من المنظمات الدولية والمجتمع المدني والقطاع الخاص ووسائل الإعلام.
aXA6IDMuMTQ5LjIzMi44NyA= جزيرة ام اند امز