ألمانيا 2024.. مستشار «على الحافة» وصعود «أشباح قديمة»
من يتابع السياسة الألمانية منذ الوحدة بين الشرق والغرب في التسعينيات، يرصد 3 محاذير؛ الحكومات غير المستقرة، والديون، وأقصى اليمين.
هذه المحاذير تعمل كـ"الأشباح الخفية" التي ترعب الساسة والشعب على حد سواء، لارتباطها بفترات صعبة في التاريخ الألماني، خاصة في جمهورية فايمار (1919-1933)، وأفضت إلى تمكن النازية من البلاد.
لكنّ بعضاً من ملامح هذه المحاذير الثلاثة ظهرت خلال عام 2014، حيث ارتفعت نسبة الديون من الناتج المحلي الإجمالي بسبب الإنفاق الحكومي المتزايد، وحقق حزب البديل لأجل ألمانيا "أقصى اليمين" صعودا كبيرا بدأ في استطلاعات الرأي، ثم ترسخ في الانتخابات الأوروبية في يونيو/حزيران، إذ حل ثانيا، أخيرا فوزه في الانتخابات المحلية، وبالتحديد بولاية تورينغن.
وأبى العام ألا ينتهي دون تحقق ثالث المحاذير، وهو الحكومة غير المستقرة، حيث أدت الخلافات بين أحزاب الائتلاف الثلاثي الحاكم منذ 2021، إلى انهياره الشهر الماضي، وسيطرة حكومة أقلية على البلاد حتى إجراء انتخابات مبكرة في فبراير/شباط المقبل.
ارتفاع الديون
بلغ إجمالي الدين الخارجي لألمانيا 6.3 تريليون يورو في نهاية الربع الثاني من عام 2024؛ وقد ارتفع بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي.
وتتوقع وزارة المالية أن تصل نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 64% في عام 2024، مقارنة بـ63.6% في العام الماضي.
وقالت الوزارة إن الزيادة من عام 2023 إلى 2024 ترجع إلى رأس المال الجيلي المخطط له، وهو نظام تقاعد إضافي يستثمر في أسواق رأس المال لضمان بقاء المعاشات التقاعدية مرتبطة باتجاهات الأجور.
من 64% في عام 2024، من المتوقع أن تنخفض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 62% في عام 2028.
وعلى الرغم من أن هذا الرقم سيكون منخفضًا مقارنةً بالدول الأوروبية الأخرى، إلا أنه سيظل أعلى من نسبة 60% من الناتج المحلي الإجمالي التي تحددها القواعد المالية للاتحاد الأوروبي.
وقالت وزارة المالية: ”لا يزال من الضروري اتخاذ المزيد من التدابير لتحقيق المزيد من النمو من أجل جعل هذا المسار أكثر طموحًا“.
الأكثر من ذلك، وبحسب تقرير نشرته وكالة "رويترز" نقلا عن صحيفة "زود دويتشه تسايتونج"، تتوقع وزارة الاقتصاد في ألمانيا أن ينكمش أكبر اقتصاد في أوروبا بنسبة 0.2 بالمئة خلال العام الجاري.
أقصى اليمين
في سبتمبر/أيلول الماضي، حقق "أقصى اليمين" في ألمانيا أكبر نجاح انتخابي له منذ الحرب العالمية الثانية.
واعتلى حزب "البديل لأجل ألمانيا" المعروف بلونه الأزرق، المرتبة الأولى في انتخابات ولاية "تورينغن"، فيما خسر الصدارة بفارق طفيف للغاية في ساكسونيا، وهما مقاطعتان من مقاطعات جمهورية ألمانيا الديمقراطية (الشرقية) السابقة.
وأظهرت استطلاعات الرأي التي أجريت قبل الانتخابات، أن الهجرة كانت إحدى القضايا التي أزعجت الناخبين، إذ ذكرها المشاركون في تورينغن وساكسونيا باعتبارها من بين أكبر ثلاثة مخاوف لديهم إلى جانب الجريمة و"الحماية الاجتماعية".
وقبل ذلك، وبالتحديد في انتخابات البرلمان الأوروبي في يونيو/حزيران، حقق حزب البديل لأجل ألمانيا أعلى نتيجة في تاريخه، وحل في المرتبة الثالثة بنحو 17% من الأصوات.
وقبل شهرين ونصف من الانتخابات التشريعية المقررة في فبراير/شباط، يحتل حزب البديل لأجل ألمانيا المرتبة الثانية في استطلاعات الرأي بنحو 19% من نوايا التصويت، متقدما على الحزب الحاكم بقيادة المستشار أولاف شولتز (الاشتراكي الديمقراطي/ 16%).
حكومة غير مستقرة
وفي ٧ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، انهارت الحكومة الألمانية المكونة من 3 أحزاب ويقودها المستشار أولاف شولتز.
وكان الانهيار متوقعا، لكن شولتز المنحدر من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، حاول الدفع باتجاه حل وسط مع حزبي الديمقراطي الحر "ليبرالي"، والخضر "يسار"، حول ملفات الميزانية الشائكة وحزم تحفيز الاقتصاد.
وأمام إصرار وزير المالية المنحدر من الحزب الديمقراطي الحر، كريستيان ليندنر على مقترح الميزانية الذي قدمه، أقاله شولتز من منصبه، ما ترتب عليه انسحاب الحزب الديمقراطي الحر من الحكومة.
ومنذ ذلك الوقت، تحكم حكومة أقلية يقودها الحزب الاشتراكي الديمقراطي، ألمانيا، في وضع سياسي غير مستقر ينتظر أن يستمر حتى إجراء الانتخابات المبكرة التي تقررت في 23 فبراير/شباط المقبل، وتشكيل حكومة جديدة.
الأكثر من ذلك، تتوقع استطلاعات الرأي، خروج المستشار شولتز من السلطة، إذ تمنح حزبه 16% فقط من نوايا التصويت، مبتعدا بـ16 نقطة كاملة عن الاتحاد المسيحي "يمين وسط" متصدر السباق.