انتخابات رئاسية وبرلمانية.. غانا بين «نهاية» وبداية
نحو 19 مليون ناخب غاني مدعوون للإدلاء بأصواتهم في انتخابات رئاسية وبرلمانية تجري وسط أزمة ومخاوف وتضع نقطة نهاية لعهد نانا أكوفو أدو.
واليوم السبت، دعي 18.8 مليون من سكان غانا البالغ عددهم حوالي 34 مليون نسمة، إلى صناديق الاقتراع لانتخاب رئيسهم ونوابهم، في تصويت مزدوج تطوقه الأزمة الاقتصادية والتوترات السياسية والاجتماعية.
واختارت هيئة الانتخابات شعار «صوتك، مستقبلك» بهدف تشجيع الناخبين المسجلين على القوائم على التوجه، اليوم، إلى صناديق الاقتراع، في الجولة الأولى من الانتخابات العامة، فيما قد تجري دورة ثانية إذا تطلب الأمر في غضون 21 يوما المقبلة.
تصويت مزدوج سيجعل من الممكن تجديد أعضاء البرلمان، لكنه سيكون أيضا وقبل كل شيء بمثابة شارة نهاية للولاية الثانية والأخيرة للرئيس نانا أكوفو أدو (2017-2024).
وأكوفو أدو يبلغ من العمر 80 عاما، وقاد هذه الدولة الغنية بالمواد الخام (الكاكاو والذهب والنفط) والتي تعتبر نموذجا للاستقرار السياسي في غرب أفريقيا رغم غرقها في أزمة اقتصادية عميقة.
الأوفر حظا
لخلافته، وافقت لجنة الانتخابات على 12 طلب ترشح، ولكن في بلد يتناوب على قيادته، منذ التحول الديمقراطي في عام 1992، «الحزب الوطني الجديد» و«المؤتمر الوطني الديمقراطي»، لا يبدو هامش التشويق كبيرا.
بل تكفي الإجابة على السؤال التالي: من هو محمودو باوميا، نائب الرئيس منذ عام 2017 ومرشح الحزب الحاكم، وأيضا من هو جون ماهاما، الرئيس السابق (2012-2017) الذي يريد استعادة منصبه بالسنوات الأربع المقبلة.
فعلى خط السباق، يقف باوميا، الاقتصادي المتمرس صاحب الـ61 عاما، ويركز برنامجه الانتخابي على الدعوة إلى رقمنة الأنشطة لإخراج غانا من المأزق، لكن حكومته أثبتت عجزها في مواجهة الركود الذي استمر لمدة خمس سنوات.
وعلى الطرف الآخر، يعد جون ماهاما، السياسي المخضرم البالغ من العمر 66 عاما، بـ”إعادة البلاد إلى ما كانت عليه قبل” أكوفو أدو، لكن ولايته اتسمت بمشاكل مالية وقضايا فساد.
وما بين الخصمين، يدلي الناخبون بأصواتهم لتحديد الشخصية التي استطاعت إقناعهم بالتصويت لصالحها.
وفي انتخابات مزدوجة مماثلة جرت في 2020، بلغت نسبة المشاركة 79%.
استقطاب حاد
يقول ليونيل أوسي إيسيما، محلل الأبحاث السياسية في «مركز غانا للتنمية الديمقراطية»: «من الواضح أنه بعد دورتين انتخابيتين، يشعر الغانيون بخيبة أمل بعض الشيء تجاه الحزبين السياسيين الرئيسيين».
ويرجع الباحث ذلك أساسا، في حديث لإعلام فرنسي، استنادا إلى بيانات معهد سبر الآراء «أفروباروميتر»، إلى عدم تمكن الحزبين من الوفاء بوعودهما ومهامهما خصوصا في ما يتعلق بإدارة الاقتصاد في قضايا مثل خلق فرص العمل، والحد من عدم المساواة أو الحفاظ على القدرة الشرائية.
ومع ذلك، يبدو المشهد السياسي غارقا في حالة استقطاب حادة بين الحزبين، وفق الخبير الذي يعتقد أنه لا يزال بإمكانهما رغم ذلك الاعتماد على ملايين المؤيدين في جميع أنحاء البلاد.
ولفت إلى أن ما يدعم هذا الطرح هو أن المجموعات السياسية الصغيرة لا تبدو منظمة بشكل جيد أو لا تملك نفس الموارد التي يتمتع بها الحزبان لتعبئة الناس في جميع أنحاء البلاد.
الشباب.. عامل حسم؟
مع أن بعض المرشحين الآخرين ممن برزوا بشكل نسبي بالأشهر الأخيرة (نانا كوامي بيدياكو، وألان كيريماتن...) يحاولون بالفعل استمالة الناخبين، لكن أحدث استطلاعات الرأي تتوقع نتائج متقاربة بين باوميا وماهاما.
وفي ظل هذه الظروف، يبدو أن تصويت الشباب سيكون نقطة الفصل والحسم في بلد حيث 56% من السكان تحت سن 25 عاما، وحيث يبلغ متوسط العمر 21 عاما.
ويعتقد جون أوساي كوابونج، مدير المشروع في مركز الأبحاث «مشروع الديمقراطية» في غانا، أن هذه الفئة العمرية ستكون حاضرة اليوم بشكل مكثف.
ويقول كوابونج، إنه «بحسب أحدث البيانات التجريبية المتاحة، المنشورة في أكتوبر (تشرين الأول الماضي)، حول الامتناع عن التصويت، فإن 19% من فئة الناخبين العمرية بين 18 و25 عاما قالوا إنهم لن يشاركوا بالاقتراع».
فيما يقول 8 من كل 10 إنهم سيصوتون، وبحسب الخبير الذي تحدث لإعلام فرنسي، فإن «هذا رقم جيد للتأكيد على أن الناخبين الشباب يظهرون اهتماما حقيقيا بهذه الانتخابات».
ولفت إلى أنه بالعودة أيضا إلى بيانات مشاركتهم بانتخابات سابقة، «أظهرت هذه الفئة الديموغرافية عموما اهتماما بالتصويت».
ومن ناحية أخرى، يجد الباحث صعوبة في معرفة ما إذا كان الشباب قادرين على التأثير على النقاش العام، معتبرا أنه «من الصعب جدا تقييم وزن الشباب في فضاءاتنا السياسية».
وعزا ذلك بشكل أساسي إلى «أننا لا نلاحظ أي جهود تعبئة وعمل جماعي" من جانب الشباب لتحقيق أهداف سياسية رئيسية».
ولدى كلا الحزبين الرئيسيين في غانا أجنحة وشبكات شبابية، ولكن أنشطتها مصممة بشكل عام لدعم الأحزاب السياسية.