«رئاسيات غانا».. منافسة محصورة بين ساكن قديم ونائب الرئيس
تستعد غانا لإجراء انتخابات رئاسية جديدة في السابع من ديسمبر/كانون الأول المقبل، وسط أزمة اقتصادية مؤرقة، واضطراب إقليمي، بفعل "حواضن الإرهاب".
ونشرت اللجنة الانتخابية في غانا قائمة تضم 13 مرشحا وافقت على خوضهم الانتخابات الرئاسية المقبلة، التي يُعتقد أنها ستشهد منافسة قوية بين نائب الرئيس الحالي محمدو باوميا، والرئيس السابق جون دراماني ماهاما، وذلك بعد قضاء الرئيس نانا أكوفو أدو، فترتين رئاسيتين، مدتهما 8 أعوام، لا يجوز له بعدهما خوض الانتخابات، حسب الدستور.
أكبر حزبين متنافسين
وتنحصر المنافسة في غانا بين حزبي "المؤتمر الوطني الديمقراطي" (يسار الوسط)، أكبر أحزاب المعارضة، الذي يمثله في الانتخابات الرئاسية، الرئيس السابق ماهاما (65 عاما)، و "الوطنيين الجدد" الحاكم (يمين الوسط)، الذي رشح باوميا (60 عاما)، وهو خبير اقتصادي ومحافظ سابق للبنك المركزي.
وقالت اللجنة الانتخابية، إنها قبلت أيضا ترشيحات وزير التجارة والصناعة السابق آلان جون كوادو كيريماتن، الذي استقال من الحزب الحاكم ليخوض الانتخابات مستقلا، ورجل الأعمال الذي يتنافس للمرة الأولى على كرسي الحكم، نانا كوامي بيدياكو، ومرشحين آخرين.
وقالت مجموعة الأبحاث "غلوبال إنفو أناليتكس-أكرا" إن قائمة المرشحين المتنافسين هي الأطول في تاريخ غانا، معتبرة أنه من الناحية العملية ستتوزع الأصوات بين 4 مرشحين، هم: بوميا وماهاما وكيريماتن وبيدياكو.
إقليم الاضطرابات
وغانا تعد البلد الأكثر استقرارا في دول غرب أفريقيا، إذ تشهد منذ عقود انتقالا سلميا للسلطة، في ظل جوار تتكرر فيه الانقلابات العسكرية، وتشوب أعمال العنف الانتخابات في دوله، ما جعل أكرا تُوصف بأنها نموذج للديمقراطيات الأفريقية الناشئة.
وتجري الانتخابات وسط تحديات داخلية وخارجية تواجهها غانا، على رأسها تنامي نفوذ الجماعات الإرهابية من دول المثلث الساحلي "مالي وبوركينافاسو والنيجر"، التي تشكلت فيها حواضن للإرهاب.
وغانا، الشهيرة إبان الحقبة الاستعمارية باسم "ساحل الذهب"، المُطلة على خليج غينيا والمحيط الأطلسي، تحدها بوركينا فاسو من الشمال، وتوغو من الشرق، وكوت ديفوار من الغرب.
ويُنذر تصاعد الإرهاب في الإقليم باضطرابات، خصوصا مع التحسب لنزوح آلاف اللاجئين الفارين من تلك الدول إليها بحثا عن الأمان، في وقت لا يمكن لدولة مثل غانا استيعاب أعداد كبيرة من اللاجئين، والتعامل مع الهجرة غير المخططة، والتي تلزمها تخصيص ميزانيات مالية كبيرة، لتوفير الخدمات الاجتماعية والصحية الأمنية والغذائية للاجئين، إضافة لمزاحمتهم العمالة الوطنية والوظائف، وهو ما يثقل كاهل أكرا، التي تواجه بالفعل مشاكل اقتصادية كبيرة.
المرشح الأوفر حظا
وقال الدكتور عبدالله موسى الخبير الأكاديمي الغاني، إن أبرز المرشحين في هذه الانتخابات، هما نائب الرئيس الحالي محمدو باوميا، والرئيس السابق جون ماهاما.
وأضاف موسى، في تصريحات لـ " العين الإخبارية"، إنه وفق الاستراتيجيات السائدة حاليا في غانا، فإن أحد الرجلين هو الأوفر حظا للفوز في هذه الانتخابات، موضحا أن هناك أكثر من 10 ملايين شخص ينتمون إلى حزبي محمدو باوميا، وجون ماهاما.
وأكد أن هيئة الانتخابات الغانية وضعت الاستراتيجيات والطرق التي تساعد في جعل الانتخابات آمنة ونزيهة، لافتا إلى وجود مراقبين من قارة أفريقيا وخارجها للمشاركة في متابعة هذه الانتخابات، فضلا عن مراقبة القطاع المدني والخاص والعام للانتخابات، لضمان نزاهة العملية الانتخابية.
واتفق محفوظ ولد السالك الكاتب الموريتاني المتخصص في غرب أفريقيا، مع موسى، في أن المنافسة في الانتخابات الرئاسية في غانا، ستنحصر في الغالب بين باوميا، وماهاما.
وقال ولد السالك لـ "العين الإخبارية"، إن باوميا سيستفيد من إرث الرئيس الحالي نانا أكوفو أدو وسجل إنجازاته، وحرصه على احترام الدستور وعدم تعديله من أجل الترشح لولاية ثالثة، مضيفا أن المتنافس الثاني جون ماهاما يخوض السباق الرئاسي مستفيدا من تجربته السابقة في الحكم، وتجربته المهمة في المعارضة، ما يؤهله للمنافسة الجادة.
وأوضح أن غانا استطاعت خلال العقود الأخيرة التأسيس لمنظومة انتخابية جيدة، وباتت الصناديق آلية التغيير الوحيدة في البلاد، والشعب هو صاحب الكلمة، لافتا إلى أن هناك تحديات ستواجه الرئيس القادم بغض النظر عن هويته، فالبلاد تخرج تدريجيا من أزمة اقتصادية كبيرة، جعلتها تتخلف عن سداد ديونها، وتقترض بشروط مجحفة من صندوق النقد الدولي.
التحدي الاقتصادي
من جهته، قال الدكتور محمد تورشين الباحث السوداني في الشأن الأفريقي، إنه رغم زيادة عدد المرشحين، فإن المنافسة ستكون محصورة بين باوميا وماهاما.
وأضاف تورشين، في تصريحات لـ "العين الإخبارية"، أن ماهاما سيعتمد على خبرته الاقتصادية المتراكمة داخل غانا وخارجها، خصوصا وأن الأوضاع الاقتصادية لها دور كبير جدا في مسارات الناخبين، موضحا أن غانا من أكثر الدول الديمقراطية المستقرة التي تعاني من اشكاليات اقتصادية، بسبب اقتراضها من صندوق النقد الدولي، لافتا إلى أن باوميا سيتحمل تبعات تلك المشكلات الاقتصادية.
وقال إن هذه الانتخابات ستكون قوية وستشهد منافسة شرسة وفريدة من نوعها في بلد أفريقي من أهم البلدان التي تعتبر نموذجا لمقاربة ديمقراطية مختلفة، ما يجعل من الصعب التكهن بالفائز.
وأعرب عن اعتقاده بأن "حظوظ زعيم المعارضة جون ماهاما ستكون أفضل من نائب الرئيس محمدو باوميا للاعتبارات الاقتصادية، وقدرته على إيجاد مقاربة لحل الأزمة باعتباره رجل اقتصاد".
من جهته، أشاد الدكتور محمد شريف جاكو الخبير التشادي في الشأن الأفريقي، بعدم محاولة الرئيس الحالي تغيير الدستور لتمديد فترته الرئاسية كما هو متبع في دول المنطقة.
وقال جاكو لـ "العين الإخبارية"، إن التنافس سينحصر بين نائب الرئيس الحالي والرئيس السابق، موضحا أن غانا لديها تقاليد ديمقراطية شبه مستقرة.