من أرض عبور لمنطقة عمليات.. هل يكسر الإرهاب الاستثناء الغاني؟
حتى الآن نجت غانا من الهجمات الإرهابية، لكن دخولها ضمن الاستراتيجية الإقليمية للتنظيمات المسلحة ينذر بتحويلها من أرض عبور لمنطقة عمليات.
الباحث الإيفواري آرثر بانغا، يقدم ورقة تحليلية حول إنشاء الجماعات الإرهابية في شمالي غانا، هناك حيث مددت التنظيمات تمركزها بحثا عن مناطق نفوذ جديدة مرورا بالدول الساحلية لخليج غينيا.
وفي حديث لإعلام فرنسي، يقول الخبير بمعهد العلاقات الدولية والاستراتيجية، إن غانا استطاعت من بين جميع جيران بوركينا فاسو المضطربة، أن تظل حتى الآن بمنأى عن الهجمات الإرهابية.
ويوضح أن "غانا كانت في مرحلة أولى منطقة عبور بالنسبة للتنظيمات الإرهابية، لكن التحولات التي تشهدها المنطقة، وبوركينا فاسو بشكل خاص، تجبر الإرهابيين على توسيع نطاق نشاطهم، ما يهدد هذا الاستثناء".
وبعد أن كانت منطقة عبور، يتابع: "باتت غانا ضمن خارطة أطماع المجموعات الإرهابية، خصوصا من قبل التحالف الذي يضم حركات تابعة لتنظيم القاعدة واتحدت تحت لواء ما يسمى جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، بقيادة الطوارق إياد أغ غالي، أحد القادة التاريخيين لقبيلة إيفوغا".
ولفت إلى أن "التحالف الإرهابي أوكل لعدد من رؤوسه في بوركينا فاسو مهمة التجنيد وزرع بذرة التنظيم في غانا وتوغو، وهذا ما يجعلنا اليوم نشهد مرورا من منطقة عبور إلى منطقة نشاط".
وبحسب الخبير، فإنه "سبق أن قام هؤلاء الإرهابيون بمهمات استكشافية في غانا مطلع عامي 2016 و2017، من خلال القيام بتحليل عام مستفيدين من معلوماتهم حين كانت غانا منطقة عبور".
واستشهد بانغا بتصريح سابق أدلى به وزير الدفاع الغاني تحدث فيه عن وضع مقلق للغاية، معتبرا أن كل ذلك "يعني أن التنظيمات الإرهابية أرسلت بالفعل مبعوثيها على عين المكان في غانا".
مخططات!
بالنسبة للباحث الإيفواري، فإنه منذ الخطاب الذي ألقاه المالي أمادو كوفا، زعيم جماعة إرهابية في منطقة الساحل الأفريقي موالية لتنظيم القاعدة، وتحدث فيه عن غانا، بدأت الأمور بالفعل تتغير وتنذر بالأسوأ، مشيرا إلى أن ما قاله تحول إلى واقع، فغانا أصبحت منطقة نشاط للإرهابيين.
وأوضح أن الإرهابيين "يجندون بالفعل الشباب للانضمام إليهم، وغانا أصبحت منذ سنوات أرضا للاستقطاب".
وحذر من أن الإرهابيين يحتاجون لمنطقة تحضير للعمليات، خصوصا للهجمات الانتقامية، وهذا ما وجدوه في غانا، مستثمرين في ذلك الروابط الأسرية والدينية والإثنية الرابطة بين سكانها وبوركينا فاسو.
ومخاوف الباحث لا تختلف كثيرا عن تحذيرات سابقة أطلقتها العديد من التقارير والدراسات، بينها مركز غرب أفريقيا لمحاربة التطرف، والذي أعرب في أحد تقاريره عن قلقه من التوجه الجنوبي للجماعات الإرهابية في منطقة الساحل، معتبرا أن "هذا الانتشار يجعل الوضع في المناطق الحدودية مع غانا مخيفا".
وفي الواقع، تتماهى الدراسات مع حيثيات الواقع، فالمناطق التي تفصل الأراضي الغانية عن منطقة كاسكيدز في بوركينا فاسو وشمال كوت ديفوار، مليئة بالثغرات.
وبالنسبة للحدود مع بوركينا فاسو وحدها، تم تحديد أكثر من 189 نقطة دخول غير رسمية في عام 2019 من قبل شبكة غرب أفريقيا لبناء السلام، فيما استقرت العديد من كتائب جماعة دعم الإسلام والمسلمين، وداعش في الصحراء الكبرى بمنطقة كاسكيدس خلال عام 2021.
تمركز جعل شمال غانا منطقة خلفية مثالية للجماعات التي تعمل في مناطق عابرة للحدود، وهذا ما يفسره العثور على أرقام برمز منطقة غانا (+233) من قبل قوات العملية الفرنسية "برخان" في الهواتف المحمولة لإرهابيين تم اعتقالهم في الساحل.