في ذكرى ميلاده.. غسان كنفاني أيقونة الأدب الفلسطيني
غسان كنفاني يعد مثقفا من طراز مرموق، أثبت حضوره بعد أن أسس حاضنة أدبية مع أبناء جيله من الكتّاب للقضية الفلسطينية.
تحل، الثلاثاء، الذكرى الـ83 لميلاد المناضل الفلسطيني غسان كنفاني، الذي شكلت رحلته واحدة من المدارس الإبداعية النضالية في تاريخ الشعب الفلسطيني، والتي ما زالت تنهل منها الأجيال، وتتمسك بمبادئها، كونها أسست لمفاهيم المظلوم الذي يدفع عن نفسه ظلم المحتل، والظروف القاسية التي فرضت عليه.
ورغم قصر عمر كنفاني الذي لم يتجاوز 36 سنة، فإنه ترك أعمالاً أدبية في أكثر من جنس أدبي تجاوزت 13 عملا، منها الرواية والقصة والنص المسرحي والمقال السياسي.
ويقول الدكتور محمد بكر البوجي، أستاذ النقد السابق في جامعة الأزهر، لـ"العين الإخبارية": "شكل كنفاني مدرسة صحفية وروائية في الوطن العربي خاصة في أعماله (رجال في الشمس) و(عائد إلى حيفا)، وأزعم أن أقسى رواية كتبت عن الحياة في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين كانت رواية (ما تبقى لكم)".
ويضيف البوجي: "غسان علامة فارقة مع إميل حبيبي وجبرا إبراهيم جبرا، في الإبداع الفلسطيني الحامل للقضية، ونستطيع تشكيل ملامح واضحة للنكبة من خلال رواياتهم، بل صارت بعض شخصيات غسان نموذجا للسخرية من القيادات الفاشلة العقيمة مثل شخصية (أبو الخيزران) وشخصية الأم المتأصلة في روايته (أم سعد)".
وتابع: "رحل غسان عن عمر لم يتجاوز 36 عاما، لكنه ترك إرثا ثقافيا قد يعمر ألف عام قادمة وسيبقى أثره في الأجيال العربية عبر التاريخ".
وولد غسان كنفاني في عكا شمال فلسطين في 9 أبريل/نيسان 1936، وانتقل إلى مدينة يافا للدراسة حتى احتلال فلسطين عام 1948.
ورغم صغر سنه فإنه رفض سياسة الوصاية على الشعب الفلسطيني، واضطر للخروج من الوطن بعد المجازر الإسرائيلية التي ارتكبت في مدن وقرى فلسطين، فكانت لبنان أولى وجهاته وانتقل منها إلى سوريا والكويت، ليأخذ موقعه كصحفي وأديب لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي، والتعريف بالقضية الفلسطينية، وهذا ما أبرزه كناشط في إحدى الفصائل اليسارية التي اعتمدت أسلوب الاشتباك المباشر مع العدو، الأمر الذي دفع كنفاني حياته ثمناً له، بعد عملية اغتيال نفذت بحقه في بيروت عام 1972.
ويعد غسان كنفاني مثقفاً من طراز مرموق، أثبت حضوره بعد أن أسس حاضنة أدبية مع أبناء جيله من الكتّاب للقضية الفلسطينية، وكان من مؤسسي الاتحاد العام للكتّاب والصحفيين الفلسطينيين وهو من وضع شعار (بالدم نكتب لفلسطين) المرفوع حتى اليوم رغم المتغيرات العاصفة.
وتناول كنفاني في أعماله الأدبية الـ18 من رواية وقصة ومسرح ومقال سياسي ودراسات، الهم الفلسطيني العام، وسلط الضوء على المنفى، والمخيمات وحياة الفلسطيني القاسية، في الوقت الذي كان يعزز فيه فكرة المواجهة مع المحتل، واستقطاب التأييد للقضية الفلسطينية، واعتماده على القومية العربية منهجاً للخلاص.
وأجمع نقاد الأدب على أنه بالرغم من سنوات عمر كنفاني المعدودة، ورحيله وهو شاب وفي ذروة إبداعه، فإنه ترك 18 عملاً أدبياً مميزاً، شكلت خزيناً ثقافياً وطنياً يعتد به، ومدداً مغذياً للذاكرة الفلسطينية.