غُندر الإثيوبية.. مدينة الأباطرة تغرق في الفوضى ومساعٍ للسيطرة عليها

غٌندر تعد من أقدم مدن إثيوبيا، وهي مؤثرة سياسيا واقتصاديا في الدولة الإثيوبية، وتحولاتها المستقبلية.
تعتبر مدينة غٌندر التاريخية من أقدم المدن في إثيوبيا، فهي مدينة الأباطرة وعاصمة الحبشة القديمة، لكن موقعها المتميز جعلها معبرا رئيسيا لتجارة الأسلحة المهربة عبر السودان، ما أغرقها في اضطرابات أمنية وعنف.
- وزير الخارجية الإثيوبي يتسلم أوراق اعتماد سفير دولة الإمارات الجديد
- وفد شعبي إريتري يصل إثيوبيا لأول مرة بعد عودة العلاقات
وفي محاولة لاحتواء الأزمة التي أدت إلى نزوح ما يقرب عن 45 ألف شخص، وظلت مستعصية لأوقات طويلة، نشرت الحكومة الإثيوبية مؤخرا قوات من الجيش والشرطة الفيدرالية لبسط الأمن والاستقرار بالمنطقة.
غٌندر.. أقدم مدن إثيوبيا
تعتبر مدينة "غٌندر" التاريخية من أقدم المدن في إثيوبيا التي أنشئت في القرن السادس عشر الميلادي، من قبل الإمبراطور فاسيل ديسي، في العام 1636، وتقع المدينة على بعد 725 كيلومترا من العاصمة أديس أبابا، بإقليم أمهرا شمالي البلاد، وقريبة من الحدود الشرقية للسودان.
واختار الإمبراطور فاسيل ديسي (1625-1660) مدينة غٌندر، مقرا للحكومة.
ولتكون عاصمته، ومركز الدولة الإثيوبية في تلك الحقبة، كونها تقع على ارتفاع يصل إلى أكثر من ألفي متر على مستوى سطح البحر، وتحاط بجبال وغابات كثيفة وهي ممر تجاري رئيسي مع السودان ومصر ما جعلها مدينة استراتيجية ومقرا للأباطرة الإثيوبيين.
تشتهر المدينة بأنها موطن للكنائس والأديرة التاريخية، وتسمى بمدينة الـ44 كنيسة، كما تحتضن العديد من القصور الملكية وقلعة الإمبراطور فاسيل ديسي، التاريخية المحصنة التي استغرق بناؤها 15 عاما، لتصبح من أهم القلاع التي تعود إلى تلك الحقبة وهي من مواقع اليونسكو للتراث العالمي.
وتتميز المدينة بموقعها الاستراتيجي، الذي يجعلها ممرا رئيسيا يربط بين إثيوبيا والسودان، بجانب كونها مركزا تجاريا لعدد من المدن بإقليم أمهرا، وتحتضن غُندر عددا من القوميات والشعوب الإثيوبية.
مركز تجاري وممر لتهريب الأسلحة
تعد غٌندر مدينة مهمة سياسيا، ومؤثرة في استقرار إقليم أمهرا بشكل خاص، وإثيوبيا عموما، فقد انطلقت منها أول شرارة للاحتجاجات التي شهدتها إثيوبيا بعدد من الأقاليم خلال شهر يوليو/تموز وأغسطس/آب 2017، واستقال على وقعها رئيس الوزراء السابق هيلي ماريام ديسالين، وأسفرت تلك الاحتجاجات عن التحول الإصلاحي الجديد الذي تشهده إثيوبيا منذ تولي آبي أحمد، رئاسة الوزراء في أبريل الماضي.
وفي غضون 20 يوما من توليه السلطة زار آبي أحمد مدينة غُندر التاريخية بغرض التهدئة ودعم التحول، لكونها مدينة مؤثرة، في الشأن السياسي الإثيوبي، وحظي بدعم غير مسبوق من سكان غٌندر.
كما تعتبر غٌندر مركزا تجاريا لعدد من المدن من حولها والمناطق الطرفية على الحدود السودانية، ويرتادها عدد كبير من التجار الإثيوبيين والسودانيين.
وتعد المدينة إحدى مناطق العبور الرئيسية لتجار الأسلحة المهربة عبر السودان، وتصاعدت مؤخرا ظاهرة تهريب الأسلحة عبر هذه المدينة، لتشكل خطرا على أمن واستقرار البلاد.
وتشير خارطة تهريب الأسلحة إلى إثيوبيا إلى أنها تتم عبر انتشار شبكات التهريب على الحدود مع السودان عبر منطقة "المتمة" التي تتبع إداريا لمدينة غُندر، والقلابات السودانية بولاية القضارف.
وأسهم انتشار الأسلحة بهذه المنطقة في تصاعد أعمال العنف في عدد من المناطق التابعة لمدينة غُندر، الأسبوع الماضي، ما أدى إلى نزوح كبير للسكان إلى عدد من المناطق، فضلا عن نزوح آخرين إلى السودان؛ بسبب تفاقم أعمال العنف التي خرجت عن سيطرة حكومة إقليم أمهرا.
تدخل الجيش والشرطة الفيدرالية
أعلن الجيش والشرطة الفيدرالية الإثيوبية، الأحد الماضي، عن نشر قوات من الجيش والشرطة الفيدرالية غرب ووسط مدينة غندر، لبسط الأمن والاستقرار بالمنطقة بعد أن شهدت أعمال عنف أدت إلى نزوح ما يقرب عن 45 ألف شخص.
وجاء تدخل الجيش والشرطة بعد أن خرجت الأوضاع عن سيطرة السلطات المحلية، وانتقلت إلى منحى خطير، وهو حرق المساجد بغرض إشعال فتنة طائفية.
وأعلنت شرطة مدينة "غُندر"، الثلاثاء، عن توقيف 6 متهمين للاشتباه بهم في عمليات حرق مسجدين جنوبي غٌندر، وفق وكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية.
وقال كندو وندي، مدير قسم التحقيقات الجنائية في شرطة المدينة، إنهم اعتقلوا 6 أشخاص للاشتباه بهم في حرق مسجدين جنوبي غٌندر خلال أعمال عنف وشغب شهدتها منطقة "مكانا أيسوس" جنوب غٌندر".
وتظل مدينة غٌندر مؤثرة سياسيا واقتصاديا في الدولة الإثيوبية، وتحولاتها المستقبلية.