أشباح المذبحة.. لماذا تدعم رواندا التمرد في الكونغو الديمقراطية؟
خلال 100 يوم في عام 1994 قتل نحو مليون شخص من قبيلة التوتسي في رواندا، حينما هاجمها بضراوة قادة متطرفون من قبيلة الهوتو.
وأحيا زعماء العالم الذكرى الـ30 للمذبحة في أبريل/نيسان الماضي، لكن أشباحها لا تزال تطوف على الحدود بين رواندا والكونغو الديمقراطية.
ما الجديد؟
واليوم الإثنين، تناول خبراء من الأمم المتحدة في تقرير جديد عملية "السيطرة على أراض" التي ينفذها الجيش الرواندي في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث ينشر "ثلاثة إلى أربعة آلاف عسكري" إلى جانب متمردي حركة "إم23".
ويقدر هؤلاء الباحثون المفوضون من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في هذا التقرير النصف سنوي أن الضباط الروانديين سيطروا "بحكم الواقع" على عمليات حركة "إم23".
وحركة "إم23" (حركة 23 مارس) هي جماعة متمرّدة كونغولية مسلّحة تقول إنها تدافع عن التوتسي في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وأعلنت -متحالفة مع كوادر في الحزب الحاكم السابق في كينشاسا- نيتها الزحف إلى العاصمة.
ويتّهم الخبراء السلطات الرواندية بأنها "انتهكت وحدة جمهورية الكونغو الديمقراطية وسيادتها"، ويعتبرون أنها "مسؤولة عن أعمال حركة إم23" من خلال الدعم الذي تقدمه "لغزوها الإقليمي".
ومنذ نهاية عام 2021 تتقدّم حركة إم23 وقوات من الجيش الرواندي في مقاطعة شمال كيفو، حيث هزمتا الجيش الكونغولي وحلفاءه وأنشأتا إدارة موازية في المناطق الخاضعة لسيطرتهما.
وحتى نهاية عام 2023 بقيت السلطات الرواندية تنفي علنا إرسال قواتها للقتال إلى جانب متمردي حركة إم23، لكن مذاك لم تعد كيغالي تعلّق بشكل مباشر على هذه الاتهامات.
وفي 20 يونيو/حزيران، قال الرئيس الرواندي بول كاغامي لمحطة فرانس 24 "نحن مستعدون للقتال" ضد جمهورية الكونغو الديمقراطية إذا لزم الأمر، لكنه تجنّب في الوقت نفسه التطرق إلى مسألة الوجود العسكري لبلاده فيها.
وتطالب الولايات المتحدة وفرنسا وبلجيكا والاتحاد الأوروبي رواندا منذ أشهر بسحب قواتها وصواريخها من الأراضي الكونغولية، ووقف الدعم الذي تقدّمه لحركة إم23.
توثيق أممي
وقدّم الخبراء تفاصيل عن "توغلات منهجية" لجنود روانديين على الأراضي الكونغولية، من بينهم ألف وصلوا إلى الكونغو الديمقراطية خلال يناير/كانون الثاني 2024 وحده.
وهم يعتقدون أنه وقت وضع تقريرهم (أبريل/نيسان 2024) كان عدد الجنود الروانديين "يساوي أو يتجاوز عدد مقاتلي حركة إم23" الذي يقدر عددهم بنحو ثلاثة آلاف.
ويعرض هذا التقرير صورا جوية ملتقطة في المناطق الخاضعة لسيطرة حركة إم23 والجيش الرواندي.
وتظهر الصور رجالا مسلّحين يلبسون الزي العسكري، وعربات مدرّعة مزودة برادارات ومنظومات صواريخ مضادة للطائرات وشاحنات لنقل الجنود.
من جهة أخرى، جُنِّد أطفال يبلغون "12 عاما وما فوق في كل مخيمات اللاجئين تقريبا في رواندا" (هناك 80 ألف لاجئ كونغولي في رواندا وفقا لمفوضية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين) لإرسالهم إلى معسكرات تدريب في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون، تحت إشراف جنود روانديين وعناصر من حركة إم23 بحسب التقرير.
ولفت التقرير إلى أن "المجنّدين الذين تبلغ أعمارهم 15 عاما وما فوق تلقوا تدريبا على القتال وأرسلوا إلى الجبهة". وأضاف أن تجنيد القصّر في رواندا يقوم به عناصر استخبارات "من خلال وعود كاذبة بالمال أو التوظيف" وأن "كل من عارض ذلك أُخذ بالقوة".
ما الأسباب؟
وقال الخبراء أيضا إنه خلال هجماتهما استهدفت حركة إم23 والقوات الرواندية "بشكل محدد مناطق تسكنها أغلبية من الهوتو، في مناطق معروفة بأنها معاقل للقوات الديمقراطية لتحرير رواندا"، وهي جماعة متمردة رواندية شكّلها مسؤولون كبار سابقون من الهوتو شاركت في الإبادة الجماعية للتوتسي في رواندا عام 1994، الذين لجأوا إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية مذاك.
وتعتبر كيغالي أن وجود هذه الجماعة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية هو تهديد دائم لرواندا.
ودعا المجتمع الدولي إلى إنهاء التدخل الأجنبي في جمهورية الكونغو الديمقراطية، كما طالب كينشاسا بأن تنأى بنفسها عن القوات الديمقراطية لتحرير رواندا.
لكن الخبراء أشاروا في تقريرهم إلى أن حكومة جمهورية الكونغو الديمقراطية تستخدم العديد من "الجماعات المسلحة في شمال كيفو، بما فيها القوات الديمقراطية لتحرير رواندا، لمحاربة حركة إم23 والقوات الرواندية".
وتعرف هذه الجماعات المسلحة التي تقاتل إلى جانب الجيش الكونغولي باسم "وازالندو" (الوطنيون باللغة السواحيلية).
كما قال الخبراء إنهم تلقوا تأكيدا على "الدعم النشط" الذي تتلقاه حركة إم23 من أعضاء أجهزة استخبارات أوغندا، على الرغم من أن الجيش الأوغندي يتعاون مع الجيش الكونغولي في قتاله ضد جماعة متمردة أخرى تابعة لتنظيم داعش على مسافة نحو 100 كيلومتر شمال المنطقة الخاضعة لسيطرة حركة إم23.