انطلقت أعمال مؤتمر الأطراف للمناخ، "كوب 26"، في غلاسكو، حيث يسعى قادة العالم لوضع حد لارتفاع حرارة الكوكب.
نظرة الأمم المتحدة إلى هذه القمة تتلخص في أن أزمة المناخ إنذار بالخطر على البشرية كلها، وأن قادة العالم سيمرون باختبار صعب، خاصة فيما يتعلق بالإجراءات، التي سيتخذونها للخروج من الأزمة المناخية، والتي ستكون برهانا على مدى جدّيتهم في التصدي لحالة الطوارئ، التي يمر بها كوكب الأرض، حيث إن درجات الحرارة في جميع أرجاء العالم بلغت مستوياتٍ لم تصل إليها من قبل، وتدنِّي التنوع البيولوجي قد بلغ مستوياتٍ جديدة، أما المحيطات فتختنق بالنفايات البلاستيكية، ودرجة الحموضة بها تزداد، وسيؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى تحويل مساحات شاسعة من الأرض لأماكن لا تصلح لسُكنى البشر بحلول نهاية القرن الحالي.
الموقف الإماراتي من أهداف هذه القمة يظهر في كلمات سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، والذي يرأس وفد الإمارات المشارك في محادثات المناخ العالمية، التي تقام بمدينة غلاسكو في اسكتلندا، حيث تلعب الإمارات دوراً محورياً في التواصل مع قادة العالم والوفود المشاركة بشأن التعامل مع تداعيات تغير المناخ والحد منها.
وقد عبّر سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان عن موقف الإمارات من هذه القضية بقوله: "نتطلع إلى التعاون مع المجتمع الدولي للوصول إلى اقتصاد منخفض الكربون يضمن حماية البيئة وتقليل الانبعاثات الكربونية، إضافة إلى خلق فرص اقتصادية دائمة، وسنبقى كذلك شريكاً ملتزماً لدعم جهود العالم في الحد من آثار تغير المناخ، وإيجاد حلول مناخية عملية شاملة من شأنها تحقيق نمو اقتصادي مستدام".
وأضاف: "إذا حظينا باستضافة المؤتمر، سنبذل ما بوسعنا ليكون شاملاً ومواكباً لمتطلبات واحتياجات الدول المتقدمة والنامية، وأن يضمن مشاركة جميع القطاعات، بما فيها الحكومية والخاصة والأكاديمية والمجتمع المدني، للتركيز على تبنّي حلول عملية لمشكلة تغير المناخ".
يشار هنا إلى أن دولة الإمارات تقدمت بطلب استضافة الدورة 28 لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "COP 28" خلال عام 2023، مؤكدة أنها ستعمل على تنظيم دورة شاملة وناجحة تخرج بنتائج وقرارات حاسمة في سبيل مواجهة التغير المناخي، لا سيما أن دولة الإمارات تتبنّى نهج عمل شامل في هذا المجال بهدف بناء نظام اقتصادي فعال، يرتكز على القطاعات الرئيسية، خصوصا القطاع الصحي، نظرا لتأثير المناخ المباشر على صحة الإنسان.
قمة غلاسكو للمناخ معنية بمتابعة تغيراته وتداعياتها، وتستمر من 1 إلى 12 من الشهر الجاري برئاسة المملكة المتحدة، وهي قمة سنوية تحضرها 197 دولة لمناقشة ما الذي تفعله بلدان العالم لإجراء حوار بناء لمواجهة مشكلة تغيرات المناخ وما يترتب عليها من مشكلات تهدد الأرض وسكانها، وكذا تحسين الفهم المتبادل للأزمة، وخفض انبعاث الغازات الدفيئة، وزيادة إنتاج الطاقة المتجددة، مع الحفاظ على ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى "أقل بكثير" من 2 درجة مئوية "3.6 فهرنهايت"، مع وضع هدف إيصالها إلى 1.5 درجة مئوية "2.7 فهرنهايت"، بالإضافة إلى الالتزام بضخ مليارات الدولارات سنويا لمساعدة البلدان الفقيرة على التعامل مع تأثير تغير المناخ.
هنا في واشنطن، تناولت بعض التقارير الصحفية التوقعات الممكنة حول توصيات قمة غلاسكو للمناخ، حيث قال تقرير لـ"نيويورك تايمز" إن تحقيق الهدف الأممي يفرض على جميع البلدان الالتزام بخفض الانبعاثات بشكل أسرع وأعمق مما تفعله حاليا.
ويشير التقرير إلى أنه "ربما" تعزز الدول الغنية بشكل كبير الدعم المالي لمساعدة الدول الأكثر ضعفا على التكيف مع آثار الاحتباس الحراري، وبناء اقتصادات لا تعتمد على الوقود الأحفوري.
ويرفع التقرير الآمال بأن بلدان العالم أمامها 10 سنوات للحد من الانبعاثات بما يكفي لإبقاء كوكب الأرض تحت 1.5 درجة من الاحترار، واختتم توصياته بـ: "إذا لم يلتزم القادة بخطوات جريئة الآن، وقتما يتركز كثير من اهتمام العالم على غلاسكو، يُخشى أن يتجه العالم نحو مستويات خطيرة من الاحترار".
وتتمثل الأهداف الرئيسية لمؤتمر "كوب 26" في إلزام الدول بوضع أهداف طموحة لخفض الانبعاثات الكربونية حتى عام 2030 للوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول منتصف القرن، إضافة إلى زيادة التمويل المتعلق بالمناخ لمساعدة البلدان الفقيرة على الانتقال إلى الطاقة النظيفة والتكيف مع تغير المناخ، ليصل هذا التمويل إلى 100 مليار دولار سنويا، إلى جانب التخلص التدريجي من استخدام الفحم في مجال الطاقة، والحد من إزالة الغابات، وحماية النظم البيئية، وتشجيع الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة.
ورغم الجهود الدولية، فقد لا تصل قمة غلاسكو للمناخ إلى هدفها، المتمثل في الحصول على التزامات قوية من الدول بما يكفي لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية بنسبة 45% بحلول عام 2030، وهذا يعني أن العالم لن يكون على مسار سلس للوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050، لذا فمن المحتمل أن تكون هذه القمة إحدى القمم والفرص الأخيرة، التي يمكن أن تجنّب الأرض تجاوز العتبة الدراماتيكية لتغير المناخ، لكن ما يتفق عليه الجميع هو أن تكلفة الفشل في هذه القمة وعدم الوصول بها إلى مخرجات ونتائج عملية وحاسمة ستكون باهظة جدا على الجميع.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة