ماذا لو تعاونت الصين وأمريكا وانتهت حرب التجارة؟.. شكل العالم سيتغير
اتخذ التنين الصيني عددا من الإجراءات التصعيدية ضد الولايات المتحدة الأمريكية ردا على زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي لتايوان.
هذا التصعيد أثار مخاوف عديدة خشية اتخاذ الولايات المتحدة إجراءات مضادة خاصة على الصعيد الاقتصادي.
فبعد أن عانى الاقتصاد العالمي من ويلات الحرب الروسية على أوكرانيا وقيام الدول الغربية بمعاقبة الدب الروسي، أدرك الجميع التأثير السلبي الذي يمكن أن تتسبب فيه أي صراعات قد تنشب بين القوى العظمى في العالم والذي يمتد تأثيره الاقتصادي للجميع.
ففي ظل حرب روسيا على أوكرانيا شهدت أسعار العديد من السلع الأساسية ارتفاعا كبيرا مما فاقم من نسب التضخم في الكثير من دول العالم، كما تأثرت سلاسل الإمداد المتضررة أصلا من جائحة كورونا وارتفعت أسعار النقل والشحن بشكل كبير.
وقد يتكرر هذا السيناريو بشكل أسوأ بكثير في حال نشوب صراع بين الولايات المتحدة والصين، ويشهد الاقتصاد العالمي نزيفا أكبر بكثير مما لديه في الوقت الحالي.
سيناريو مغاير
وكما أن سيناريو الصراع قد يبدو قاتما وينذر بتبعات شديدة القسوة، فإن الأمر قد يكون مختلفا تماما إذا حدث العكس وهو تعاون كلا البلدين لمصلحة اقتصادهما ومصلحة الاقتصاد العالمي.
وتمتلك كل من الولايات المتحدة والصين مقومات اقتصادية ضخمة تجعلهما في مصاف الدول التي تقود الاقتصاد العالمي.
عناصر قوة الاقتصاد الأمريكي
واقتصاد الولايات المتحدة هو اقتصاد متقدم إلى حد كبير، وقائم على نظام اقتصاد السوق.
كما يعد الاقتصاد الأمريكي أكبر اقتصاد في العالم من ناحيتي الناتج المحلي الإجمالي الاسمي وإجمالي الثروة.
وفي عام 2021، حلّ الاقتصاد الأمريكي في المرتبة الخامسة من ناحية الناتج المحلي الإجمالي الاسمي للفرد، والمرتبة السابعة من ناحية الناتج المحلي الإجمالي على أساس تعادل القوة الشرائية للفرد الواحد.
وتعتبر الولايات المتحدة الاقتصاد الأقوى تقنيًا، والأكثر ابتكارًا، على الصعيد العالمي، وتبرز قوة الاقتصاد في مجالات الذكاء الاصطناعي والحاسوب والأدوية والطب والفضاء الجوي والتقنية العسكرية خصوصًا.
ويعد الدولار الأمريكي العملة الأكثر استخدامًا في التجارة الدولية، والعملة الرئيسية في احتياطي العملات التي تحتفظ بها المصارف والدول، مدعومًا باقتصاد الولايات المتحدة، والإيداعات الآجلة بالدولار خارج مصارف الولايات المتحدة، ووزارة الخزانة الأمريكية.
ويعد الدولار الأمريكية عملة رسمية في عدة دولٍ أخرى، وعملة سائدة فعليًا في دول أخرى. كما تحتل الولايات المتحدة المرتبة الأولى من ناحية الواردات، والثانية من ناحية الصادرات، على الصعيد العالمي.
وتعد بورصتا نيويورك وناسداك أكبر سوقين للأوراق المالية في العالم من ناحية القيمة السوقية وحجم التداول. كما تبلغ قيمة الاستثمارات الأجنبية في الولايات المتحدة 4 تريليون دولار، في حين تتجاوز قيمة الاستثمارات الأمريكية في الدول الأجنبية مبلغ 2.6 تريليون دولار.
عناصر قوة الصين
ويعد اقتصاد جمهورية الصين الشعبية هو ثاني أكبر اقتصاد عالمي بعد اقتصاد الولايات المتحدة وقد سبق اقتصاد اليابان في عام (2010)، كما تعتبر الصين أسرع اقتصاد كبير نامي والأسرع في الثلاثين سنة الماضية بمعدل نمو سنوي يتخطى ال 10 %.
كما قلص نمو الناتج القومي للفرد الفقر بمعدل 8% سنويا في العقود الثلاثة الأخيرة.
كما تعتبر الصين هي أكبر دولة تجارية وأكبر مصدر وثاني أكبر مستورد في العالم.
ومع استعراض القوة الاقتصادية لكل من البلدين يتضح الآفاق التي يمكن أن يبلغها الاقتصاد العالمي في حال اذا تعاون كلا البلدين على دعم اقتصاد العالم وعدم دخولها في صراعات مشتركة.
قيادة مشتركة
هذه الفرضية ركز عليها "فريد بيرجستين"، مؤسس معهد "بيترسون" للاقتصاد الدولي، في كتابه الذي يحمل اسم "الولايات المتحدة في مواجهة الصين: البحث عن قيادة اقتصادية دولية" "The United States vs. China: The Quest for Global Economic Leadership".
ويقترح بيرجستين منهجاً أسماه بـ "التعاون التنافسي المشروط"، ويعني تعاون الولايات المتحدة والصين في قيادة عدد من الملفات الاقتصادية الدولية المهمة.
ويوفر هذا المنهج حلا عبر برامج أمن اجتماعي أقوى وآليات لمعالجة مشكلة عدم المساواة المقترنة بالعولمة، التي توفر قدرًا أكبر من الأرباح لكنها توزعهم بنحو غير متساو بين السكان.