ناشطة بيئية: أصوات الجنوب العالمي يجب أن تقود العدالة المناخية في COP30

في ظل التحديات البيئية المتصاعدة، يبدو أن مستقبل الغابات بات على المحك أكثر من أي وقت مضى، ومع اقتراب انعقاد COP30، تشتد النقاشات حول ما إذا كان هذا المؤتمر سيمثل نقطة تحول في مسار العمل المناخي العالمي، أم لا؟
تعد الغابات أحد أهم خطوط الدفاع الطبيعية في مواجهة تغير المناخ، لكنها أيضا من أكثر الأنظمة البيئية هشاشة أمام موجات الاستغلال التجاري والتوسع الصناعي والزراعي غير المستدام.
في خضم هذه الأزمة، يعلو صوت الحركات الاجتماعية والمنظمات النسوية البيئية التي تطالب بتحول جذري في السياسات الدولية، بعيدا عن الحلول الشكلية التي أثبتت فشلها في كبح التدهور المستمر.
من هذا المنطلق، يبرز دور الناشطة فالنتينا فيغيرا مارتينيز، منسقة حملة العدالة بين الجنسين والغابات في التحالف العالمي للغابات (GFC)، التي ترى أن الأجندة البيئية الحالية بحاجة إلى "تحوّل جذري"، يتجاوز الحلول التقنية إلى مساءلة المنظومات الاقتصادية والسياسية التي تقف وراء تدمير الطبيعة.
في هذا الحوار الخاص مع "العين الإخبارية"، تتحدث مارتينيز عن رؤيتها للتحول المطلوب في إدارة الغابات، ودور الحركات النسوية والجنوبية في إعادة تعريف العدالة المناخية، وكيف يمكن لمؤتمر COP30 أن يكون فرصة حقيقية لإعادة رسم ملامح علاقة البشرية بالكوكب.
كيف تنظرين إلى وضع الغابات العالمي اليوم في ظل الأزمات الاقتصادية والسياسية الراهنة؟
الغابات اليوم تمر بمرحلة حرجة للغاية، فالأزمة المالية العالمية وتبعاتها خلقت بيئة محفزة لمزيد من الاستغلال غير المستدام للموارد الطبيعية.
بدلا من تقليل الضغوط على النظم البيئية، نرى الحكومات والشركات تستخدم الأزمات الاقتصادية لتبرير التوسع في الأنشطة الملوثة.
هذا الواقع يهدد ملايين الأشخاص الذين يعتمدون على الغابات في معيشتهم، ويمس مباشرة التنوع البيولوجي العالمي.
تحدثتِ عن "أجندة تحويلية حقيقية للغابات"، ما المقصود بذلك تحديدا؟
الأجندة التحويلية الحقيقية هي التي تتعامل مع الأسباب الجذرية لفقدان الغابات، وليس فقط مع أعراض المشكلة.
نحن بحاجة إلى إجراءات مناخية عاجلة تتحدى النظام الاقتصادي الأبوي القائم على الربح غير المحدود، والذي يضع النمو الاقتصادي فوق كل اعتبار.
هذا النظام هو الذي يدفع نحو إزالة الغابات، وتدمير الموائل، وإقصاء المجتمعات المحلية عن أراضيها. إذا لم نواجه هذه المنظومة البنيوية، فلن تنجح أي مبادرة لحماية الغابات، مهما كانت نواياها حسنة.
البعض يرى أن بعض مؤتمرات المناخ لم تحقق تقدما ملموسا في هذا الملف، ما تقييمك لذلك؟
صحيح، على مدى عقود، فشلت بعض مؤتمرات الأطراف (COP) في إنتاج حلول حقيقية. ما نراه غالبا هو تكرار لنفس الأخطاء: التركيز على الأسواق، وتمويل الكربون، ومبادرات مثل REDD+، التي تروج على أنها حلول "خضراء"، لكنها في الواقع تمنح الشركات الكبرى أدوات جديدة للربح على حساب البيئة وحقوق الشعوب الأصلية. هذه المبادرات تخفي خلفها مصالح اقتصادية ضخمة، بينما يظل صوت المجتمعات المتضررة مهمشا.
هل يمكن أن يكون مؤتمر COP30 مختلفا هذه المرة؟
نأمل ذلك، COP30 يعقد في البرازيل، أي في قلب واحدة من أهم مناطق الغابات في العالم، الأمازون. هذا يمنحه رمزية خاصة وفرصة استثنائية لطرح قضية الغابات من منظور العدالة البيئية والاجتماعية.
لكن التغيير لن يأتي من القادة السياسيين وحدهم، بل من الضغط الشعبي والتحالفات المدنية التي تفرض على الحكومات التزامات حقيقية.
المطلوب هو أجندة تتجاوز الأهداف التقنية إلى مواجهة المنظومات التي تسمح بتدمير الكوكب.
كيف يمكن للحركات الشعبية والنسوية أن تلعب دورا فاعلا في هذا التحول؟
التحالفات بين الحركات الشعبية والنسوية والمدافعين عن الغابات تمثل اليوم الأمل الأكبر للتغيير، نحن نعمل عبر قمة الشعوب نحو COP30، وهي منصة تجمع أكثر من 800 حركة اجتماعية وبيئية من مختلف أنحاء العالم، لتقديم بديل حقيقي للمسار الرسمي للمفاوضات.
هذه القمة تطالب بإقصاء جماعات الضغط التابعة للوقود الأحفوري، وإنهاء "الحلول الزائفة"، والاعتراف بدور النساء والشعوب الأصلية كقادة في حماية البيئة. بدون هذه الأصوات، لا يمكن تحقيق عدالة مناخية حقيقية.
ما الذي يميز مقاربة العدالة المناخية النسوية في معالجة قضايا الغابات؟
النهج النسوي في العدالة المناخية يعيد تعريف العلاقة بين الإنسان والطبيعة على أساس الرعاية والمسؤولية المشتركة وليس السيطرة والاستغلال.
النساء في المجتمعات المحلية غالبا ما يكنّ في الخطوط الأمامية لإدارة الموارد الطبيعية، وهنّ الأكثر تضررا من الكوارث البيئية. عندما نُمكن النساء ونستمع إليهن، فإننا لا نحمي الغابات فحسب، بل نعيد بناء منظومة قيمية أكثر عدلا وإنسانية.
هناك حديث متزايد عن "الحلول القائمة على الطبيعة" كبديل مستدام، هل ترينها مجدية؟
المفهوم في ذاته جيد، لكن تطبيقاته الحالية في كثير من الأحيان مُضللة. بعض الحكومات والشركات تستخدم شعار "الحلول القائمة على الطبيعة" لتبرير استمرار الانبعاثات أو لتسويق مشاريع تجارية تحت ستار الاستدامة.
يجب أن نكون واضحين، لا يمكن تعويض تدمير غابة بزارعة أخرى اصطناعية، ولا يمكن شراء براءة بيئية عبر "أسواق الكربون". الحلول الحقيقية هي تلك التي تحافظ على النظم البيئية الأصلية وتعيد السلطة إلى المجتمعات التي تعيش فيها وتحميها منذ قرون.
ما الذي يجب أن يكون محور التحول في COP30 حتى يسجل نقطة تحول حقيقية؟
يجب أن يكون محور COP30 هو العدالة البيئية والاقتصادية معا. لا يمكننا حماية البيئة دون إعادة النظر في النظام المالي العالمي الذي يكرس الفقر والتبعية والاستغلال.
نحن بحاجة إلى نموذج جديد يُعيد توزيع الموارد، ويُحمّل الدول والشركات الكبرى مسؤولية تاريخية عن الانبعاثات، ويمول انتقالا عادلا نحو اقتصاد أخضر حقيقي.
مؤتمر COP30 يمكن أن يكون لحظة مفصلية فقط إذا استمع العالم إلى الجنوب العالمي، وليس إذا أعاد إنتاج أصوات القوى نفسها التي أوصلتنا إلى هذه الأزمة.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuODYg جزيرة ام اند امز