التضخم يجتاح العالم ببطء.. هل تعود الأسعار لزمن الوباء؟
على الرغم من ارتفاع الأجور في السنوات الأخيرة، لكن دخل الأسرة الحقيقي المتاح بدأ بالتراجع بالتزامن مع ارتفاع التضخم.
في الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو ارتفعت أسعار المستهلك لمستويات تاريخية غير مسبوقة، بينما قفزت الأسعار في الولايات المتحدة إلى قمة 41 عاما في يونيو/حزيران الماضي، ومثلها في المملكة المتحدة.
أمام هذه الأزمات المتصاعدة في أسعار السلع الاستهلاكية، يعيش المواطنون حول العالم حالة من الترقب لأيام الأسعار المقبولة، وهذا لم يكن بعيدا، الحديث هنا عن قبل عامين وثلاثة أعوام فقط.
واعتاد المستهلكون التحدث بحزن عن كيف كانت تذاكر السينما بقيمة 3 دولارات في الثمانينيات، أو كيف أن سعر وجبة الكشري في مصر لا تتجاوز 8 جنيهات قبل 10 سنوات، لكنهم يشعرون اليوم بالحنين إلى تلك الأسعار.
الأسعار في هذه الأيام لم تعد كما كانت عليه من قبل، في فبراير/شباط الماضي ارتفع مؤشر أسعار المستهلك في الولايات المتحدة بنسبة 6% وفاقت النسبة 32% في مصر، إنه أعلى مستوى منذ عام 2017.
أسعار السلع أصبحت محل مقارنات على منصات التواصل الاجتماعي حول العالم، لدرجة أن عديد المستهلكين في الولايات المتحدة وأوروبا يشعرون بالحنين إلى أسعار السلع التي كانت عليها خلال تفشي جائحة كورونا.
عادة ما يتراكم الحنين إلى سعر سابق ووقت على مدى سنوات عديدة، إذ أدى التضخم الأخير إلى تسريع تلك العملية مما جعل الكثير منا يشعر بهذه المقارنات قبل الأوان، تمام كما كان يفعل أجدادنا، وفق تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال.
في مقالة أوردها المنتدى الاقتصادي العالمي نهاية العام الماضي، قال فيه إنه حنين المستهلكين والاقتصاديين بين عشية وضحاها، والشعور بأن السعر كان مناسبا، لكنه لم يعد كذلك، يمكن أن يكون مؤلما.
وعلى الرغم من ارتفاع الأجور في السنوات الأخيرة، لكن دخل الأسرة الحقيقي المتاح، وهو مؤشر على مدى تحمل تكلفة الحياة في وقت معين، ارتفع في وقت مبكر من الوباء وبدأ في الانخفاض في منتصف عام 2021.
على سبيل المثال، رفعت المملكة المتحدة الأجور في 2022 بنسبة 5%، إلا أن الأجور الحقيقية (الزيادة في الأجر مخصوم منها نسبة التضخم)، انكمشت بنسبة 2.9%، أي أن الأجر الحقيقي تراجع ولم يرتفع.
وأمام هذه التغيرات في الأجور الحقيقية مقارنة مع التضخم المستشري عالميا، فإن السنوات السابقة كانت أفضل حالا من الحالية، بالنظر إلى ارتفاع تكاليف المعيشة وارتفاع الحاجة إلى الاستهلاك بما يفوق الدخل.
لكن وول ستريت في تقرير تضيف مزيدا من العاطفة للحنين إلى أسعار السنوات القادمة، لأن المستهلكين يذكرون تلك الفترة كاملة وليس فقط الأسعار، إنهم يتذكرون الحنين إلى النمط الذي كانت عليه حياتهم.
والشهر الماضي، قالت محافظ البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد، إنه من غير المرجح أن تنحرف الأسعار إلى المستوى الذي كانت عليه قبل عامين.. "الأمل هو أن تتباطأ ارتفاعات الأسعار".
وعلى الرغم من أن التضخم بدأ في إظهار علامات على التراجع عن أعلى مستوياته في عدة عقود، والتي وصلت إليها العديد من البلدان في أعقاب الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا، إلا أن التباطؤ ما يزال أسوأ من المتوقع.
وما تزال أحدث الأرقام لمعظم الاقتصادات الكبرى في العالم مثيرة للقلق، مع استمرار ارتفاع ضغوط الأسعار مع استمرار الحرب في أوكرانيا في الحفاظ على ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء.
لكن الضغوط خفت في بعض البلدان وانخفضت أسعار الطاقة والأغذية بالجملة، يتوقع الاقتصاديون والمستثمرون أيضًا استقرار مستويات التضخم في السنوات القليلة المقبلة.
واستجابت البنوك المركزية بسلسلة من زيادات أسعار الفائدة، على الرغم من أن ارتفاع تكاليف الاقتراض يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الضغط على الدخل الحقيقي.
aXA6IDMuMTQuMTM0LjE4IA== جزيرة ام اند امز