أسواق المال العالمية تدفع ثمن حرب التجارة ورفع الفائدة الأمريكية
ربحية أسواق المال العالمية تتراجع معظم أشهر 2018 وزادت حدة الانخفاض الأشهر الأخيرة بعد تصاعد الحرب التجارية بين الصين وأمريكا.
تراجعت ربحية أسواق المال العالمية معظم أشهر 2018، فيما زادت حدة الانخفاض الأشهر الأخيرة من العام بعد تصاعد الحرب التجارية بين الصين وأمريكا بخلاف تباطؤ محتمل في نمو الناتج المحلي الإجمالي للعالم فضلاً عن سياسات البنوك المركزية التي تميل للتشديد النقدي.
وقال بنك التسويات الدولية في تقرير في 18 ديسمبر الجاري "عمليات البيع الكثيفة التي شهدتها أسواق المال العالمية في الآونة الأخيرة لن تكون الأخيرة على الأرجح، مع تأقلم المستثمرين، مع تنامي تشديد السياسات النقدية ومخاطر حدوث تباطؤ اقتصادي عالمي".
ويضيف "شهد العام الحالي انخفاضات كبيرة في الأسهم الأوروبية والآسيوية، وحتى الأمريكية التي تحول أداؤها للعام الحالي إلى التراجع بعد ارتفاع لـ10 سنوات. وشهد ربع السنة الأخير تنامي المخاوف بشأن النمو الاقتصادي العالمي وفي الولايات المتحدة في الوقت الذي يتصاعد فيه ضجيج الحرب التجارية".
وبنك التسويات الدولية هو مظلة تضم البنوك المركزية العالمية، ويُنظر إلى تقاريره كمؤشر على التفكير السائد خلف الأبواب المغلقة لاجتماعاته الفصلية.
الفيدرالي الأمريكي
ولعل أهم مؤشرات 2018 التي أثرت على الأسواق، قيام الفيدرالي الأمريكي بالتخلي عن السياسة النقدية للبنك التي كانت تميل إلى التيسير النقدي، ومن ثم اتجاهه لرفع الفائدة 4 مرات خلال العام، ومن المتوقع أن تليها ثلاث زيادات في عام 2019 وأخرى في عام 2020 تماشياً مع التوقعات السابقة.
ووفق تقارير دولية "يعني اتجاه رفع الفائدة زيادة تكلفة الأموال، ما يسهم في تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي، نظرا لارتفاع تكلفة خدمة الدين في الولايات المتحدة ومن ثم كساد اقتصادي عالمي بسبب انخفاض مستويات السيولة اللازمة لتمويل المشروعات على مستوى العالم، بالإضافة إلى اتجاه اقتصاديات الدول المرتبطة الدولار لرفع الفائدة للحفاظ على سعر صرف عملتها المحلية، ومن ثم استنزاف احتياطياتها المالية من جهة وتباطؤ نمو اقتصادياتها من جهة أخرى".
ويقول متابعون: "تمثلت أبرز مظاهر الاختلال في أسواق المال العالمية في اتجاهها للهبوط، لتتراجع البورصات الأمريكية، ويفقد ناسداك نحو 11% من قيمته خلال 2018، كما تراجع استاندرد آند بورز 12.4%، وفقد داو جونز 12%".
الأسهم الآسيوية
وسجلت الأسهم الآسيوية خسائر حادة خلال العام الحالي مع استعداد البورصات الرئيسية لإنهاء العام في المنطقة الحمراء، لكن على الرغم من ذلك فإن بنك "جي.بي.مورجان" لإدارة الأصول لا يزال يفضلها. وكانت أسواق الأسهم الصينية هي الخاسر الأكبر في آسيا هذا العام حتى الآن، حيث تراجع مؤشر "شنغن" المركب بنحو 24.5% في 2018، كما سجل مؤشر "شنغهاي" خسائر بأكثر من 26% بالفترة نفسها. وفي هونج كونج، فإن مؤشر "هانج سينج" فقد نحو 13.5% من قيمته، كما سجلت البورصات الآسيوية الأخرى خسائر ملحوظة، حيث تراجع مؤشر "نيكي" الياباني بأكثر من 15.5% وفقد مؤشر "توبكس" الأوسع نطاقا 21.5% من قيمته.
وعلق محمد سعيد خبير أسواق المال لـ"العين الإخبارية" قائلا إن عام 2018 يعد استثنائيا من حيث الاضطرابات التي شهدتها أسواق المال العالمية.
وأوضح "في سوق وول ستريت وعلى الرغم من بقائه معظم فترات العام بالقرب من أعلى مستوياته على الإطلاق، حيث قارب مؤشر داو جونز الصناعي الأشهر مستوى 27 ألف نقطة عدة مرات خلال العام، إلا أن سياسة التضييق التي ينتهجها الفيدرالي بالرفع المتكرر للفائدة على الدولار الأمريكي أبت ألا تنهى العام بانخفاضات حادة في الأسهم الأمريكية لتغلق العام عند أدنى مستوياته.
وأضاف سعيد أن انخفاضات الأسهم الأمريكية لم تكن هي الأسوأ، مشيرا إلى المواجهة الصريحة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والمركزي الأمريكي وهو أكثر ما يبعث على القلق.
النفط
وبالنسبة لأسواق المال في أوروبا، فقد أوضح خبير أسواق المال أن عام 2018 كان مليئاً بالأحداث المؤثرة أبرزها عودة التباطؤ إلى اقتصادات بعض الدول الأوروبية بشكل واضح وبعد سنوات معدودة من أزمة ديون اليونان برزت الأزمة الإيطالية، كما اشتعلت المواجهات بين أصحاب السترات الصفراء في باريس وبين الدولة اعتراضا على سياسات الدولة التي عمدت إلى رفع الأسعار بقرار من طرف واحد.
وبالنسبة لأسوق النفط، قال الخبير الاقتصادي: "شهدت تذبذبات واسعة خلال 2018، ففي حين ارتفعت لمستويات قياسية بداية الربع الأخير من العام محققة مستويات وصلت إلى 87 دولارا، إلا أن التشاؤم بشأن مستقبل الاقتصاد العالمي أعاد النفط مرة أخرى للتراجع الحاد ليبلغ سعر البرميل من خام برنت مستوى 50 دولارا، ولم ينقذه حتى قرار منظمة الأوبك بخفض الإنتاج.
aXA6IDQ0LjE5Mi45NS4xNjEg
جزيرة ام اند امز