اختبار عالمي وسط فوضى الرسوم.. صندوق النقد يحذر من تباطؤ مرتقب

توقع صندوق النقد الدولي، الثلاثاء، أن يكون للرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والإجراءات التي اتُخذت رداً على ذلك، تأثير كبير على الاقتصاد العالمي هذا العام، متحدثاً عن تباطؤ مرتقب في النمو.
وتتوخى المؤسسة التي تتخذ من واشنطن مقراً لها، الحذر في توقعاتها الأخيرة بسبب "تعقيد المرحلة الراهنة وسرعة تبدّلها". ومع ذلك، فإنها توقعت أن يصل النمو العالمي إلى 2.8% هذا العام، وهو رقم تم تعديله نزولا بنحو 0.5 نقطة مئوية مقارنة بتقديراتها السابقة في يناير/كانون الثاني 2025.
منعطف حاسم وسط تحولات في السياسات
وتفصيلاً لما جاء في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي -إصدار أبريل/نيسان 2025- والذي صدر عن صندوق النقد الدولي تحت عنوان "منعطف حاسم وسط تحولات في السياسات"، قال الصندوق: "بعد تَحَمُّلِ سلسلة من الصدمات غير المسبوقة لفترة مطولة، يبدو أن الاقتصاد العالمي قد استقر مع اطراد معدلات النمو وإن كانت دون المستوى المأمول.
وأضاف، "ومع هذا، فقد تغير المشهد بعد أن أعادت الحكومات في أنحاء العالم ترتيب أولويات سياساتها وتصاعد عدم اليقين إلى مستويات جديدة غير مسبوقة".
وتابع صندوق النقد، "وخُفِّضَت التنبؤات للنمو العالمي بشكل ملحوظ مقارنة بتقرير يناير/كانون الثاني 2025 عن (مستجدات آفاق الاقتصاد العالمي)، انعكاساً لبلوغ معدلات التعريفات الفعلية مستويات لم نرها منذ قرن مضى وبيئة يتعذر التنبؤ بها إلى حد بعيد. ويُتَوَّقَع تراجع التضخم الكلي العالمي بوتيرة أبطأ قليلا من توقعات يناير/كانون الثاني".
ويهيمن تفاقم مخاطر التطورات السلبية على الآفاق، وسط تصاعد التوترات التجارية وعمليات التصحيح في الأسواق المالية. وقد يؤدي تباعد مواقف السياسات وتغيرها بسرعة أو تدهور المعنويات إلى زيادة التشديد المالي العالمي. وقد يُفضي تصعيد حرب تجارية وتصاعد عدم اليقين بشأن السياسات التجارية إلى زيادة عرقلة آفاق النمو على المديين القصير والطويل. وقد يشكل تقلص التعاون الدولي خطرا على التقدم نحو اقتصاد عالمي أقدر على الصمود، وفقاً لتقرير صندوق النقد الدولي.
وعند هذا المنعطف الحاسم، ينبغي للبلدان -بحسب صندوق النقد الدولي- العمل بشكل بنّاء لتعزيز بيئة تجارية مستقرة قابلة للتنبؤ وتسهيل التعاون الدولي، مع معالجة الفجوات في السياسات والاختلالات الهيكلية في الداخل. وذلك للمساعدة على ضمان الاستقرار الاقتصادي الداخلي والخارجي.
ولحفز النمو وتخفيف الضغوط المالية، يمكن تنفيذ سياسات تدعم الشيخوخة الصحية وتعزز مشاركة الأشخاص المتقدمين في العمر والنساء في سوق العمل. وعلاوة على ذلك، يمكن تعزيز نمو الإنتاجية بدمج المهاجرين واللاجئين على نحو أفضل وتخفيف مسألة عدم توافق المهارات المعروضة مع المطلوبة في سوق العمل.
- الإمارات والصين تعقدان أول اجتماع للجنة التعاون الاستثماري.. شراكة استراتيجية متنامية
- إطلاق تطبيق «اصنع مع أدنوك».. لتعزيز التصنيع المحلي والنمو الصناعي
تراجع النمو الأمريكي
توقع صندوق النقد الدولي أن تعاني اقتصادات أمريكا الشمالية من انتكاسة شديدة هذا العام بسبب الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب والإجراءات المضادة من المكسيك وكندا.
وأشارت المؤسسة في توقعاتها إلى أن الاقتصاد الأمريكي سينمو بنسبة 1.8% هذا العام، ما يمثل انخفاضاً بنحو 0.9 نقطة مقارنة بتقديراتها السابقة في يناير/كانون الثاني الماضي، فيما يبلغ النمو الاقتصادي المتوقع في كندا 1.4% (بتراجع 0.6 نقطة مئوية). وحتى المكسيك التي يعتمد اقتصادها بشكل كبير على الواردات من جارتها الأمريكية، قد تجد نفسها في حالة ركود، مع انكماش بنسبة 0.3% (بتراجع 1.7 نقطة مئوية).
تباطؤ الاقتصاد الصيني
فيما خفّض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الصين في العام 2025 إلى 4%، بحسب تقرير آفاق الاقتصاد العالمي، ما يبعد البلاد أكثر عن الهدف الرسمي الذي حددته بكين في خضم الحرب التجارية مع واشنطن.
ويمثل هذا التوقع الجديد الذي نُشر في إطار أحدث تقرير لصندوق النقد الدولي حول آفاق الاقتصاد العالمي، انخفاضاً حاداً مقارنة بتوقعات الصندوق الأولية التي أعلنها في يناير/كانون الثاني الفائت والتي بلغت 4.6%.
تداعيات مؤثرة للرسوم على منطقة اليورو
وخفّض، أيضاً، صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو في منطقة اليورو إلى 0.8% هذا العام، بتراجع من 0.2 نقطة مئوية مقارنة بتوقعاته الأخيرة في يناير/كانون الثاني الماضي، نتيجة الزيادات على الرسوم الجمركية التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وخفض الصندوق توقعاته للاقتصادات الكبرى في منطقة اليورو، إذ بات يتوقع نمواً معدوماً في ألمانيا، و0.6% في فرنسا، و0.4% في إيطاليا، بانخفاض يتراوح بين 0.2 و0.3 نقطة مقارنة بتقديرات صندوق النقد الدولي في يناير/كانون الثاني.