تغير المناخ ومشاكل التنفس.. الحرارة والجفاف وراء التهاب الشعب الهوائية

إنّ عملية التنفس معقدة للغاية؛ لكنها من أهم أسباب البقاء، وفي الإنسان، إذا قل الأكسجين أو انعدم وجوده، قد يودي ذلك بحياته.
ولتتم تلك العملية بنجاح، يدخل ويخرج الهواء عبر الشهيق والزفير عبر أنابيب تحمل الهواء من وإلى الرئتين. وعند التهاب بطانة تلك الأنابيب، يحدث ما يُسمى بـ"التهاب في الشعب الهوائية".
وقد كشفت دراسة حديثة عن أنّ الاحتباس الحراري قد يتسبب في التهاب في الشعب الهوائية البشرية؛ نتيجة جفاف الهواء الناتج عن التغيرات المناخية؛ ما يؤدي إلى جفاف في الشعب الهوائية، ونشر الباحثون دراستهم في دورية "كوميونيكاشنز إيرث آند إينفيرونمنت" (Communications Earth & Environment) في 17 مارس/آذار 2025.
ما علاقة الاحتباس الحراري؟
الاحتباس الحراري، يعني ارتفاع متوسط درجات الحرارة في الغلاف الجوي؛ نتيجة ارتفاع نسب الغازات الدفيئة، ومع ارتفاع درجات الحرارة مع ثبات الرطوبة النسبية، تزداد خاصية "نقص ضغط البخار" (VPD)، وهو مصطلح يُشير إلى مدى احتياج الهواء للماء؛ فكلما ارتفع نقص ضغط البخار، زاد معدل تبخر الماء، ما يؤدي إلى جفاف النظم البيئية.
أراد مؤلفو الدراسة معرفة تأثر هذا الهواء الجاف على الشعب الهوائية البشرية. لذلك، أجروا تجربة من خلالها عرضوا خلايا بشرية تُبطن مجرى الهواء العلوي إلى الهواء الجاف. ولاحظوا التهاب الخلايا.
تجربة أخرى أجراها الباحثون على فئران التجارب؛ إذ عرضوا فئران سليمة وفئران تعاني من جفاف سابق في مجرى الهواء إلى الهواء الجاف المتقطع لمدة أسبوع. وأظهرت النتائج أنّ الفئران التي تعاني من الجفاف مسبقًا، أظهرت استجابة التهابية عالية، على عكس الفئران الأخرى التي تعرضت للهواء الرطب فقط.
مخاطر مستقبلية
ومن خلال دراسة نموذجية للمناخ أجراها الفريق البحثي؛ فإنهم يتوقعون أنّ معظم سكان أمريكا سيكونون أكثر عرضة لخطر التهاب مجرى الهواء خلال النصف الثاني من القرن الحادي والعشرين؛ نتيجة ارتفاع درجات الحرارة وجفاف الهواء. وأشاروا أيضًا إلى أنّ هذه النتائج تحمل آثارًا سلبية على عمليات فسيولوجية أخرى في جسم الإنسان، خاصة العين.
يؤثر التغير المناخي على الصحة بصورة ملحوظة، لذلك حظي باهتمام خاص في أثناء مؤتمر الأطراف المعني بتغير المناخ في دورته الثامنة والعشرين (COP28) في إكسبو دبي بالإمارات العربية المتحدة عام 2023. وخُصص له يوم هناك، وخرج إعلان للصحة. وكانت تلك إشارة إلى أهمية دمج القطاع الصحي في العمل المناخي؛ بعد سنوات طويلة من الأبحاث والدراسات التي تُؤكد على التأثيرات الصحية للتغيرات المناخية. والحقيقة أنّ أخذ الصحة بعين الاعتبار ضرورة قصوى؛ خاصة في ظل هذه الأزمات البيئية.