شبهة فساد جديدة لـ"صنع الله".. مستندات تكشف بيع مقدرات ليبيا
شبهة فساد جديدة تزكم أنوف الليبيين، كان بطلها مصطفى صنع الله الذي ظل 8 أعوام، قابضا على خزائن ليبيا بتحكمه بالنفط، مصدر دخلها الوحيد.
فمن خلال مستندات، حصلت "العين الإخبارية" على نسخة منها، كشفت عن صفقة "فاسدة" تعود للعام 2018، تمثلت في تمرير رئيس المؤسسة الوطنية للنفط المقال مصطفى صنع الله، اتفاقية صاحبتها شبهات فساد، وافق بموجبها على بيع حصة ماراثون أويل الأمريكية لشركة توتال الفرنسية، بالمخالفة للقانون الليبي.
تلك المستندات كانت أساسًا للصراع بين وزير النفط بحكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية محمد عون ورئيس مؤسسة النفط المقال مصطفى صنع الله، وخاصة بعد أن اعترض الأول (قبل أن يكون وزيرًا) على تمرير تلك الصفقة.
وحذر محمد عون (قبل أن يصبح وزيرًا) وخمسة خبراء نفطيين آخرين الدولة الليبية من صفقة كان (في ذلك الوقت) صنع الله يريد تمريرها بالمخالفة للقانون الليبي، ممثلة في بيع حصة ماراثون أويل الأمريكية لشركة توتال الفرنسية.
تلك الصفقة التي كانت ستتم بشكل سري قبل أن يفضح أمرها، مما وضع صنع الله في خانة الاتهام بالتربح بشكل خاص منها، بعد مجاملته فرنسا والولايات المتحدة بإتمامها بالمخالفة للقانون الليبي.
بداية القصة
في 2 مارس/آذار 2018 كشفت "توتال" عن اتفاقها مع "ماراثون أويل"، لشراء حصتها البالغة 16.33% من امتياز حقل الواحة جنوب مدينة أجدابيا شرقي ليبيا، بصفقة تبلغ 450 مليون دولار.
ورغم سرية تلك الصفقة، إلا أن صنع الله وتلك الشركات كانت قد أتمت الأمر، وهو ما فضحته تصريحات للرئيس التنفيذي لتوتال باتريك بويان في ذلك الوقت، قائلا للصحفيين إن "الصفقة في حكم المبرمة ".
تمرير الصفقة أكدها حينها المتحدثة باسم ماراثون أويل، والتي قالت آنذاك إن "الشركة تلقت بالفعل مدفوعات مقابل بيع حصتها"، مما أحرج مصطفى صنع الله الذي امتنع عن التعليق رغم المطالبات بذلك، إلى أن أعلن رسميا في 10 ديسمبر/ كانون الأول 2019 موافقة مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط الذي كان يترأسها آنذاك على الصفقة.
تأكيد فرنسي
تبع ذلك تأكيد فرنسي، ببيان نشرته الشركة الفرنسية عبر موقعها الإلكتروني، قالت فيه إن "عملية الشراء ستمنح توتال حق الوصول إلى احتياطات وموارد تتجاوز 500 مليون برميل من النفط مع إنتاج فوري يبلغ 50 ألف برميل يوميًا".
صاحب ذلك استنكار واسع وانتقادات لصنع الله، لا سيما وأن الصفقة جاءت بالمخالفة للقوانين المنظمة لقطاع النفط المعمول بها في ليبيا والتي نصت على اختصاص وزير النفط أو الحكومة بتحديد الجهة التي لها حق التصرف في الحالات المشابهة لتلك الصفقة، وهو ما نص عليه قانون النفط رقم (25) لسنة 1955 .
ونص القانون رقم 24 لسنة 1970 على ذلك أيضا، إضافة إلى غيره من القرارات التي تبنت موقفا مشابها مثل القرار رقم (10) لسنة 1979 بشأن إعادة تنظيم المؤسسة الوطنية للنفط.
كما ينص القانون الليبي –أيضًا- على عرض حصة أي شركة تريد البيع على الدولة الليبية أولا؛ فهي أحق بالشراء قبل عرضها في السوق النفطي، وهو ما لم يتم آنذاك.
صنع الله يتحدى
ورغم ذلك الاستنكار الذي بدر من الجهات الرسمية وغير الرسمية في ليبيا ضد تمرير تلك الصفقة إلا أن صنع الله المدعوم خارجيًا لم يلق بالا بها، بل اكتفى بالتعليق، قائلا إن "خيار استحواذ الجانب الليبي على حصة ماراثون أمر صعب؛ نظرا للالتزامات المالية للتشغيل وتنفيذ خطط التطوير وزيادة الإنتاج، إضافة إلى عدم وجود شريك محلي لديه الإمكانيات المالية والتقنية اللازمة لتطوير الامتيازات وزيادة الإنتاج".
تلك الحجة دحضها خبراء اقتصاديون ليبيون، قائلين إن "هيئة الاستثمار الليبية التي تملك مليارات الدولارات كان يمكنها أن تكون شريكا للمؤسسة في شراء الحصة الأمريكية من امتياز النفط الليبي بدلا من أن تذهب إلى شركة أجنبية".
كما دحضت حجة صنع الله، مؤسسة النفط التابعة للحكومة المعينة من قبل البرلمان آنذاك برئاسة عبد الله الثني التي رأت أن عدم ترسية الصفقة على الجانب الليبي لعدم امتلاك الدولة الموارد الكافية "يعد كلامًا لا يحمل أي معنى من الحقيقة"، مضيفة أنه "كان بالإمكان تمويل هذه الصفقة لو كان لدى صنع الله ومن حالفه النية الصادقة على عدم التفريط في ثروات البلاد وبيعها دون مبرر اقتصادي في هذا التوقيت بالذات".
وفيما اعتبرت أن ما قام به صنع الله "تلاعبًا بموارد الشعب الليبي"، دعت نقابة عمال شركة الواحة للنفط في بيان لها في ذلك الوقت إلى "التوقف عن العبث بقوت الليبيين ".
تساؤلات مشروعة
من جانبه، طرح الاقتصادي الليبي الرماح التير في تدوينة نشرها عبر حسابه بـ"فيسبوك"، في ذلك الوقت، تساؤلات على تلك الصفقة ودور مصطفى صنع الله فيها، قائلا: لماذا لم تبع حصة شركة ماراثون في شركة الواحة لإحدى مؤسسات الاستثمار الليبية؟ هل لعدم وجود الرغبة في الاستثمار في الداخل؟ وهل يمكن أن يهمل مستثمر له من العلم والحكمة والفطنة فرصة استثمارية كهذه؟ ولماذا لم يتم شراء شركة الواحة الحصة المملوكة للشريك الأجنبي لتصبح ليبية بالكامل؟
وأضاف "التير"، أن :" الأمر لا يخلو من شيئين إما شبهة فساد، وفي هذه الحالة يجب أن تحمل المسؤولية لمجلس إدارة الشركة والمؤسسة الوطنية للنفط وللمجلس الرئاسي، أو أنها صفقة سياسية لدغدغة العواطف التوتالية ومن ورائها الفرنسية وفي هذه الحالة هي استخفاف بمقدرات الوطن".
أساس الخلاف والإطاحة
ووفق المستندات التي حصلت "العين الإخبارية" على نسخة منها، فإن تلك الصفقة كانت بداية الخلاف بين مصطفى صنع الله ومحمد عون وزير النفط بحكومة الوحدة منتهية الولاية الذي كان من أشد الرافضين لتلك الصفقة، والذي كان سببا رئيسيا في الإطاحة بمصطفى صنع الله من منصبه قبل أسبوع.
وكان عون أكد في تصريحات سابقة، أن "مصطفى صع الله يتحرك من الغرب ويجامل بريطانيا وأمريكا"، مشيرًا إلى أن "صنع الله افتتح مكتبا في أمريكا متجاوزا الحكومة الليبية قبل أعوام".
aXA6IDE4LjExOS4xOS4yMDUg جزيرة ام اند امز