هل يهبط الذهب في مصر إلى 2000 جنيه للجرام؟.. حسابات معقدة
شهدت أسواق الذهب في مصر حالة من التذبذب والتأرجح في الأسعار خلال الفترة الماضية، متجهة إلى انخفاض أكثر الأعيرة انتشارا في مصر.
وهو عيار 21 الذي انخفض اليوم 30 جنيها مقارنة بسعره أمس، هذا الانخفاض الذي طال المعدن النفيس تسببت فيه عدة عوامل، أهمها مبادرة السماح بواردات الذهب بدون جمارك، والتي وصل إجمالي الذهب الوارد إلى مصر بدون رسوم جمركية إلى حوالي 300 كيلوجرام من الذهب، وهو ما يزيد من المعروض من الذهب ليواجه الطلب على السبائك والعملات الذهبية.
كما كان أهم العوامل الذي ساهم في الحد من الطلب الكبير على أسواق الذهب خلال الفترة الأخيرة هو ضعف السيولة النقدية لدى المشاركين في الأسواق بعد استحقاق شهادات الـ18% التي ضخت ما يزيد عن 700 مليار جنيه في الأسواق، وحاز الذهب على نسبة كبيرة من هذه السيولة، وهو ما تسبب في ارتفاع أسعاره إلى المستوى القياسي عند 2800 جنيه للجرام.
وبحلول إجازة عيد الأضحى ظل غياب الطلب على المعدن النفيس، بالإضافة إلى عمليات المضاربة على أسعار الذهب التي عادت إلى الأسواق مجدداً منذ كسر المستوى 2200 جنيه للجرام عيار 21 وتسجيل أدنى مستوى، والذي انخفض عند 2130 جنيها للجرام، حيث سجلت أسعار الذهب عيار 21 الأكثر شيوعاً اليوم الإثنين 2220 جنيها للجرام، منخفضاً من أعلى سعر سجله يوم أمس عند 2260 جنيها للجرام تقريباً، بينما سجل سعر الجنيه الذهب اليوم 17760 جنيها، فهل يهبط الذهب في مصر إلى 2000 جنيه للجرام؟
وقد أعلنت الشعبة العامة للذهب والمجوهرات بالاتحاد العام للغرف التجارية عن زيادة قيمة المصنعية للمشغولات الذهبية بنسبة 10% بدءا من شهر يوليو/تموز، طبقا لما هو مقرر تنفيذه بناءً على بروتوكول المحاسبة الضريبية الموقع بين الشعبة ومصلحة الضرائب المصرية، كما ستعتبر السبائك عيار 24 وزن 100 جرام فأقل من المشغولات الذهبية بناءً على قرار الدكتور علي مصلحي وزير التموين والتجارة الداخلية الصادر برقم 94 لسنة 2023.
تشهد الأسواق المحلية استقرارا خلال الفترة الحالية، فقد قام البنك المركزي المصري خلال اجتماعه الأخير بتثبيت أسعار الفائدة دون تغيير عند 18.25% للمرة الثانية على التوالي وللمرة الثالثة منذ بداية العام، ليوافق بذلك توقعات الأسواق التي ترى أن رفع الفائدة حالياً لن يفيد الاقتصاد حتى مع عودة معدلات التضخم إلى الارتفاع في مايو/أيار الماضي بسبب رفع سعر السولار.
توقعات أسعار الذهب العالمية والمحلية
تحاول أسعار الذهب في البورصة العالمية حالياً الاستقرار فوق المنطقة السعري 1900-1910 دولارات للأوقية، والتي تمثل منطقة دعم هامة للأسعار وفي حال كسرها ينفتح الباب إلى المزيد من الانخفاض الفني إلى مستويات 1880 ومن بعدها 1850 دولارا للأوقية.
حتى الآن فرص الهبوط متزايدة بالنسبة للذهب خاصة مع استقراره تحت المتوسط المتحرك لـ100 يوم عند المنطقة من 1930 إلى 1940 دولارا للأوقية، وعودة الذهب إلى اختبار هذه المنطقة واختراقها لأعلى يضعف فرص الهبوط بشكل كبير.
المتوقع أن يستمر تذبذب الذهب بين مناطق 1900 و1930 دولارا للأوقية خلال الفترة القادمة مع ترقب الأسواق للبيانات الاقتصادية وأحداث الأسواق التي قد تساعد في خروج الذهب من هذه المنطقة، وإن كان الهبوط هو الغالب حالياً على مستويات الأسعار.
يأتي هذا في ظل استمرار الضغوط السلبية على الذهب بسبب التوقعات برفع أسعار الفائدة من قبل الفيدرالي، إلا أن الذهب أظهر مرونة حتى الآن وحافظ على تداولاته فوق 1900 دولار، خاصة أن كسر المستوى يفتح المجال لمزيد من الهبوط.
تتداول أسعار الذهب الفورية اليوم الإثنين وقت كتابة التقرير الفني لجولد بيليون عند المستوى 1912 دولارا للأوقية، منخفضاً بنسبة 0.3%، وذلك بعد أن انخفض خلال الأسبوع الماضي وسجل أدنى مستوى في 3 أشهر عند 1892 دولارا للأوقية.
وأنهى الذهب تداولات النصف الأول من عام 2023 منخفضاً بنسبة 5%، بعد أن سجل انخفاض خلال كل من شهر مايو/أيار ويونيو/حزيران، منخفضاً من أعلى مستوى تاريخي سجله عند 2080 دولارا للأونصة، وفق التحليل الفني لجولد بيليون.
وخلال الربع الثاني من العام فقد الذهب أكثر من 50 دولارا وسجل انخفاضا بنسبة 2.5%، وذلك بعد أن تأثر المعدن النفيس باستمرار سياسة التشديد النقدي من قبل البنك الاحتياطي الفيدرالي واستمرار عمليات رفع الفائدة.
الأسبوع الماضي شهد بيانات هامة عن الاقتصاد الأمريكي أظهرت تراجعا في مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الجوهري الذي يعد مقياس التضخم المفضل للبنك الفيدرالي إلى 4.6% من 4.7% خلال شهر مايو/أيار، ولكنه يظل أعلى من مستهدف التضخم لدى البنك عند 2%.
من جهة أخرى استمر الاقتصاد الأمريكي في النمو خلال الربع الأول من العام وسجل 2% بأفضل من التوقعات، ساهمت هذه البيانات في اظهار مرونة الاقتصاد الأمريكي في تحمل المزيد من التشديد النقدي ورفع الفائدة من قبل الفيدرالي، وهو ما ساعد على زيادة التوقعات برفع الفائدة في اجتماع يوليو القادم.
بيانات النمو الأمريكية ساهمت الأسبوع الماضي في دفع أسعار الذهب إلى الانخفاض لأدنى مستوى في 3 أشهر عند 1892 دولارا للأوقية، قبل أن تعود إلى التعافي والاستقرار فوق المستوى 1900 دولار للأوقية بفعل بيانات التضخم التي شهدت تراجع ما يدل على استجابة التضخم لتحركات الفيدرالي.
تماسك الدولار وارتفاع عوائد السندات
تداول الدولار الأمريكي اليوم الإثنين على ارتفاع وفقاً لمؤشر الدولار الذي يقيس أداؤه مقابل سلة من 6 عملات رئيسية والذي ارتفع بنسبة 0.2%، بعد ارتفاع خلال الأسبوعين الماضيين لينهي الربع الثاني من العام بدون تغير تقريبا ويبقى التذبذب هو المسيطر على أداء الدولار خلال النصف الأول من العام.
أما عن العائد على السندات الحكومية الأمريكية فقد شهد ارتفاع كبير خلال الأسبوع الماضي في ظل تزايد التوقعات برفع الفائدة من قبل الفيدرالي خلال اجتماعه القادم، حيث ارتفع العائد على السندات لأجل 10 سنوات خلال الأسبوع الماضي بنسبة 3.2%، وسجل أعلى مستوى في 3 أشهر عند 3.892%.
ارتفع العائد على السندات لأجل عامين الأكثر تأثراً بتغيرات أسعار الفائدة خلال الأسبوع الماضي بنسبة 3.7% بينما سجل اليوم أعلى مستوى منذ بداية شهر مارس عند 4.959%.
ارتفاع العائد على السندات يزيد من تكلفة الفرصة البديلة لامتلاك الذهب باعتبار المعدن النفيس لا يقدم عائد مقابل امتلاكه على عكس السندات، بالإضافة إلى هذا فلإن ارتفاع الدولار مع بداية الأسبوع يزيد من الضغط السلبي على الذهب الذي يعد سلع تسعر بالدولار.
انخفاض كبير في الطلب على عقود شراء الذهب
أظهر تقرير التزامات المتداولين المفصّل الصادر عن لجنة تداول السلع الآجلة، والذي يُظهر وضع المضاربة على الذهب للأسبوع المنتهي في 27 يونيو، انخفاض الطلب على عقود شراء الذهب مقارنة مع التقرير السابق بمقدار 8427 عقدا بينما ارتفع الطلب على عقود بيع الذهب مقارنة مع التقرير السابق بواقع 2638 عقدا.
أظهر التقرير أيضاً ارتفاع إجمالي قرارات التداول على عقود شراء الذهب إلى 240 أمر تداول بينما وصلت أوامر التداول على عقود بيع الذهب إلى 166 أمر تداول.
البيانات المتأخرة الصادرة عن تقرير لجنة تداول السلع الآجلة (COT) تظهر انخفاض الطلب على عقود الشراء وارتفاع عقود البيع وهو ما يعكس ضعف النظرة المستقبلية للذهب على المدى القصير في ظل توقعات رفع أسعار الفائدة.
ولكن بشكل عام يبقى الذهب متماسك بدعم من التوقعات بالركود الاقتصادي الذي قد يضرب الاقتصاد الأمريكي والعالمي نهاية هذا العام بسبب عمليات رفع الفائدة المستمرة من قبل البنوك المركزية العالمية، وهو الأمر الذي يزيد من الطلب على الذهب كملاذ آمن في الأسواق.
من جهة أخرى نجد أن صناديق الاستثمار المدعومة بالذهب تشهد تراجع كبير في أداءها خلال الأسبوع الماضي وذلك من جراء ضعف أسعار الذهب وارتفاع العائد على السندات الحكومية الأمر الذي يسحب الاستثمارات من صناديق الاستثمار بشكل كبير.
صندوق SPDR الاستثماري المدعوم بالذهب والذي يعد أكبر صندوق في العالم بإجمالي رأسمال يصل إلى 60 مليار دولار، شهد خلال الأسبوع الماضي انخفاض لأدنى مستوياته منذ 3 أشهر، مسجلاً انخفاض للأسبوع الثالث على التوالي.
أهم ما ينتظر الذهب هذا الأسبوع
يحمل هذا الأسبوع عددا من البيانات والحداث الهامة في الأسواق العالمية، والتي من شأنها أن تساهم في حركة الذهب بشكل كبير، حيث يصدر هذا الأسبوع محضر اجتماع البنك الاحتياطي الفيدرالي الأخير والذي شهد تثبيت أسعار الفائدة دون تغيير، وستراقب الأسواق أية تفاصيل عن الاجتماع في محاولة لمعرفة مستقبل أسعار الفائدة الأمريكية خلال الفترة القادمة.
من جهة أخرى تصدر هذا الأسبوع بيانات قطاع العمالة عن الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تصدر بيانات العمالة في القطاع الخاص وإعانات البطالة الأسبوعية بالإضافة إلى تقرير الوظائف الحكومي الأهم عن شهر يونيو/حزيران والذي يصدر نهاية هذا الأسبوع.
ترجع أهمية بيانات قطاع العمالة أن البنك الفيدرالي أشار في أكثر من مناسبة إلى أن قرار الفائدة القادمة ستعتمد على البيانات الاقتصادية، وبالأخص بيانات قطاع العمالة وبيانات التضخم.