
في زمن الاضطراب الجيوسياسي والتضخم العالمي، يعود الذهب إلى الواجهة كـ«ملاذ آمن» تقليدي. لكن بعد ارتفاعاته المتتالية واستقراره عند مستويات تاريخية، تُطرح أسئلة جدية: هل ما زال استثمارًا ذكيًا؟ أم أن بريقه يخفي مخاطر مضاعفة؟
في هذا السياق، نقلت صحيفة "ويست فرانس" الفرنسية عن الاقتصادي الفرنسي فيليب كريفيل، تحذيراته من السقوط في فخ التوقعات الخاطئة.
الذهب: بين التاريخ والتقلبات
وقال الخبير الاقتصادي الفرنسي فيليب كريفل إنه "منذ آلاف السنين، يشكل الذهب رمزًا للثقة والقيمة، موضحاً أن "الذهب كان جزءًا من أنظمة التبادل منذ العصور القديمة"، وشكّل لقرون قاعدة النظام النقدي العالمي، حتى أوقفت الولايات المتحدة تحويل الدولار إلى ذهب عام 1971.
وأشار كريفل إلى أن الذهب ليس مجرد عنصر تاريخي؛ لكن خصائصه الفيزيائية النادرة، مثل الكثافة العالية، ومقاومة التآكل، والندرة، تجعله مخزنًا للقيمة، موضحاً أنه لو كان حديدًا، لما اعتُبر ملاذًا آمنًا".
الذهب في خزائن الدول الكبرى
حتى بعد اعتماد العملات العائمة، تواصل البنوك المركزية الكبرى تخزين الذهب. "كلما كانت الدولة أقوى، زادت رغبتها في الاحتفاظ بالذهب"، وفقاً لكريفيل.
وتتصدر الولايات المتحدة، وألمانيا، والصين، وروسيا، وإيطاليا الترتيب العالمي لاحتياطات الذهب. أما فرنسا، فتملك أكثر من 2400 طن، لتحتل المرتبة الرابعة عالميًا (باستثناء صندوق النقد الدولي).
هل ما زال الذهب استثمارًا جيدًا؟
وقال كريفيل:" الجواب ليس بسيطًا، فقد ارتفعت أسعار الذهب بأكثر من 50% في أقل من عام، مدفوعة بأزمات متلاحقة: كورونا، حرب أوكرانيا، التضخم، وأخيرًا التوترات في الشرق الأوسط".
لكن كريفيل يحذر: "الذهب لا يدر أرباحًا، ولا فوائد، ولا توزيعات. هو أصل ذو طابع مضاربي بحت". من يشتري عند القمة قد ينتظر سنوات لاستعادة رأسماله، موضحاً أن "الذهب يشبه البيتكوين: يرتفع ويهبط. لا بد من وعي كامل بذلك".
هل الوقت مناسب للشراء؟
ورداً على سؤال هل الوقت مناسب لشراء الذهب، قال كريفيل: "ليس الآن. صحيح أن الذهب ارتفع، لكن حاليًا الأسعار عند مستويات مرتفعة جدًا، والاحتمال الأكبر أن تنخفض لا أن ترتفع".
وأضاف:" مع استقرار الأونصة حول 2500 دولار، وتباطؤ التضخم، وامتصاص الأسواق لأخبار الحروب والتقلبات السياسية، يبدو السوق وكأنه "على هضبة".
كيف تستثمر؟ وبأي مبلغ تبدأ؟
وفقاً للخبير الاقتصادي الفرنسي فإن الاستثمار في الذهب لم يعد حكرًا على الأغنياء، بمبلغ 200 إلى 300 يورو فقط، يمكن البدء بشراء سبائك صغيرة، عملات ذهبية، أو حتى عبر أدوات مالية مثل صناديق المؤشرات (ETF) أو أسهم شركات تعدين الذهب.
ولمن يخشى السرقة، هناك حلول رقمية أو تخزين بنكي، لكن مع تكاليف إضافية، ينصح كريفيل: "الأفضل الاعتماد على منصات موثوقة ووسطاء مرخصين".
هل يمكن البيع بسهولة؟
ورأى الخبير الاقتصادي الفرنسي أن الذهب سلعة مدرجة في البورصات العالمية، ما يجعل بيعها وشراءها سهلًا، موضحاً أن الضريبة تعتمد على ما إذا كنت تحتفظ بإثباتات الشراء. فبدونها، تُفرض ضريبة ثابتة.
وتابع:" أما إذا كانت المستندات متوفرة، فتُفرض الضريبة فقط على الأرباح"، مؤكداً: "السؤال ليس متى يمكن البيع، بل متى يجب البيع"، كما حذر من الخطأ الشائع بالشراء عند الذروة وانتظار سنوات طويلة دون بيع.
كم يجب أن تستثمر في الذهب؟
وأشار "أبدًا لا تراهن بكل مدخراتك على الذهب" كما ينصح بجعل الذهب جزءًا من 5 إلى 10% من المحفظة فقط، بهدف الحماية لا الربح. وأضاف: "الذين يميلون للاستثمار في الذهب غالبًا ما يكون لديهم نظرة تشاؤمية تجاه المستقبل".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTU0IA== جزيرة ام اند امز