المثلث الذهبي.. مصر تستعد لطرح أكبر مشروع لتنمية إقليم الصعيد
تتحرك مصر بخطى ثابتة منذ سنوات لإطلاق سلسلة من المشروعات القومية الضخمة التي تهدف إلى النهوض بالاقتصاد وتوفير فرص عمل للمجتمع.
يأتي في قلب هذه المشروعات الاستدامة وحماية البيئة وإنشاء بنية تحتية قوية، خاصةً في صعيد مصر الذي ظل بعيدًا عن عملية التنمية لفترة طويلة. ويُعد مشروع المثلث الذهبي واحدًا من بين عدد من المشروعات التي تحاول الدولة تحقيقها حاليًا، ويعتبر من أهم المشروعات القومية وأحد أهم المشروعات التنموية التي تعتمد على الثروات المعدنية في جنوب مصر.
وفي هذا الإطار، قررت الحكومة المصرية إنشاء مجلس الاستثمار والصناعة والتصدير "المثلث الذهبي" تحت رعاية رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي وعدد من الوزراء ورئيس جمعية رجال الأعمال المشتركة ومجموعات الأعمال والصناعة والمستثمرين.
كشف محمد أبو الغيط، نائب رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية للمثلث الذهبي في جنوب مصر، عن دراسة لطرح المناطق الصناعية في المثلث على المطورين الصناعيين الذين سيقومون بتقسيمها إلى وحدات إنتاجية مختلفة وتطويرها وفق مخططات تفصيلية.
وتبلغ المساحة الإجمالية للمنطقة الاقتصادية للمثلث الذهبي 2.2 مليون فدان على شكل مثلث على ساحل البحر الأحمر يربط بين مدينتي القصير وسفاجا في القاعدة ومحافظة قنا في القمة.
ومن المتوقع أن يتم الانتهاء من المخطط الرئيسي للمنطقة، بما في ذلك المناطق الفرعية، قريبًا وسيبدأ الترويج والتسويق لها.
وأكد أبو الغيط أن الحكومة تلقت طلبات الاستثمار في المنطقة وجارٍ الآن عملية تسعير الأراضي والإعلان عن طرحها المرتقب.
وتسعى الحكومة المصرية إلى تعميق القطاع الصناعي في الاقتصاد المصري من خلال طرح الأراضي الصناعية في إطار مخططات مختلفة، بما في ذلك التملك والامتيازات، وتحديد الأسعار على أساس تكلفة التطوير للمتر المربع الواحد.
ما هو مشروع المثلث الذهبي؟
اتخذت مصر خطوات جادة لتطوير قطاع التعدين وزيادة مساهمته في الاقتصاد الوطني. ويأتي ذلك في إطار استراتيجية شاملة لتطوير قطاع التعدين بمختلف أنشطته بهدف تعظيم الاستفادة من ثروات مصر التعدينية وزيادة قيمتها المضافة وزيادة مساهمة الأنشطة التعدينية في الناتج المحلي الإجمالي في إطار خطة تحويل مصر إلى مركز تعديني عالمي، وكذلك لجذب الاستثمارات ويبدأ هذا الأمر بتطوير التشريعات ذات الصلة.
تهدف رؤية تطوير قطاع التعدين إلى زيادة مساهمة صناعة التعدين في الناتج المحلي الإجمالي إلى حوالي 5% خلال العشرين عاماً القادمة. ويُعد مشروع المثلث الذهبي أكبر مشروع تنموي سيستفيد منه جنوب مصر. تطل هذه المنطقة على البحر الأحمر وتوفر منفذاً إلى الخليج وشرق آسيا وأفريقيا، كما أنها منطقة بالغة الأهمية ترتبط بوسط وجنوب أفريقيا عبر ميناء أسوان والساحل ونهر النيل.
أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي القرار الجمهوري رقم 341 لسنة 2017 بإنشاء المنطقة الاقتصادية للمثلث الذهبي. وتنص المادة الأولى من هذا القرار المنشور في الجريدة الرسمية على أن تعتبر الأراضي الواقعة في المثلث الذهبي (القصير وسفاجا وقنا وقفط) منطقة اقتصادية خاصة وفقاً لأحكام المناطق الاقتصادية ذات الطبيعة الخاصة، وذلك دون المساس بالملكيات القائمة داخلها.
المثلث الذهبي
المثلث الذهبي هو منطقة على شكل مثلث في صحراء مصر الشرقية، وأركانها قنا - سفاجا - القصير. تقع قاعدة المثلث على ساحل البحر الأحمر ويبلغ طول المسافة بين سفاجا والقصير 80 كم تقريباً. يبلغ طول الطريق بين قنا - سفاجا 164 كم تقريبًا ويشكل الضلع الأول للمثلث، أما الضلع الثاني فهو الطريق بين قفط - القصير الذي يبلغ طوله 174 كم تقريبًا، مع وجود خط فاصل واضح على الخريطة بطول 10 كم تقريبًا من قنا إلى قفط، مما يعطي المثلث مساحة إجمالية تبلغ 7000 كم2 تقريبًا.
ويجري تنفيذ المشروع على 6 مراحل، حيث تستغرق المرحلة الأولى خمس سنوات وسيستغرق إنجاز المرحلة الأولى حوالي 30 عامًا.
الأهمية الاستراتيجية للمنطقة
اختارت الحكومة المصرية هذه المنطقة (قنا وسفاجا والقصير) لأنها: غنية بالموارد الطبيعية، حيث تمثل أكثر المناطق الغنية بالموارد، إذ تضم ما يقرب من 72% من موارد مصر المعدنية وهي غنية بالمعادن الفلزية واللافلزية مثل: الزنك والنحاس والحديد والذهب والفضة والجرانيت وخام الفوسفات والعديد من الصناعات الاستراتيجية الأخرى. كما أن المنطقة غنية بشكل خاص بالمعادن الهامة المستخدمة في الصناعات ذات القيمة الاقتصادية العالية.
وقد مكّنت هذه الوفرة في الموارد المعدنية من بناء مصانع جديدة لإنتاج الإسمنت والزجاج والسيليكون والكيماويات ورقائق الكمبيوتر، مع وجود مشاريع تستخدم مواد خام مثل الطين والحجر الجيري لإنتاج الإسمنت، والصخر الزيتي لإنتاج البترول. وعلاوة على ذلك، تقع منطقة المثلث الذهبي في منطقة أبو طرطور التي تستحوذ على النسبة الأكبر من احتياطي الفوسفات في مصر.
وتحتل مصر المرتبة السابعة عالميًا من حيث احتياطي الفوسفات الذي يقدر بحوالي 1.3 مليار طن، والمرتبة التاسعة من حيث الطاقة الإنتاجية للفوسفات بحوالي 5 ملايين طن.
ما هي أهداف المثلث الذهبي؟
وفقًا للوثائق الحكومية، تهدف الدولة إلى إنشاء مجتمعات عمرانية جديدة لجذب السكان وتخفيف الضغط السكاني في المناطق العمرانية القائمة.
كما يهدف المشروع إلى إنشاء مناطق استثمارية ذات خصائص خاصة بالأنشطة التعدينية والصناعات التي تعتمد عليها، والتي تعد جاذبة للمستثمرين المحليين والأجانب، خاصة في قطاع التعدين، والاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية المتاحة في مختلف أنحاء مصر.
وتوفر منطقة المثلث الذهبي فرصاً تنموية هامة، بما في ذلك خام الفوسفات المستخدم في صناعة الأسمدة، وخام الأسمنت المنتج من الشست، والحجر الجيري، وخام الذهب، وإنتاج النفط من الصخر الزيتي، بالإضافة إلى محاجر الحجر الجيري والصخر الزيتي العاملة حالياً في المنطقة.
ويهدف المشروع إلى إنشاء مركز عالمي متكامل (صناعي واقتصادي وتجاري ولوجستي وسياحي) وإنشاء منطقة اقتصادية جديدة للتنمية المستدامة في جنوب مصر.
يقول الخبير المالي الدكتور محمد عبدالرحيم إن الهدف الرئيسي للمشروع هو تنمية المواد الخام في مصر مثل الذهب وخام الفوسفات وزيادة عائدها للاقتصاد المصري. وتستهدف الدولة المصرية استثمارات إجمالية تقدر بحوالي 16.5 مليار دولار خلال حوالي 30 عامًا من التنفيذ، وستشمل مشروعات التنمية قطاعات مختلفة منها الزراعة والسياحة والتجارة والتجارة والصناعة وخاصة التعدين.
محاور مشروع المثلث الذهبي
يتضمن المشروع عدة محاور رئيسية تعتمد عليها منطقة مشروع المثلث الذهبي وهي: تطوير ميناء ومدينة سفاجا. ويهدف المشروع إلى تحويل ميناء سفاجا إلى ميناء تجاري وصناعي دولي: حيث سيتم إنشاء أرصفة جديدة بأعماق مائية مختلفة جنوب الميناء الحالي لإنشاء ميناء متعدد الأغراض من أجل: الصب الجاف، والبضائع العامة، والحاويات، والشحن والتفريغ، والنقل البحري. بالإضافة إلى تطوير ميناء الحمراوين وتكامله مع ميناء سفاجا للتجارة في المناجم والحجر والمواد التعدينية المصنعة، وكذلك تطوير مدينة القصير لتصبح وجهة سياحية عالمية وخاصة للسياحة البيئية.
وبالإضافة إلى ذلك، سيتم إنشاء مركز لوجستي واقتصادي شمال غرب سفاجا، يشمل عددًا من الأنشطة التعدينية والاستخراجية، ويضم منطقة لوجستية ومركزًا ماليًا وتجاريًا ومركزًا للتسوق التجاري ومساكن إدارية وفندقية ومناطق ترفيهية مفتوحة. يوضح الرسم البياني التالي أهمية مشروع المثلث الذهبي، مع مقترحات لإنشاء منطقتين صناعيتين تبلغ مساحة كل منهما أكثر من 100 كم مربع، في منتصف الطريق تقريباً بين طريقي سفاجا وقنا.
aXA6IDMuMTQ3LjY4LjM5IA== جزيرة ام اند امز