مراقبون: اتفاق الحكومة و"الشعبية" يحرك جمود السلام بالسودان
الحركة الشعبية قيادة عقار تمثل أحد الفصائل المسلحة المهمة في تحالف الجبهة الثورية وتسيطر على أجزاء من ولاية النيل الأزرق
بعد أشهر من الشد والجذب في العاصمة جوبا، وقعت الحكومة السودانية اتفاقا إطاريا مع الحركة الشعبية لقطاع الشمال بقيادة مالك عقار، في خطوة كبيرة حركت جمود ملف السلام، وفق مراقبين.
وسادت حالة من الجمود ملف السلام السوداني وتعثرت المحادثات الجارية في جوبا لأكثر من مرة ولم يحدث تقدم، نتيجة خلافات بين الحكومة والفصائل المسلحة من جهة، وأخرى بين الجبهة الثورية وائتلاف الحرية والتغيير.
لكن محللين رأوا أن الاتفاق مع الحركة الشعبية قيادة مالك عقار يحفز بقية الفصائل المسلحة على المضي قدما في سبيل تحقيق السلام وإبرام اتفاقيات مماثلة مع الحكومة الانتقالية.
- الحكومة السودانية توقع اتفاق سلام إطاريا مع الحركة الشعبية الجمعة
- "الترتيبات الأمنية" على طاولة مفاوضات فرقاء السودان بجوبا
ووقعت الحكومة الانتقالية السودانية، الجمعة، مع "الحركة الشعبية - شمال" برئاسة مالك عقار، اتفاق سلام إطاريا بجوبا.
وقال المحلل السياسي عمرو شعبان إن الاتفاق يعد خطوة إيجابية كبيرة في مسار عملية السلام في السودان التي تعطلت كثيرا مقارنة بالمواعيد المضروبة لإنهاء الحرب من قبل الحكومة الانتقالية.
وأوضح شعبان، خلال حديثه لـ"العين الإخبارية"، أن توقيع اتفاق مع حركة كبيرة ذات وزن يشجع الفصائل الأخرى على المضي قدما في طريق السلام، خاصة الفصيل الثاني من الشعبية الذي يقوده عبدالعزيز الحلو والذي سيختبر جدية السلطة الانتقالية في التعاطي مع ملف منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق".
وأضاف "هذا الاتفاق جاء في توقيت مهم، حيث دبت حالة اليأس بشأن السلام خلال الأيام الماضية، كما سيدفع العالم للنظر بإيجابية للسلطة الانتقالية ومقدرتها على إنهاء الحرب، بعد أن كان مشفقا عليها".
من جهته أكد الصحفي والمحلل السياسي أحمد حمدان أن الاتفاق الإطاري مع الشعبية قيادة عقار يمثل نقلة نوعية في مسار العملية السلمية، حيث فشلت حكومة البشير في إحداث اختراق كهذا بعد عشرات الجولات التفاوضية.
وقال حمدان لـ"العين الإخبارية": "إنه يستوجب اتباع هذه الخطوة بمزيد من الإرادة السياسية والمضي قدما في سبيل التوصل لاتفاق سلام شامل ينهي عقود من الحرب الأهلية في البلاد".
وأضاف: "لا يزال طريق السلام طويلا وما تم اليوم يمثل خطوة مهمة تنتظر المزيد من العمل حتى تتحول إلى واقع".
بدورها، أشارت القيادية في الحركة الشعبية قيادة عقار إحسان عبدالعزيز إلى أن الاتفاق أتى بإرادة سياسية حقيقية بين الطرفين وبمجهود مقدر من الوساطة الجنوب سودانية.
واعتبرت أن الاتفاق الإطاري مكسب كبير للسودانيين وجماهير منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق والنازحين واللاجئين بصفة خاصة.
كما شدد على أهمية الاتفاق كونه وضع الإطار العام لقضايا مهمة تشتمل على المبادئ العامة والأهداف والترتيبات السياسية والحكم للمنطقتين ذات الخصوصية، بجانب ترتيبات المساعدات الإنسانية ووقف العدائيات وغيرها.
هذا، وبات قريبا توقيع اتفاق مماثل مع مسار شمال السودان الذي من المنتظر أن يتم يوم غد السبت في القصر الرئاسي بجوبا، بعد أن شهدت محادثاته تقدما، الجمعة.
وتمثل الحركة الشعبية قيادة عقار أحد الفصائل المسلحة المهمة في تحالف الجبهة الثورية، وتسيطر على أجزاء من ولاية النيل الأزرق، وتضم قيادات سياسية بارزة كياسر سعيد عرمان، وخميس جلاب وغيرهم.
كما أنها تكتسب أهميتها كونها امتدادا للحركة الشعبية لتحرير السودان ذاك الفصيل القوي الذي أسسه الراحل جون قرنق دمبيور، وخاض حربا أهلية ضد الحكومة في الخرطوم وانتهت باتفاقية السلام الشامل التي أفضت إلى انفصال جنوب السودان ٢٠١١.
وتمردت الحركة الشعبية قطاع الشمال على حكومة المعزول عمر البشير في عام ٢٠١١ بولاية جنوب كردفان، وانتقلت بعد عام إلى النيل الأزرق لتسيطر على مناطق واسعة، قبل أن تنقسم في عام ٢٠١٦ إلى فصيلين، الأول بقيادة عبدالعزيز الحلو وهو الأقوى على الأرض، والثاني بزعامة مالك عقار.
وتجري الحكومة الانتقالية في السودان المحادثات مع تحالف الجبهة الثورية من جهة، والحركة الشعبية قطاع الشمال قيادة عبدالعزيز الحلو عبر مسار منفصل، تحت وساطة حكومة جنوب السودان.
كما تدير المحادثات بشكل فردي مع مكونات الجبهة الثورية بمساراتها المختلفة التي بينها مسار دارفور والشرق والوسط والشمال، حيث يتفاوض كل واحد حول قضايا منطقته وخصوصيتها، على أن يتم الاتفاق النهائي مع التحالف ككل.
وتعثر مسار التفاوض مع فصيل الحلو، بسبب طرحه خياري علمانية الدولة السودانية أو تقرير المصير لمنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، حيث ترى الحكومة أن الفيصل في طبيعة الحكم يجب أن يتم عبر مؤتمر دستوري.
لكن زيارة رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك مؤخرا إلى "كاودا"، معقل الحركة الشعبية قيادة الحلو التي ظلت معزولة لنحو ٩ سنوات، أعطت نوعا من التقارب وفتحت آفاقا للسلام، وفق مراقبين.
ويعول السودانيون على توقيع اتفاق سلام شامل ينهي عقود من الحروب الداخلية، ويشكل ذلك أحد المطالب الرئيسية لثورة ديسمبر/كانون الأول التي أسقطت حكم الإخوان بقيادة المعزول عمر البشير.
إلى جانب أنه مطلب شعبي، فإن الدوائر السياسية تنظر التوصل إلى سلام من أجل استكمال هياكل السلطة الانتقالية، بتشكيل المجلس التشريعي وتعيين حكام مدنيين للولايات التي تم إرجاؤهما بموجب اتفاق مع الحركات المسلحة.
aXA6IDMuMTM2LjI2LjE1NiA=
جزيرة ام اند امز